في ثلاثية The Godfather (العرّاب) من أفضل الأدوار السينمائية على الإطلاق.
لكن يعتبره آخرون صاحب خدعة تمثيلية واحدة
وممثلاً يجسّد شخصيته الحقيقية طوال الوقت. ماذا وراء هذه المسيرة الناجحة؟
وُلِد ألفريدو جيمس باتشينو في 25 نيسان 1940،
في شرق هارلم، نيويورك، وهو ابن سلفاتوري باتشينو وروز جيراردي. في تلك الفترة،
كانت منطقة شرق هارلم تُعرَف باسم “هارلم الإيطالية”،
نظراً إلى كمّ المهاجرين المقيمين فيها منذ أواخر القرن التاسع عشر.
تخلى عنه والده حين كان طفلاً، وتطلّق والداه حين كان في عمر السنتين.
بعد الطلاق، انتقل سلفاتوري من نيويورك للعمل كوسيط تأمين وصاحب مطعم في كوفينا، كاليفورنيا.
بقي ألفريدو الصغير مع والدته وانتقلا إلى حي “برونكس” للعيش مع والدَيها كيت وجيمس جيراردي،
وهما مهاجران إيطاليان من “كورليوني” في صقلية.
تعرّف هذا الطفل الخجول على فن التمثيل في عمرٍ مبكر بفضل والدته التي كانت تعشق السينما.
بدايته المبكرة:
بحلول عمر السادسة، كان آل الصغير وحيداً لدرجة أن يمضي كامل وقته
وهو يعيد تمثيل الشخصيات التي شاهدها في الأفلام.
كان باتشينو يتورط في شجارات متقطعة في حي “برونكس” واعتُبِر مثيراً للمشاكل في المدرسة.
بدأ يدخّن السجائر في عمر التاسعة،
وراح يشرب الخمر بعد وقتٍ قصير، وكان من النوع الذي لا يتردد في سرقة أموال الأولاد الآخرين.
بعد فترة قصيرة، أراد خوض مغامرات إضافية وراح يهرب من منزله
لعيش لحظات من التشويق بدءاً من عمر الحادية عشرة.
لكن سرعان ما تبدّلت حياة هذا الفتى المشاغب بطريقة سحرية. صرّح آل لصحيفة “ذا غارديان”:
“حين كنتُ في الرابعة عشرة من عمري،
حَضَر مسرح متنقّل إلى “برونكس” وقدّم مسرحية The Seagull (النورس) في دار سينما قديمة.
لم يكن الأداء جيداً على الأرجح، لكني لم أشاهد عرضاً مماثلاً يوماً. تغيّرت حياتي في ذلك اليوم”.
في سن المراهقة، شارك آل باتشينو في مسرحيات بسيطة في الطابق السفلي لمسرح نيويورك،
لكن رفضته شركة الإنتاج المعروفة Actors Studio في تلك المرحلة.
ثم انتقل إلى بلدة “غرينويتش” في عمر التاسعة عشرة لمتابعة التمثيل،
فانضمّ هناك إلى منظمة HB Studio لصاحبها هيربرت بيرغوف.
أستاذة تشارلي لوتون:
كان تشارلي لوتون واحداً من الأساتذة هناك، وسرعان ما أصبح مرشده وصديقه المقرّب. في تلك الفترة،
وكان باتشينو عاطلاً عن العمل ومشرّداً، وكان ينام أحياناً في الشارع، أو المسارح، أو في منازل أصدقائه.
بلغ آل ذروة النجاح في حياته المهنية لاحقاً وكان وضعه ممتازاً طوال خمسين سنة تقريباً،
لكن لا يعني ذلك أن حياته كانت مثالية دوماً،
فهو عاش معاناة كبرى قبل أن يصل إلى أعلى المراتب. على غرار معظم الأولاد بعد ترك المدرسة الثانوية،
عمل آل في وظائف متنوعة في شبابه لتسديد كلفة دراسة التمثيل والاعتناء بوالدته.
في العام 1962، توفيت والدته روز عن عمر 43 عاماً. بعد تخلي والده عنه في عمر مبكر،
اعتنت روز بابنها وحدها وعرّفته على عالم الأفلام وشجّعته على متابعة التمثيل،
لكنها توفيت للأسف قبل أن يصبح واحداً من أشهر الأسماء في برودواي وهوليوود.
قابل آل باتشينو الممثلة جيل كليبورغ وأُغرِم بها أثناء مشاركته
في مسرحية جان كلود فان إيتالي، America Hurrah.
عاد الثنائي إلى نيويورك معاً وعاشا علاقة عاطفية طوال خمس سنوات.
ترشّحت جيل لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثلة في العامَين 1979 و1980،
لكنها توفيت في العام 2010 عن عمر 66 عاماً. في العام 1968،
شارك باتشينو في مسرحية The Indian Wants the Bronx (الهندي يريد البرونكس)
للكاتب يسرائيل هوروفيتس في مسرح “أستور بليس”، فقدّم شخصية المتسكع “ميرف”.
ثم فاز بجائزة “أوبي” عن فئة أفضل ممثل بفضل هذا الدور.
قدّم آل 177 عرضاً من هذه المسرحية،
وشارك في الوقت نفسه في مسرحية It’s Called the Sugar Plum
(اسمه البرقوق المُحلّى) من بطولة حبيبته جيل كليبورغ.
في العام 1969، شارك باتشينو في مسرحية ?
Does a Tiger Wear a Necktie (هل يرتدي النمر ربطة عنق؟)،
على مسرح “برودواي”، وهي دراما مشحونة عن مراهقين مدمنين على المخدرات في مركز إعادة تأهيل.
إنطلاقته من المسرح إلى السينما:
فاز باتشينو بجائزة “توني” المرموقة عن دور “بيكهام”.
بعد نجاحه في المسرح، مثّل باتشينو في أول فيلم له خلال السنة نفسها،
فكانت إطلالته قصيرة في الفيلم المستقل Me, Natalie (أنا ناتالي)
عن شابة تقيم في نيويورك، وكان العمل من بطولة باتي ديوك. في العام 1970،
وقّع باتشينو عقداً مع وكالة المواهب
Creative Management Associates،
ثم فتحت هوليوود أبوابها أمامه.