الآباء و الأبناء.لإيڨان تورجنيف.رواية الأديب الروسي

الآباء و الأبناء.لإيڨان تورجنيف

رواية ” الآباء و الأبناء” للأديب الروسي ” إيڨان تورجنيف” Ivan Tourgueniev.

” لا يستطيع الإنسان أن يفقه شيئا عن الأدب الروسي على وجه صحيح ،

دون معرفة النزاعات التي كانت تسود روسيا في القرن التاسع عشر ،

أي عندما بدأ هذا الأدب يصبح أدبا عالميا ”

بدأ ” تورجنيف ” كتابة الرواية سنة 1860 ، في عالم مضظرب يسوده التعفن في روسيا القيصرية ،

و بداية تمدد الفكر الليبرالي الناجم عن ميراث فلاسفة الأنوار بأروبا مع تكون النواة الأولى للثورة الصناعية بغرب القارة.

تسود الرواية بوادر الصراع الطبقي الكامن في عنوان الرواية ( الآباء # الأبناء ) ،

و هو فعلا ما يجسد موضوع الرواية و مضمونها ، و يدل دلالة قاطعة على بداية تكوين الرؤية المادية الجدلية ،

أي قانون نفي النفي ، وصراع الأضداد في ظل حركية الزمن ،

إنها ( الرواية ) رؤية واسعة ذات أبعاد، أولاها الصراع الإجتماعي الآخذ في التطور بين الشعب و الإقطاع،

بين الليبرالية و الأرستقراطية ، بين الفكرة و أختها …الزمن و حركيته، بين جيل آفل و آخر طالع..

في بداية الرواية ، يعود الطالب أركدي كيرازانوف إلى ضيعته بعد تخرجه من جامعة سانبترسبورغ ،

مصحوبا بصديقه الطبيب ” بازاروف ” الذي يؤمن بالعلم التجريدي و يكفر بم سواه.. ،

سرعان ما تطلعنا الرواية على آراء بازاروف العدمية الرافضة لميراث الأسلاف و معتقداتهم ( المثالية ) ،

تصادف آراؤه هذه رفضا من عم أركادي ” Paul pitrovitche kirsanov ” المتشبع بآراء المثالية الغربية و ميراث الإقطاع الروسي .

يزور آركادي و بازاروف ملكية الأرملة ” Anna Serguéïevna Odintsova ” المرأة المثقفة ذات النزعة النسوية،

و التي سرعان ما تتداخل قناعاتها في صدام مع أفكار ” بازاروف” ،

تنته بهذا الأخير عاشقا ؛

بيد إن قناعاته و رؤاه الرافضة للبعد الرومنسي تمنعه من التصريح بمشاعره ،

الأمر الذي سبب له تمزقا داخليا جعله يفتقر إلى الإنسجام مع واقعه المعاش.

عبر تجربته الفاشلة ( بازاروف) في إغواء الفلاحة Fénetchka إلى مبارزته لعم صديقه أركادي ،

ينزلق إلى حد ممارسته لتشريح جثة فلاح مصاب بالكوليرا دونما إحتياطات،

يصاب بازاروف أثناء التشريح بجروح تسمح للعدوى بالاستقرار ببدنه، …

يموت بازاروف رافضا الامتثال لرجاء والده بإعلان توبته …

(لحظة موته من أعمق ما قرات في الرواية الحديثة ،بالأخص شعور والده اتجاه ابنه و هو يفطس) ..

و كأن بازاروف (وجودي) خلق ليعترض؛

و أنه عاش ليرفض دونما أن يقدم بديلا ثوريا يجسد فلسفته في الحياة ، ..

فيأفل نجمه فلا يتذكره إلا والده و هما يزوران قبره .

لكن ، هل كان بازاروف ثوري أم أنه مجرد حامل لتطلعات جيل ناشئ ؟

أعتقد جازما ، أن البوادر الثورية كذالك تجسدت بوضوح في عم أركادي ، Paul pitrovitche kirsanov

فهو الذي حث أخاه ( الأرستقراطي ) على الزواج بالفلاحة و محو آثار الطبقية التي بدأت الآراء التقدمية تقضي عليها.

ان تورجنيف ، يصنع بروايته

” الآباء و الأبناء ” ملحمة فلسفية.

تصطف فيها الأفكار كالنوتة الموسيقية مشكللة إلى بعضها البعض سمفونية الأفكار و المشاعر في روسيا ،

و هي مرآة صافية تبرز لنا بوضوح تطور الحس الجمالي و الفلسفي و الإجتماعي لدى شريحة من الروس،

أنها رواية شمولية تخضع الفلسفة و الأخلاق و التدين و العادات إلى حكم النقد .

بينما يرسم غوغول في أدبه:

لوحات عن أشخاص تافهين ، يصور “ليمنتروف” المعاناة الداخلية و الآلام الفكرية للانسان الروسي ،

نجد “ديستويفسكي” و “تولستوي” يستحضران الحياة الوجدانية و خبايا اللاشعور الى الواقع ،

يعمل “تورجنيف” على استحضار بطل:

من الشباب المثقف محملا اياه آلام المجتمع و مشاكله في تمازج بين الحس الإنساني و النقد الواقعي،

مذكرا ايانا بكتابات الفرنسي بالزاك، في وقوفه الضمني مع الطبقة المسحوقة من الشعب ،

يمكن هنا أن ندرك ان الأدب ما هو إلا سجل حافل لتاريخ تطور أمة ما ،

و ان روسيا التاريخية معروضة أمامنا بأقلام كتبها و كأننا نعيش بين ظهرانيهم و نشاهد حركاتهم رأي العين .

وهران /الجزائر
17/01/2025.

***********

المراجع والمصادر:

مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً