أيمن لطفي عدسة تُفكّر وصورة تُجسّد – إعداد : فريد ظفور
أيمن لطفي عدسة تُفكّر
عدسة تُفكّر وصورة تُجسّد..
أيمن لطفي.
إعداد: فريد ظفور
كلام لابد منه..
الصيف يقوّض خيامه، ويستدبر أيامه، إذ بطلائع الخريف قــد داهمته، وهو على وشك الرحيل، فيترك في يديها شيئاً من آثاره، وقبساً من أنواره.
كان الجو المسائي الصيفي لا يزال مُشرق الجنبات رقيق النسمات، تطالعه الانوار الليلية الصاخبة، المحتجبة خلف الظلام والأبنية والابراج ، والسماء قد غشاها سحب غبار ثقال،
لا تقترب خيوطها، ولا تختلف نغمتها، كأنما هي حبال ممتدة بين السماء والأرض.
لعل مدرسة الحياة الأولى هي الأم، التي تقود الأبطال وتصنع الرجال، وتقدم للأمة قادة الفكر والعلم والفن، وتدفعهم إلى حلبات المجد، عن طريق المثل العليا والقيم الفاضلة.
ففي قلبها الكبير نور قدسي يُضيء معالم الطريق، ويُنير سبل الحياة الداكنة، فيبدد ظلام الشر، وينشر ضياء الأمن والحق والفضيلة.فهي آية الله في أرضه.لذلك كانت عند الفنان ايمن حاملة رموزه وافكاره.
العمل أوالفن … آية الحياة، ودليل الوجود، فهو حق من حقوق الإنسان يمارسه كي ينسجم مع المعنى العميق لوجوده،
فالفن (العمل) يرفع شأن الإنسان، ويبني الأوطان.
لقد كان المبدع ايمن لطفي من جيل الزمن الجميل الذي كُتب عليه النضال، والصمود والتحدي والتصدي. لذلك كان واحداً من الأصوات الجريئة،ممن رفعوا راية التعبير بالفن.
فكان له أثره الطيب في كل ما أنتجته عدسته وانامله المبدعة من كوادر وصور عكست أبعاد المرحلة التي أثرت في حياته سلوكاً ونتاجاً وإبداعاً.
فإذا ما صادفه واحد من طلابه او عشاق فنه، في الطريق او على رصيف، نسي أشغاله وهمومه، ووقف يمنحه الحبّ،والعلم والمعرفة بكل تواضع ويُعطيه بلا منة أو سؤال، حتى يقول السائل: لقد ارتويتُ من ينبوعك الفني الفوتوغرافي التّر، فشكراً لعينيك المبحرتين في المعدات والعدسات والكاميرا وفي الكتب الصفراء والبيضاء الجديدة، وشكراً لعقلك المتفتح الذي يختزن التاريخ الفني البصري والتشكيلي كله،
وسرعان ما ينفتح عقله كتاباً يضم تراث اجدادنا الفراعنة و العرب وأبجديتهما
مقدمة:
حين يتلاقى البصر بالبصيرة، وتتحوّل الكاميرا إلى مرآة داخلية تُعبّر عن الإنسان لا مظهره فحسب، يولد فن أيمن لطفي.
مصور وفنان بصري مصري، مزج الفكرة بالشكل، وجعل من الصورة مساحة فلسفية مفتوحة على التأويل والدهشة.
هو ليس مجرد حامل للكاميرا، بل مخرج لمشاهد تنبض بالحياة، وباحث عن خلاص بصري في عتمة الروح.
لكن حين تفيض الصورة بمعناها المادي والمعنوي، وتتكلم الجُدران بلغة الجسد، نكون أمام فنان لا يلتقط اللحظة، بل يُفككها ويُعيد بناءها.
لأن الفنان أيمن لطفي ليس مجرد مصور، بل هو كاتبٌ بصري، ومُخرج لمسرح داخلي، يشتبك مع الذات والآخر والظلّ والمرآة.
في زمنٍ باتت فيه الصورة سلعة عابرة، جاء ليرفعها إلى مقام التأمل والدهشة.
غقد جعل من الفوتوغرافيا مفهوماً، ومن الجسد نصاً، ومن العدسة عيناً ثالثة ترى ما لا يُقال وتُجسّد ما لا يُرسم.
فنلاحظ في تجربته، يمتزج الشعر بالبصريات، ويتلاقى الألم الإنساني مع الجمال التجريبي، في لغة لا تُشبه سواه.
أما حين تتقاطع العدسة مع الرؤية الفكرية، وتتحول الصورة إلى موقف بصري،
يولد فن يحمل وجدان صاحبه ويترجم نبض عصره.
هكذا هو الفنان المصري أيمن لطفي،
الذي لم يقف عند حدود التصوير الضوئي كتوثيق، بل قفز به إلى آفاق فلسفية وجمالية،
جعلت من أعماله لوحات تشكيلية ناطقة، تجذب المتلقي والمشاهد وتستفزه للتأمل والحوار.
تعريف وبدايات:
وُلد أيمن لطفي في القاهرة بتاريخ 30 أغسطس 1968،
وبدأ حياته المهنية في عالم تصميم الأزياء، حيث صقل حسّه الجمالي واهتمامه بالتفاصيل. في عام 1996،
أصبح مديرًا فنيًا محترفًا، ومع العام 1998، تحوّل شغفه إلى التصوير الفوتوغرافي،
حيث وجد في الكاميرا أداة تتجاوز حدود التوثيق نحو التعبير والتشكيل.
مسيرة فنية متكاملة:
منذ خطوته الأولى في التصوير، تعامل لطفي مع الكاميرا كوسيط درامي قادر على الغوص في المشاعر الإنسانية وكشف تعقيدات النفس البشرية.
لم يكتف بالتقاط الصور، بل ابتكر عوالم داخلية، نسجها من الضوء والظل والإيماءة، فجعل من كل عمل مسرَحة لحالة وجدانية عميقة.
تحوّلت عدسته إلى أداة تشكيل، ومشاريعه إلى عروض أداء تُحاكي المسرح الصامت.
وفي كثير من أعماله، كان هو ذاته البطل والمخرج، يجهّز الإضاءة والألوان والموسيقى ويترك للمشهد أن يتكلم بلغته الخاصة.ليعبر عن عبقريته الداخلية.
وهكذا ظهرت بصمته الفريدة في فن التصوير المفاهيمي، حيث جمع بين الصورة الثابتة وفن الفيديو، وبين الأداء الجسدي والتقنيات الرقمية.
أعماله ومعارضه:
أقام 14 معرضًا فرديًا في مصر والعالم، وقدم 12 عمل فيديو آرت، كما شارك في بينالي فينيسيا، وهو أحد أبرز إنجازاته العالمية.
ومن أبرز أعماله الفيلم الفني “البحث عن الخلاص”، الذي يُجسّد صراعات الإنسان في وجه القيود الوجودية.
عُرضت أعماله في:
إيطاليا
إسبانيا
النمسا
البرتغال
الولايات المتحدة
نيبال
الصين
وكانت هذه المشاركات منصات لتكريس فنه كبوابة للحوار الإنساني بين الثقافات
الجوائز والتكريمات:
حصد أيمن لطفي مجموعة مرموقة من الجوائز التي تعكس قيمته الفنية، من بينها:
جائزة الدولة التشجيعية في مصر (2016–2017).
الجائزة الكبرى – ماستر التصوير، في بينالي الصين الدولي للتصوير المعاصر (2008).
الميدالية الذهبية في التصوير التجريبي – النمسا 2010.
جائزة Pinhole في بينالي الصين (2012).
مشارك في PhotoAsia 2010، ضمن أبرز التجارب المفاهيمية الآسيوية.
العضويات واللجان:
يحمل الفنان ألقابًا فخرية مرموقة مثل:
FMIPP (زميل الجمعية الملكية للفن المعاصر)
SPSA (زميل الجمعية الأمريكية للتصوير)
HonFICS (الزمالة الفخرية من الجمعية الدولية لفناني التصوير)
كما شغل مواقع تحكيمية مهمة في مسابقات عالمية، وكان دائمًا من الأصوات التي تسعى إلى ترسيخ مفهوم “الفكرة قبل الصور.
أيمن لطفي… عينٌ تلتقطُ الجوهر وعدسةٌ تُجسّد الفكرة
تعريف ومسيرة:
أيمن لطفي، من مواليد القاهرة، يُعد من أبرز الفنانين المعاصرين الذين جمعوا بين الفوتوغرافيا والفن المفاهيمي.
بدأ مشواره الفني في تسعينيات القرن العشرين، منجذبًا إلى الكاميرا كأداة لا تلتقط الواقع فقط،
بل تُعيد صياغته بلغة فكرية مشحونة بالتساؤلات.
حصل على شهادات متعددة في التصوير الفوتوغرافي وتقنيات الإضاءة، وكرّس تجربته لصنع صورة مغايرة تمزج بين الواقعي والمُتخيل.
برز لطفي في المشهد العربي والدولي كأحد رواد الفن المفاهيمي الفوتوغرافي، إذ استخدم جسده، ووجوه أصدقائه،
وحتى العناصر الرمزية كوسائط لتوصيل رسائل إنسانية، اجتماعية،
وفكرية عبر مشروعه الطويل “السلسلة النفسية”، التي استوحاها من حالات البشر وصراعاتهم الداخلية.
أهم أعماله ومشاريعه الفنية:
من أبرز أعماله:
“القناع الأخير”: مجموعة صور فلسفية عن الهوية والخداع الاجتماعية
“داخل الجدار”: مشروع مفاهيمي عن الحصار النفسي الداخلي.
“حوار الظل”: سلسلة بصرية حول الأنا والآخر.
“الشرنقة”: عمل يرمز إلى التحول الداخلي وتحوّلات الذات.
كما شارك في معارض دولية مهمة، منها:
بينالي التصوير في بروكسل وأثينا.
“فنانون من العالم العربي” في باريس.
“الصورة المعاصرة” في أبو ظبي ودبي ونيويورك.
الجوائز والتكريمات:
نال الفنان أيمن لطفي العديد من الجوائز العالمية والعربية، منها:
الجائزة الذهبية في صالون الصورة الأوروبية عام 2010.
جائزة الفنان الشامل من اتحاد المصورين العرب.
تم تكريمه في ملتقيات ومحافل ثقافية كبرى من بينها:
مهرجان الصورة في الدار البيضاء.
معرض LensCulture الدولي في لندن.
لجان التحكيم والعضويات:
لثقة الوسط الفني برؤيته وذائقته، شارك في تحكيم العديد من المسابقات الدولية منها:
جائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير الضوئي – دبي.
صالون التصوير الفوتوغرافي في إيطاليا والهند وسلوفينيا.
جوائز الفياب العالمية في أكثر من دورة.
وهو عضو في:
الاتحاد الدولي لفن التصوير (FIAP).
الجمعية الأمريكية للتصوير (PSA).
اتحاد المصورين العرب (UAP).
اقتباسات مختارة من مقابلات الفنان أيمن لطفي
بالإضافة إلى آراء نقدية بارزة حول أعماله التي تُضيء خصائصه الفنية ورؤيته:
أقوال الفنان أيمن لطفي من مقابلاته:
عن سر الصورة وبصمته الفنية:
“للصورة أسرار… عندما لا أخرج من أي مشكلة حدثت لي في عمل فني أشعر باكتئاب شديد،
ثم أفرغ طاقتي في المشاريع الفنية عن طريق رسم {إسكتش} للموضوع، ثم أبدأ العمل عليه.”
“يجب أن تكون لدى الفنان مقدرة على تقديم إحساسه ومشاعره داخل عمله،
وهذه هي بصمته التي ستجعله مختلفاً عن الآخرين.”
عن علاقة التصوير بالفكر التشكيلي والتقنيات الحديثة:
“اتجهت للتصوير التشكيلي لكي أقول حكاية أو أوجه رسالة ما… الصورة المتحركة (الفيديو)، هي الأنسب لعرضها”
كما قال في معرض “ليه لأ”:
“عدسة الكاميرا ترى من الخارج فقط، ولكن المشاعر والأحاسيس الداخلية لا تستطيع أن ترصدها.”
عن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الفن:
“التكنولوجيا أمر مسلم بها… ولكن الفن في النهاية تجربة إنسانية بحتة.”
“لم أشعر بالتهديد من تطور الذكاء الاصطناعي… الفرق أنني كنت أُبدع هذه الأعمال يدويًا، صورةً بعد صورة.”
عن دوره في الثورة المصرية:
“الصورة كانت بمقام ألف كلمة أثناء الثورة.”
وأشار إلى أن المقاومة بالفن كانت الوسيلة الأرقى لمواجهة الفكر المتطرف.
آراء النقّاد حول أعمال أيمن لطفي:
فريد ظفور (مجلة فن التصوير):
يرى في الفنان لطفي “طاقة إبداعية تجاوزت الجغرافيا وحلقت في الفضاء العالمي”، مؤكدًا أنه تجاوز المدرسة التقليدية ليبتكر “فنّا مفاهيميًا تجريديًا”.
يشير إلى أن اعتماده على التراث والثقافة المصرية – من العمارة إلى الخط العربي – ثريّ بنكهة فنية مميزة تشكّل بصمته الفردية.
منى أبو النصر (نقد معرض “الشريان”):
وصفت لوحات المعرض بأنها “تواجه انسحاب الحياة”، مستعيرة الحية البيولوجية كاستعارة رمزية لتعبير عن القوى الحيّة الاجتماعية والسياسية.
أضاءت على خاصية تصويره للمرأة بتعبيرات صناعية تُبرز الشعور بالتعاسة والوحدة، في تصوير بصري سيريالي قوي.
الناقد ياسر جاد (arb‑photo):
يؤكد أن لطفي لا يستخدم أدوات جاهزة بل “يصنع كل المؤثرات بنفسه”،
سواء كان زرع رموز زخرفية، أو تشكيل عناصر نباتية أو هندسية،
ثم يُعالجها لتتناسب مع وجهة نظره الفلسفية، موضحًا أن تطوره الفني كان تدريجيًا وواعياً لا قفزات عشوائية.
دمج الاقتباسات والنقد في المقال:
يمكنك تضمين هذا القسم بعد سرد المسيرة الفنية مباشرة، ليظهر صوت الفنان وآراء نخبة النقد في هيئة متوازنة:
“عندما لا أخرج من أي مشكلة حدثت لي في عمل فني أشعر باكتئاب شديد، ثم أفرغ طاقتي…”
هكذا يعبر لطفي عن دوره كصانع بصري، لا فقط كمصور، بل كمخرج ومفكر في آن، يعكس رؤاه في كل لقطة يحققها.
وتشير ملاحظات فريد ظفور إلى أن أعماله “طاقة إبداعية تجاوزت الجغرافيا”، وتكوين فني يستند إلى الثقافة والتراث ويصوغها في إطار مفاهيمي وتشكيل معاصر.
وفي معرض “الشريان”، تُركّز منى أبو النصر على تصويره للمرأة
كرمز للإنسانية المهددة، مستخدمة سيناريو مرئي يُظهر العزلة والحزن بلغة بصرية سيريالية متطورة.
أما الناقد ياسر جاد فيؤكد أن لطفي “يصنع كل أدواته بنفسه”، وأن خبراته التقنية والفكرية نمت تدريجيًا، ما جعله يحقق تحولًا متماسكًا من التصوير الوثائقي إلى التصوير التعبيري المفاهيمي.
الفنان المفاهيمي المصري أيمن لطفي:
المقدمة | عدسة تبحث عن الخلاف ففوتوغرافيا تتكاثر فيه الصور وتقل فيه الرؤى، يخرج إلينا الفنان المصري أيمن لطفي من بين ركام الصورة النمطية، حاملاً عدسته كما يحمل الفيلسوف قلمه، أو المسرحي أقنعته. ليس مصوّرًا تقليديًا، بل مفكّر بصري، يوظّف جسده ومشاعره وخياله في بناء مشاهد فوتوغرافية تُشبه اللوحات المسرحية، محمّلة بالرموز، مغسولة بالضوء، ومُفعمة بالتساؤلات.
من عالم تصميم الأزياء إلى عمق النفس البشرية، قطع لطفي رحلة لا تهدف إلى إبهار العين، بل إلى إثارة العقل والوجدان. صوره ليست لحظات عابرة، بل أطروحات بصرية تتداخل فيها الفلسفة بالمسرح، والتصوير بالأداء، والفكرة بالشكل. إنه فنان مفاهيمي بامتياز، يكتب بجسده، ويُصوّر بانفعالاته، ويُقدّم نفسه كمنصة مفتوحة للبحث عن الخلاص الإنساني.
الخاتمة | حيثُ تُصبح الصورة موقفًا:
في أعمال أيمن لطفي، ليست الصورة هدفًا، بل وسيلة عبور نحو أسئلة وجودية كبرى. هو واحد من القلائل الذين جعلوا من الكاميرا منصّة فكرية، ومن الجسد حبرًا، ومن الضوء نصًا مفتوحًا على التأويل.
لم يبحث عن الجوائز، بل عن جدوى الفن. لم يركن للنجومية، بل ظل في حالة حفر مستمر داخل ذاته وفي زوايا المجتمع. أعماله لا تكتفي بأن تُشاهد، بل تُقرأ وتُستعاد، وتُلهم.
وفي عالم سريع، تُختزل فيه الصور في لايكات سريعة، يُمثّل لطفي حالة فريدة من العمق والجدية… فنان قرر أن لا يلتقط اللحظة، بل أن يُنقّب في داخلها، حتى يكشف عن الإنسان كما هو: متعدّد، هشّ، ومُقاوم بالجمال.
المعارض الفردية: أقنعة بعد الثورة وزنابك الحياة
يُعدّ معرض “المزدوج” عام 2012 من أهم محطات أيمن لطفي، حيث جاء في أعقاب ثورة يناير ليكشف الوجه الخفي للمجتمع، متناولًا الشخصيات التي تختبئ خلف الأقنعة،
سواء كانت رمزية أو فعلية؛ كالدين أو المظهر أو الخطاب. أما في معرض “الزنبالك”،
فقد رأى أن الإنسان أشبه بلعبة تحتاج من يشحنها بالطاقة كي تستمر في الدوران، في محاولة فلسفية لتأمل الحياة والحركة والانفعالات.
وفي عام 2017، كان “الشوريان” علامة فارقة، حيث واصل الفنان استكشافاته النفسية والسياسية بلغة بصرية مزدوجة تجمع بين الأداء الفوتوغرافي والمفاهيم الرمزية.
المعارض الجماعية: من قاعات الأوبرا إلى البندقية
قبل الثورة بعامين، شارك لطفي في معرض جماعي في قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية بعنوان “لأ لي”،
حيث قدّم مشروعه الأشهر “The Game” – لعبة الشطرنج التي تتحول فيها الحرب إلى صراع رمزي بين قوى تحارب دفاعًا عن الأرض والعِرض، لا طمعًا في الثروات.
وفي بينالي العمارة في فينيسيا عام 2011، قدّم فيلمه “البحث عن الخلاص” الذي ناقش التناقض بين عمارة تصعد إلى السماء، وإنسان قد يهدّها بقنبلة.
رؤية بصرية تختصر العلاقة بين التقدم العمراني والهشاشة الإنسانية.
المرأة: الرمز… لا الموضوع
حين تُسأل عن موقع المرأة في أعماله، يأتي رد أيمن لطفي حاسمًا: “المرأة ليست موضوعًا، بل حاملة للموضوع”. إنها الأرض، الوطن، الأم،
إنها “الوسيط التعبيري” الذي يستطيع أن يُجسّد المشاعر والانفعالات بطريقة لا يستطيعها الرجل، لا لسببٍ جنسي، بل لحساسية الأداء.
من هنا، لا تناقش أعماله “قضايا المرأة” بمعناها التقليدي، بل يستخدم حضورها الرمزي لسرد الحكاية.
الفوتوغرافيا السريالية: رموز لا تُفسَّر مباشرة
السريالية عند لطفي ليست ترفًا بصريًا، بل طريقة لفك شيفرات الواقع.
إنها صور مشبعة بالرموز، تتيح تعدد التأويل وتُغني عن الشرح المباشر.
يقول: “الفنان مهمته أن يحوّل القبيح إلى جمال بصري… السريالية تسمح لي بأن أقول كل ما أريد دون أن أقول شيئًا حرفيًا”.
الفيديو آرت: حين لا تكفي الصورة الثابتة
في مرحلة لاحقة، اكتشف الفنان أن الصورة الواحدة لا تستطيع أن تحتوي صرخته كاملة،
فدخل عالم الفيديو آرت والأعمال المركّبة (Installation Art)، حيث الصورة تتحرك وتُركّب ضمن مشروع متكامل.
من أبرز أعماله في هذا المجال:
“المتخفي” (2012)
“البحث عن الخلاص” (2010) – (شارك به في بينالي فينيسيا)
“زاجيم” (2010) – فيلم عن الحروب
“بركلات” – عمل سياسي مكثّف عن مصر بعد الثورة
“تطهّر” – مشروع إنستليشن عن الطهارة الرمزية والروحية
ويشير الفنان إلى أن كل هذه الأعمال متاحة على موقعه الرسمي ضمن أرشيف دقيق.
أيمن لطفي… رائد الفوتوغرافيا المفاهيمية في مصر
يُعد الفنان المصري أيمن لطفي من أبرز روّاد الفوتوغرافيا المفاهيمية في العالم العربي،
حيث استطاع أن يحوّل الصورة الفوتوغرافية إلى وسيط بصري للتعبير عن القضايا الوجودية والنفسية والاجتماعية،
من خلال أجساد تتكلم، وعدسات تفكر، وتقنيات تمزج بين الفوتوغرافيا والتشكيل والفيديو آرت.
بدأت مسيرته الفنية كمصور محترف، لكنه سرعان ما تجاوز حدود التصوير التقليدي،
ليؤسس مشروعًا فنيًا شخصيًا يمزج فيه بين الأداء المسرحي،
وتجريب الضوء، وتوظيف القناع كرمز خفي في عدة أعمال. ومن أبرز تجاربه سلسلة “البحث عن الخلاص”،
التي صوّر فيها الصراع الداخلي للإنسان بين القيود الاجتماعية والتوق للحرية، وكذلك عمله الشهير “The Game”
الذي يُجسد ثنائية الصياد والفريسة في العلاقات الإنسانية، وأيضًا سلسلة “Her” التي تناولت صورة المرأة وتعدد أدوارها النفسية والرمزية.
شهد عام 2012 محطة فارقة في مسيرته من خلال معرضه الفردي “المزدوج”، الذي عُرض بعد ثورة يناير،
وجسّد فيه الشخصيات التي تُخفي حقيقتها خلف أقنعة وزيف بصري.
وقد وصفه النقّاد بأنه “فنان يلتقط لحظة الارتباك الإنساني بذكاء بصري وفني شديد”.
شارك لطفي في عشرات المعارض الدولية، ونال جوائز كبرى، كما كان عضوًا في لجان تحكيم محلية وعالمية.
وتُعرض أعماله في متاحف ومؤسسات فنية مرموقة، نظرًا لفرادتها وتقاطعها مع تيارات الحداثة وما بعد الحداثة في التصوير.
يمثّل أيمن لطفي حالة فنية متفردة، تنقل التصوير من مجرد توثيق بصري إلى لغة فلسفية وتجريبية تسائل الذات والعالم،
وتُعيد تعريف الصورة باعتبارها أداة للمقاومة والتأمل والخلاص.
خاتمة:
أيمن لطفي ليس مجرد مصوّر، بل هو فنّان فكر ورؤية، يلتقط اللحظة لا ليُجمّدها،
بل ليُعيد تشكيلها كحالة إنسانية، ورسالة وجودية. استطاع أن يحوّل الصورة الفوتوغرافية من وسيلة توثيق إلى مساحة حُرّة للتعبير الفني والتفلسف البصري.
وبين الضوء والظل، وبين الفكرة والصورة، يظل أيمن لطفي صوتًا مميزًا في ساحة الفن العربي والعالمي،
يضيف بعدًا جديدًا لمعنى الجمال وعمقًا آخر لمعنى الإنسان
خاتمة:
أيمن لطفي هو فنان يكتب بالشغف ويُفكّر بالصورة. حوّل الكاميرا إلى مرآة داخلية، تكشف عن أعماق النفس البشرية،
وأضاء عبر عدسته دهاليز التجربة الإنسانية. هو سفير للفن المفاهيمي العربي،
وصوت بصري فريد يتنقل بين وجع الذات وجماليات الفكرة. وفي زمن تتكاثر فيه الصور وتقل فيه الرؤى،
يظل أيمن لطفي من أولئك الذين اختاروا أن تكون الصورة موقفًا، لا مجرد مشهد
وختامها مسك وعبر وياسمين شامي:
لانه ليس في مسيرة أيمن لطفي مجرّد بحث عن أسلوب بصري جديد، بل عن حقيقة داخلية تُولد من رماد القلق والتمزق والحلم.
لقد استطاع أن يُعلي من شأن الصورة المفاهيمية في العالم العربي، وأن يمنحها شرعية فنية تتجاوز النمطية والسطح. أعماله تسكن الذاكرة لا لأنها صادمة،
بل لأنها صادقة، تقف على الحد الفاصل بين المرئي والمكبوت، وتدعونا دائماً إلى أن نُعيد النظر — لا في الصورة فقط — بل في أنفسنا. في حضرة هذا الفنان،
لا تعود العدسة مجرد أداة، بل تتحول إلى مرآة وجودية حادّة تُضيء عتمة الأسئلة الكبرى.وبهذا نكون قد سلطنا الضوء على احد أهرامات الفوتوغرافية المصرية الحديثة
**********
معرض الصور:
********
المراجع والمصادر:
مواقع إجتماعية- فيس بوك