وسام علي الخالدي و اللون وطنًا.في زمن تتهدج فيه الهويات، وتضيع الملامح

وسام علي الخالدي و اللون وطنًا

حين يصبح اللون وطنًا

بقلم: أ. د. وسام علي الخالدي

المقال والرسومات للناقدة العراقية وسام علي الخالدي.
Wiesam Ali

كل الشكر والامتنان لمجلة وهج الضاد على نشر مقالتي الموسومة بـ (حين يصبح اللون وطناً)

في عددها 18 لشهري تموز وآب لعام 2025.

تقديري الكبير للفريق القائم على المجلة على إتاحة هذه المساحة الأدبية القيمة

التي تعكس روح الإبداع والاهتمام بالثقافة العربية.

اليكم نص المقال كاملا /

حين يصبح اللون وطنًا

بقلم: أ. د. وسام علي الخالدي

في زمن تتهدج فيه الهويات، وتضيع الملامح بين حداثة طاغية وماضٍ يئنُّ في الذاكرة، أجد في اللون وطنًا لا يُغادَر.

أرسم لا لأزيّن الجدران، بل لأبني بيتًا يسكنه الحنين، بيتًا من خطوطٍ وأطياف، تسكنه الأرواح قبل العيون.

الرسم عندي ليس محض فعلٍ جمالي، بل هو كتابة صامتة، بلغة لا تحتاج إلى ترجمان، لغةٍ تقرأها الروح قبل البصر.

تنوعت رسوماتي بتنوّع المشاعر والمراحل التي عبرتُها، إذ لم تكن التجربة الفنية عندي ثابتة أو نمطية،

بل حقلًا من التجريب والدهشة. رسمتُ المرأة بصمتها وفجيعتها، برقتها وقوّتها، جعلت منها رمزًا لكل ما هو حيّ وولّاد.

جسّدت ملامح بغداد في نوافذها وشناشيلها، حيثُ كل شُرفة تروي حكاية، وكل باب موصد يخفي خلفه ذاكرةً تنتظر من يوقظها.

وفي لحظات أخرى، استدعيت الطبيعة لا بوصفها منظرًا، بل كحالة داخلية، كامتدادٍ لما أشعر به.

كان اللون الأخضر حقلاً داخليًا من الأمل، وكان الأزرقُ ضوءًا روحيًا يحفّزني على مواصلة الحلم،

فيما حمل الأحمر في طيّاته الوجع، لكنّه وجعٌ جميل، يشبه العشق حين يُصبح قدرًا.

أمارس الرسم كما تمارس الأرواح خلواتها، أنعزل عن الضجيج، لأسمع وشوشات الخطوط، لأتحاور مع الفراغ، وأفاوض البياض حتى ينطق.

أستخدم تقنيات متنوّعة، لكنني لا أنحاز إلا لما يخاطب القلب.

قد تكون اللوحة بسيطة في تكوينها، لكنها تنطوي على عمقٍ سرديّ، تُخبّئ سردًا داخل اللون، وتُفاجئ المتلقي ببوحٍ لم يتوقّعه.

حين أرسم، لا أسعى إلى إبهار الآخرين، بل إلى مداواة ذاتي، إلى أن أستعيد ما ضيّعه الركضُ اليوميّ من سلامٍ داخلي.

وفي كلّ مرة أضع فيها لمسةَ لون على القماش، أشعر كما لو أنني أزرع وردةً في أرضٍ بور، وأحوّل الندبة إلى قصيدة.

اللوحة عندي ليست إطارًا يعلّق على الجدار، بل نصّا مفتوحا، ودعوة للحوار، وصدى لصوتٍ داخلي لا يريد أن يخبو.

وحين تصبح الألوان أوطانًا، يصبح الرسم فعلَ انتماءٍ أعمق من الجغرافيا، وأصدق من النشيد. يصبح حضنًا هادئًا، في عالمٍ تعصف به العواصف.

هكذا أراني… أستظلّ بظلّ اللون، وأتّكئ على ريشتي كأنها عصاي في عبور الدروب الوعرة.

فأنا، في نهاية المطاف، لستُ رسّامة فحسب، بل شاهدة على زمنٍ بأكمله، أكتبه بريشة، وأؤرّخه بقطرة لون اليكم بعضا من رسوماتي المتواضعة.

*********

معرض الصور:

*********

المراجع والمصادر:

*مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً