حين تُختزل التربية في جداول … 📖
مأساة المعلم في التعليم الابتدائي … 📖
بقلم : الكاتب احمد عزيز الدين احمد … ✍
في المنظومة التعليمية الحالية، لم يعد المعلم مربّيًا ولا صانع وعي، بل تحوّل – قسرًا – إلى آلة رصد، وموظف أوراق، وحارس انضباط، ومحاسب درجات، يعمل في زمنٍ لا يتسع حتى للتنفس، فكيف يتسع للتعليم؟
يتعرض المعلم يوميًا، داخل الحصة الواحدة التي لا تتجاوز 45 دقيقة، لسلسلة تكليفات أقرب إلى العبث الإداري منها إلى العملية التربوية.
ففي هذه الدقائق المحدودة يُطلب منه:
شرح الدرس شرحًا وافيًا.
تنفيذ أداءات صفية.
متابعة أداءات منزلية.
تصحيح هذه الأداءات.
رصد الدرجات لحظيًا.
تسجيل الغياب وتصحيحه.
ضبط فصل يتجاوز الخمسين تلميذًا.
تحقيق الانضباط دون استخدام أي أداة ردع.
مراعاة الفروق الفردية.
أداء مهام مهارية وشفهية.
تقييم يومي غير التقييم الأسبوعي.
وكل ذلك… داخل حصة واحدة فقط.
ثم لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يُطالب المعلم أسبوعيًا بتصحيح كراسة نشاط لكل تلميذ، وتقديم تقييم أسبوعي مستقل، بخلاف التقييم اليومي، إلى جانب إعداد خطط علاجية للتلاميذ الضعاف، وكأن الزمن قد تمدد، أو أُلغيت قوانين الواقع.
والسؤال البديهي الذي يفرض نفسه بقوة:
من أين يأتي الوقت لكل هذا؟
الأدهى من ذلك أن هذا المعلم لا يقوم بهذه المهام لفصل واحد، بل لثلاثة فصول، لا يقل عدد تلاميذ كل فصل فيها عن خمسين تلميذًا، أي ما يقارب 150 تلميذًا، يُطلب لهؤلاء جميعًا:
رصد متوسطات خمسة عشر أسبوعًا لكل تلميذ.
حساب متوسط درجات كل أسبوع.
استخراج متوسطات شهرية.
إعداد متوسطات للترم كامل.
توثيق كل ذلك بدقة رقمية لا تقبل الخطأ.
نحن هنا لا نتحدث عن تعليم، بل عن مجزرة زمنية تُرتكب يوميًا في حق المعلم، وعن هدر متعمد لجوهر العملية التعليمية، خاصة في مرحلة التعليم الابتدائي، أخطر المراحل وأكثرها حساسية، حيث تتشكل شخصية الطفل، وتُبنى لغته، وتتكون علاقته الأولى بالعلم.
كيف نطالب المعلم بالإبداع، ونحن نُثقله بهذا الكم غير الإنساني من الأعباء؟ كيف نطالب بجودة تعليم، والمعلم مشغول بالحساب والرصد أكثر من انشغاله بالشرح والتفاعل؟ كيف نمنع العقاب، ونطلب الانضباط، دون أن نوفر أدوات بديلة حقيقية؟ كيف نُحمّل المعلم فشل منظومة كاملة، بينما القرار الإداري يزداد انفصالًا عن الواقع يومًا بعد يوم؟
إن ما يحدث ليس تطويرًا، بل هزل إداري، وتراكم تكليفات بلا رؤية، ولا دراسة زمنية، ولا فهم حقيقي لطبيعة الفصل المصري وكثافته العددية.
التعليم لا يُقاس بعدد الخانات المملوءة في الدفاتر، ولا بعدد الجداول المرفوعة على المنصات، بل يُقاس بمدى التفاعل، والفهم، والبناء الحقيقي لعقل التلميذ.
والمعلم لا يمكن أن يؤدي رسالته، وهو محاصر بساعات ضيقة، وفصول مكتظة، ومطالب لا تنتهي.
إن استمرار هذا الوضع هو محاسبة للمعلم على جريمة لم يرتكبها، وتبرئة لمن صمّم هذا العبء دون أن يختبره يومًا داخل فصل واحد.
نحن لا نحتاج إلى مزيد من التعليمات…
نحتاج إلى قرار شجاع يعيد للمعلم وقته، وللحصة قيمتها، وللتعليم معناه.
وحتى يحدث ذلك، سيظل السؤال معلقًا في الهواء، بلا إجابة: من أين يأتي الوقت لكل هذا؟
*****************
المصادر:
– مجلة الحرف والكلمة
– الإتحاد العربي للثقافة
– موقع سبق
– موقع الشرق الاوسط
– موقع الجزيرة .نت
– موقع صحيفة عكاظ
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN
.bbc /arabic
– موقع (اليوم السابع)
– موقع موزاييك
– جريدة الدستور
– موقع العربي الجديد
– موقع : – الجزيرة .نت
– سكاي نيوز عربية – أبوظبي
– موقع سبق- اليوم السابع
– الإمارات اليوم
– العربية .نت – الرياض
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
*****


