السوري حسن إبراهيم سمعون
السوري حسن إبراهيم سمعون

كتب الناقد:سامر خالد منصور.عن تجربة الشاعر السوري: حسن إبراهيم سمعون نموذجاً مُكرِّساً للهوية و الانتماء ..

السوري حسن إبراهيم سمعون

السوري حسن إبراهيم سمعون
السوري حسن إبراهيم سمعون
السوري حسن إبراهيم سمعون
السوري حسن إبراهيم سمعون

الشاعر  سمعون :

بين بطاقة الشكر لإتحاد كتاب حمص والتحية للناقد:سامر منصور.في سياحته بصحيفة رأي اليوم.

سياحة نقدية في بعض مجموعاتي الشعرية أجراها ونشرها الصديق المحترم الأستاذ سامر منصور

في صحيفة رأي اليوم فله ولأسرة رأي اليوم فائق الشكر والتقدير

بطاقة شكر :

شكرا جمهور حمص المحترم شكرا لأسرة فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص شكرا لكل من شرفنا بالحضور …

شكرا للشخصيات الأدبية والاعتبارية والإعلامية والإدارية
لحظات طيبة قضيناها وتشاركناها

مع الزملاء الصديق الدكتور يوسف حطيني والأخت سمر تغلبي

والأخت أميمة إبراهيم رئيسة الفرع بأمسيتنا الشعرية في مقر فرع الاتحاد

محبتي وتقديري للجميع ودمتم بخير 17/7/2024

*********

الشعر عندما يكون مُكرِّساً للهوية و الانتماء:

تجربة الشاعر السوري حسن إبراهيم سمعون نموذجاً

سامر خالد منصور:

للشاعر حسن إبراهيم سمعون مجموعات شعرية عدّة منها :

” إمضاء على الشاهد ، مقامات التاسوعاء ، قصار الصور ، صلاة في قبَّة الخوذة ” وهي غزيرة بموضوعاتها ، متنوعة بموسيقا ”

بحور الشعر :

وبرغم استرسال الشاعر سمعون في القول الشعري المُشبع بالمعنى

 

و إضفائه لطابع الشعر القصصي على بعض مقاطع قصائده

 

إلا أن ميزة أهم تجلت في قدرته على أنسنة الأشياء من أماكن ومكونات جامدة وحتى السنين والزمان أنسنه ،

وقد جمع بين ما هو مادي و ما هو معنوي في تشكيله الشعري ،

حيث نجد الصور الشعرية تأخذنا إلى مَجرَّة ترقص مُولويتها وفجأة نجد أنفسنا ندخل ثقب حَجَريّ الرَحى ،

كما تطالعنا مُفردات مَلكية كانت تقترن ببواعث عظمة الماضي كالرخام ، النحاس ، الحرير ، الفضة البخور .. إلى آخره .

قصية نفحة عشتار:

مما جاء في قصيدته ” نفحة عشتار ” صفحة 89 من مجموعته الشعرية ” صلاة في قُبَّة الخوذة ” ، على لسان السوري :

صَعبٌ أن تَـحْـشُرَ أقـواسي
في جَـدولِ ضَربِ الأرقامِ
صَعبٌ أن تَـطرَحَ قَـمحي..
من كومَةِ غَـيـمٍ حُبـلى
خَـلقـتْ ( بَعلاً ) (5)

ليَـضُـخَّ الحِبرَ بأرحامي
والأصعبُ جَـذرُ الأيَّامِ
فالجَذرُ الأِسُّ بتَـقويمي
(والأبجدُ هـوَّزُ) بَـيـدَرُه ُ
بِـنِـقـوشٍ ألِـفَـتْ أخـتامي
*******

البَـيدَرُ شَرقٌ في شَرقي
والحَـبَّةُ تَـخلُـقُ أجـيالا
والجـيلُ تَـعودُ سنابلُهُ
لتَـجودَ قُـروناً وغِلالا
لن تَحْـرِقَ شَـرقي في (كازٍ)

أو
تَـقسِمَ شَرنَـقـتي الأولى
سَيكونُ عَصِّياً ومُحالا
فَحَـريري إزميلٌ سوريٌّ
أمرَ الصَّخرَ الصُّمَ فَـقالَ

 

اللغة والمفردة :

*صاغ الشاعر حسن سمعون لغة قصائدهِ من سويداء اللغة العربية

فجاءت مناسبة لما يريد قوله عن الحضارة السورية وتاريخ المنطقة عموماً ،

مما جعل المبنى خير مُبحرٍ بالمعنى في فضاءات الخيال ،

وقد تمت إحالتنا إلى قيم ومُثل الشخصية العربية من خلال استخدام مفردات تُدلل على ما يرتبط بالفروسيّة

ومثال ذلك ما جاء في القصائد ” أحرف البدع ، دَنُّ أوغاريت ، نفحة عشتار ، ثورة الرؤيا ” .

من المسائل التي تناولتها المجموعة الشعرية :

– الفقر :

شدة القهر والفقر والبؤس أشعرته بالعبثية وضرورة تحقيق شيء على أرض الواقع وعدم انتظار العدالة الغيبية

كما في قصيدة ” إمضاءٌ على الشاهد ” :

وتَفجَّرَ الألمُ الحبيسُ تساؤلاً
بِحَناجِرِ الفُقراءِ كمْ
أكلوا العَفافَ وأسكتوا
أفواهَ أطفالٍ بقِدرٍ من حَصى ؟

وتوسلوا لتغيبَ شمسٌ أبطأت
وتنامَ اشداقُ الجِياعِ فربما
ليلٌ يموتُ جنينُهُ
قبلَ الشُروق وقبلَ أنّاتِ الفُطور
فالصُبحُ مِثلَ شِفارِها

لا يأكلُ الخَزَفَ المُوشّى إنما
صَمتَ الحَزانى العابرين
من سمِّ إبراتهِ عبورَ الصّائمين
ليطهروا بصيامهم ذاك العُبور
خرقوا شقوقَ البوتقة

سالوا حُروفاً ليِّنة
إمضاؤهم ثقبَ الرُخامَ بحبرهِ
وأضافَ سِفراً في حكايا المِقصلة
غطّى الشواهدَ صارِخاً

يا ضيعتيْ …..
هل تقرئين بلحظةٍ
تلك السطور ؟؟

– انتقاد كل أيديولوجيا تمنع الإنسان من الانتماء لأخيه الإنسان :

قصيدة عندما تتكلم سورية:

أنا أمّـةٌ سوريّةٌ قبلَ الأممْ
قبلَ القلانسِ والبرانسِ والعِـمَمْ
وعتيقةٌ والشمسُ من أجلي أنا
فلقد خلقتُ الأبجدية والغِـنا
ونفختُ بالصلصال كي تجري النِعمْ

فالزيتُ والزيتونُ والفخارُ والدولابُ والمغزالُ من فيضي أنا
والخبزُ والتنورُ والهبّولُ والكشكُ المُـبطّمُ والنبيذُ وجرّةُ الأسرارِ..

من صُنعي أنا
جاء الانتقاد للأدلجة يقابله انتماء تدل عليه اللغة الجزلة

التي كتبت فيها القصائد والتي تجسمت من شغاف القلب النافرات نحو نورانية القيم الإنسانية السامية ،

كما في قصيدته بعنوان ” مَهبطٌ بعين الشمس ” :

وقطعاً ما بٌهرنا ( بالمزاوي)
وللثعبان في الذكرى قشورُ
فكيف تقارعُ البازلت حَرباً
وأنت بساحِ مَلقانا أجيرُ

برغم أن الشاعر وجَّهَ كثيراً من قصائده إلى فئة الشباب ،

إلا أنه تناول بمجملها شرائح عُمريَّة وفئات اجتماعية مُتنوعة ،

فقد تناول مُعاناة الأم السورية على سبيل المثال ، كما جاء في

قصيدة ” نشأة فطر “ :

المرأة في شعر حسن سمعون :

” صهيلها البريُّ ملحُ الكبرياء “

هذا مما قاله الشاعر حسن سمعون في المرأة ليؤكد أن قيم الفروسية ليست حِكراً على الرجل ،

فللمرأة أيضاً دورها النضالي الوطني ، وقد أشاد سمعون بالمرأة في عددٍ من قصائده ،

كما تصاعدت إشادته بها في أعلى مراقيها المتمثلة بالأمومة على وجه التحديد

حيث بقيت عصيَّةً على التدجين أو العولمة و التسليع ، و محافظة على فطرة المرأة السليمة والأنوثة بأعلى تجلياتها .

فحذار يا صهيونُ منها إنها أمُّ البطلْ
فبذي الفِقارِ تقلَّدت
والصدقُ في أفعالها
وإمامها الكَرارُ في أقوالهِ

أنّى أتى قولاً .. فعلْ
هيّا لصَهوةِ صاهلٍ
فالعادياتُ ضَوامرٌ
من كُلِّ فَجرٍ يَمَّمت
ثَغرَ الجنوبِ مَحَجَّةً
لِيَطيبَ في لُبنان بارودَ القِبَلْ

***
يا فاطمة
وحكاية الحناء تَرويها الصبيَّة
بخشونةِ الكفّين من
عِشقِ التُرابِ وهزِّ مَهدٍ يا صبيَّة
ولَّادةٌ زرّاعةُ الشهداءِ في أرضٍ زكيَّة

ومما جاء في قصيدة الشاعر حسن سمعون

بعنوان ” عذراً أيها الشهيد “

في إبراز سمو الشهادة ، نقتطف:

يانسرُ عُذراً لاحتباسِ مَحابري
ونفادِ أوراقِ الجوى بدفاتري
من أينَ أغترِفُ الكلامَ وحِبرهُ
وعيونهُ صُلبت بقاعِ مَحاجري
فالكرمُ مَذؤوبٌ وشُذاذُ اللحلِىَ

كسروا الدِّنان بِسكرةٍ مع غادرِ
ولكل أمٍّ بالشهادةِ رَحمةٌ
وفسيلُ غارٍ في رياضِ مقابري
دمعُ الثكالىَ واليتامى كوثرٌ

قطراتهُ أزكت بُخورَ مَجامِري
فاستحضرت روحَ الشهيدِ وقولهُ:
سوريَّتي أمَي وقدسُ ذخَائِري
أنتِ الأمانةُ صُنتُها بشهادتي
صونَ الوريثِ لكابرٍ عن كابرِ

– المكان في قصائد حسن سمعون :

المكان في أشعار حسن سمعون هو روح النص الشعري ، هو البوتقة التي تُسرمِدُ

ما فيها من حدث وأناس وكائنات وعواطف وما عَبرها من أمواج الزمان .

استثمر سمعون تنوع البيئات الطبيعية في سورية حيث البيئة الجبلية والساحلية والبادية ..إلى آخره ،

ليعطي كثافة في النسيج المشهدي الذي طرَّزَ فيه شخصياته الأسطورية

والمُخاطب الذي هو الإنسان السوري بكليَّة هذه الكلمة ،

وطرَّزَ فيه الحدث ، والأثر النفسي المُستمد من الطبيعة الخلابة التي مارست تأثيراً على السوريين

فاقتبسوا منها قيم العطاء والسخاء والكرم وتماهيهم معها عبر الحِقب ، حدَّ اخضرار أرواحهم .

شكَّلَ المكان رَحِمَ الحاضر دوماً ، والمُستحضر إن غاب ذكره الصريح عبر منظومة العلاقات القائمة بين الشخصيات ،

الحكائيَّة الأسطورية والحقيقية ، والمعالم الآثارية و الكائنات السورية الحضارية والطبيعية من نباتات وطيور.. إلى آخره .

كلما كاد يَستحكم بؤس ما تُجليه القصائد مما آل إليه واقع سورية من مرار ، أفاض عليها من دِنان كيانها الحضاري ،

اخضراراً ، شموخاً ، إباءً عصيَّاً على المراثي ، كريماً في انبعاثاته وولاداته ووهج الحياة وإيقاعات نبضها ،

الذي تجلى عبر تراث تزدحم فيه الحضارات العريقة.

حَرصَ الشاعر حسن سمعون على أن يَدُلَّ القارئ إلى مواقع مُعيَّنة تنتشر فيها آثارنا الحضارية من الجغرافية السورية ،

وذَكَرَ كثيراً من المعالم السورية باسمها كـ ” جبل صافون ، و رأس شمرا / أوغاريت .. إلى آخره

” كما في قصيدة ” دنُّ أوغاريت “

في مجموعته الشعرية ” صلاة في قُبَّة الخوذة “

، على سبيل المثال ، ولم يتوقف عند هذا بل حضر المكان بمكوناته الحيّة و العمرانيّة معاً ،

حيث وردت أسماء عدّة أصناف من النباتات أيضاً ،

نباتات لطالما شكلت جزءاً من مشهد الأراضي في ( سورية الكُبرى )

ومن أمثلة مفردات البيئة الطبيعية:

التي انطوى عليها التشكيل الشعري ” البلوط ، الدردار ، الوزّال ، الصفصاف “ ..

الله من طوري تجلَّت نارهُ
قبساً ومهدُ الفجرِ طيُّ نواشِري
في سندياني جبهةٌ للريح إن
عصفت وسيفُ الحقِّ قَبْضُ..

****************

سأقـطنُ في بلادٍ أنت فـيها رامسٌ
وأرافـقُ البـلّوطَ والـدّردارَ..
والوزّالَ في نهجِ الطريـقْ
وأناخبُ الصّفصافَ كأسَ عناقهِ
للزيزفونِ وعطرهِ والزمزريق

– وحتى قوله :
فالرّيحُ في الرّؤيا أنا
والصّخرُ في الرّؤيا أنا
آذارُكَ الرّؤيا أنا
نيسانُكَ الرّؤيا أنا

وجَميعُ ما في الحقـلِ من زرعٍ أنا
وحكايةُ الأحرارِ والثّـوارِ في الرّؤيا أنا
حتـّى وإنّي حَـبّـةُ الـزّيـتونِ في
زادِ الحصادِ وقطعةُ الحلوى..
أعـودُ حـقائبَ الأطـفالِ فجـراً مُشمِـساً
وحكايةً عـنـدَ المساءْ

النباتات السورية ، الشخصيات التاريخية السورية ، وحتى الشخصيات الأسطورية السورية ،

كلها تتدفق نحونا مع سطوره ، محفوفةً بأريج الماضي الحضاري ،

كما امتازت عديدٌ من قصائد مجموعاته الشعريّة بالعُمق القومي وبالالتزام بالهوية القومية

وتكريس بُعدها الحضاري بما يتصل بالمقاومة الفلسطينية

وسائر أشكال المقاومة المُشرِّفة.كما بدا جليَّاً أن إحدى أهداف القصائد ،

التمكين للغة العربية والقيم الحضارية والإنسانية السورية والعربية وتكرس فنيات الكتابة الشعرية التراثية الثرية .

وقد استخدم كل ماسبق في التشكيل الشعري لمبنى نصي يستمد كل أسسه من المعنى

الذي يتمدد عبره تارة ويعلوه نحو أفق المجاز و الدلالة المُتعددة تارة أخرى ،

كما في قوله على سبيل المثال :

” بطالعي أسرار فنجان تروضني على اسم وعنوان ودين ! ”

– تنوعت طرائق تَظهير موسيقا اللغة من جِناس ناقص يُنتج ما يُسمى بـ

 الموسيقى الداخلية :

و بحور شعرية متنوعة القوافي تتدفق في إيقاعاتها الموسيقا الخارجية للقصائد ،

ومن الفنيات التي عمد إليها الشاعر سمعون على صعيدي المبنى والمعنى والتفاعل بينهما ،

استخدام التضاد اللفظي و المعنوي ، كما اهتمَّ بالنسق الدرامي المُرتفع ،

حيث نلحظ أنه افتتح به كثيراً من قصائده ثم يوغل في المعنى ،

في حكايةٍ مُجلجلة كأجراس معابد بلاد الشام الضخمة العتيقة .
ولعل خير ما نختتم به ،

هو ما تناوله الشاعر :

من ذروة الانتماء ، حدَّ تماهي الإنسان مع أرضه :
سوريَّتي, قالتْ: كـَفى
أسطورَتي, حَـرْفٌ تـَعـَتـَّقَ حِـبْرُهُ
بسَـبيكةٍ لـَمَّتْ حـَكايا البَـوتـَقـَةْ
وقـَصيدَتي رَقصٌ بلا ثوبٍ بلونٍ واحدٍ
فـَعَـباءتي من كلِّ نـَولٍ شـَرْنـَقـَةْ

ختاماً:

لابدَّ من الإشارة إلى كون الشاعر حسن سمعون سعى عَبرَ مجموعاته الشعرية

إلى الدعوة لاستعادة التعايش والسلام الذي يصقل جوهر الانتماء ،

من خلال تشكيله لتوليفة بين العظمة والإباء والحكمة وسِعة الصدر الأبويَّة فكأننا به يقول :

أنا سوري أبو الحضارة كلها حلمي وحبي للإنسان أكبر من الخطايا كلها.

معرض الصور:

السوري حسن إبراهيم سمعون السوري حسن إبراهيم سمعون

*كتب الناقد:سامر خالد منصور.عن تجربة الشاعر السوري: حسن إبراهيم سمعون نموذجاً مُكرِّساً للهوية و الانتماء ..

*****

المصادر:فيس بوك- مواقع تواصل إجتماعي

– ويكيبيديا.

  • fotoartbook
    elitephotoart
    منذ ذلك الحين

 

اترك تعليقاً