حسن داود بصراع المربعات. الطرف الثالث يحول الرقعة لنزال.بقلم: فريد ظفور
حسن داود بصراع المربعات
بين ماض من الزمان آت ومستقبل من الفن الخاضر.
لعمري بأننا نشتم رائحة الذكاء الصناعي بإبداعه وافكاره.
بالأبيض كفناه وبالأسود وشحناه..
ما ينيف عن ربع قرن من العطاء والفن..بين هندسة العمارة وفلسفة الصورة الفوتوغرافية وتشكيلاته التجريدية الفنية.محاور أعماله وتألقه الفني البصري.
لماذا وضعنا الداود على رقعته الشطرنجية:
ماذا يريد أن يقول للمتابعين والقيمين والنقاد وعشاق فنه وحتى المختلفين معه.
من أي كوكب أتى بنا الداود:
إشارات ورموز وتأويلات فنية تركها لنا في ساحة المنطق.وأسئلة حيرتنا ونتائج ورطتنا بالأحكام المسبقة على نتاجه الفني التشكيلي الجديد.
فلسفة الرقعة:
في البدء كانت الكلمة.ومن النقطة يتشكل كل شيء فتنطلق الخطوط والحروف والكلمات والدوائر والمربعات والمثلثات والأشكال الهندسية الأخرى.
واما مربعاته الفنية المرتكزة على حوار المربعات فوق رقعة الشطرنج.
فيحدثنا بلغته البصرية وافكاره الماورائية التي نقلتنا من عالم الاسطورة والخيال ومن الحضارات الشرقية والفرعونية وابجدية إبداعها
إلى عوالم الحاضر بعصره الرقمي المتسارع الذي يتحفنا بكل لحظة بإختراع أوبخبر علمي أو تقني.
في كل ذلك الذی قام به الفنان حسن داود،وكتب عنه بالمعرض و في تلك السنوات الأخيرة تتوطد اكثر من صلة وعلاقة مستديمة باساتذته الكبار واساطين الفن الكلاسي .
ومع ذلك فمن الجدير ان نتذكر حماسه المكشوف والاستثنائي لإنجاز أعماله ولوحاته بدقة وتقنية متفردة لتكون في أعاظم المتاحف بالمشتقبل.
ولكن مواقفه الجدلية هو ومونیه وسيزان وديجا ، تلك المواقف التي كان داعيا فيها لما مكانة خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر ،
وفي تلك السنوات المبكرة من قرننا الحالي ، حيث يحتله من الامتلاء والتدفق بالحركات والنظريات الجديدة والتجارب العقلانية المبتكرة من التركیبية إلى التكعيبية ، لقد ظهرت اسماء سيخلدها التاريخ ومدارس ،
وثورات ارضنا المهتزة التي بدت للداود و كأنها لا تمتلك جوهرها ، لقد تفاعل مع العادات و التقاليد المصرية ولم ينظر اليها كقوالب متحجرة ، ولا يظنن احد انه كان عبدا لها يوما ما ، أو انه استعبد من الماضي ،
وعلى العكس فقد بعث الحياة وحرك الاحاسيس والمشاعر بنفاذ البصيرة لدى زملائه.و معاصربه ، وايقظ في المصورين الضوئيين والمعمارين والتشكيليين
ذكاء ونفاذة الماضي بكل ثقله ودعاهم الى استلهامه وإعادة صياغته بلغة عصرية حداثوية وبتقنية فنية رقمية ممهورة بمواكبة وتحدي الذكاء الصنعي .
بصيرة ان الثروة الفنية اللامتناهية التي بناها الفنان حسن داود خلال حياته العملية والفنية قدمها بعبقرية وحرفية. واستشار بكل أمانة فطاحل الفوتوغرافيا والفنانين التشكيايين المصريين ـ
وها هي ذي بصماته جلية نيرة عليهم يعرفها من ألقى نظرة على نتاجهم.
ان انجازات داود هي الأعظم حينما يضع المرء في الاعتبار.
كيف ان كل فرشاة او سكين او قلم رصاص او مربع في لوحاته استطاعت أن تكون معلما وأثرا ورمزا من نور على ادق حقائق الحياة البشرية المادية والمعنوية ،
لقد امتلك الهبة السرمدية المتميزة و المبدعة، كما اطلقها في لوحاته.
و اعماله النحتية بمعرضه صراع المربعات بإیقافه الزمن في لحظة نيرة على نحو متفرد .
فهل أوصلنا هذا الرأي إلى تناقض:
الم نقل سابقا أن هؤلاء التشكيليين لا يقرأون المعرفة الصناعية
فكيف يحق لأحدهم ، والحال هذه ، أن يمنع الشمولية للفنان او للكاتب او الالهام الشعري او الفني ،
ولكن هذا ما جعلهم يلجأون الي التركيز على التقنية عند الفتان ولا أحد يتكلم عن التجلى وعن قدرة الفن الخارقة.
ان امعان التفكير في ما يقوله بعض الفلاسفة يبين أن التناقض غير موجود على الاطلاق ، اذ ان التجلي هو نتيجة للفن وللكتابة وليس لها.
فالفنان او الكاتب لا يبلغه الا بمنهجية، تناغم فنونا عديدة وترفدها خلفية ثقافية واسعة تمكنه من نظم احداث رؤية وقصص لوحاته بعبارات تستخرج من أعماق کنوز اللغة الفنية عند الداود ،
ثم هندستها وتوقيعها وتحميلها بأنغاما تتجاوب وتتكامل لتؤلف سمفونية اللوحة بالفرسان والفارسات والبيادق والجنود والقلاع والفيلة والأحصنة الجامحة التي تتجاوز حدود الرقعة بسبب تدخل اطراف ثالثة .
وكذلك المنشورات التي قدمها بالمعرض والتي اتشحت باللون الأسود وصنعت من الحديد والخشب و كذلك الكلمة التي قدم نفسه ومعرضه فيها.
أقصد من خلال الريبورتاج عن الفنان. والمعرض والأعمال.
أما معرفية الأحداث والشخصيات وكوامن النفوس واسقاطها كرموز ودلالات بصرية تشكيلية تكوينية، فلقد حلت مکانها معرفية اللغة البصرية وتقنيات الكتابة بالألوان وبالريشة والضوء .
لذلك نقول:
الفن والادب هو لغة ، ووجوده هو في اللغة البصرية ، واللغة التشكيلية في الأساس ، قبل كل الأنواع الفنية والأدبية ، هي منظومة،
خاصة اللوحات او الكلمات وعلى عملية تفكير وانتقاء معان :
فهي تنطوي ، قبل ان تصبح فنا او ادبا ، على مواد وتصنيف ، وعلى منطق خاص …
وزیادة على ذلك لها تاريخ ومحيط أما معانيها فهي لا ترتبط بالشيء الذي تدل عليه بقدر ارتباطها برموز وبمعاني و بكلمات أخرى ،
قريبة ومختلفة في نفس الوقت ، وفي هذه المنطقة بالتحديد فوق صراع المربعات عند الداود.
فان هذه الرموز واللوحات و الكليات البسيطة هي مدلولات بحد ذاتها ،عبر تقنيات الداود الفنية المبتكرة والجديدة.
والتي توصلنا لنتيجة مفادها بأن الفنان حسن قد اتشحت اعماله بالشمولية وبثقافته الموسوعية.حيث أخذنا برحلة معرفية بدأها من الحضارات القديمة مرورا بالحاضر وحتى المستقبل.
منطقة ما فوق المعني أو المعني الثانوي ، ينشأ الفن والأدب ويترعرع في كنف المثقفين من ادباء وفنانين..
حبة القمح والداود والملك والرقعة:
هل أرادوا الداود أن يكافيء زواره ويدخلنا بأحجية حبة القمح بين الصانع والملك:
حيث طلب الملك بأن يعطى الصانع اجره.فطلب الصانع من الملك بأنه يريد فقط حبة قمح في مربع رقعة الشطرنج وكل يوم ياخذ الضعف بالمربع الثاني .وهكذا دواليب حتى ٦٤ ضعفا.اي بعدد مربعات رقعة الشطرنج.
للوهلة الأولى سحر وضحك الملك. ولكن بعد ان ذهبت السكرة وحضرت الفكرة.
وظن بأنه طلب سخيف وبدأ بالتنفيذ،ولكنه صدم عندما شرح مستشاره الأمر وقالوا له بأن كل صوامع المملكة لا تكفي هذا الطلب.
وهنا نتشاءل هل الداود قدم لوحاته بمعرضه صراع المربعات،ليتركنا في دوامة وموجات إبداعاته وإرهاصات الأفكار والأحجام
ليبحر بنا في محيط فنه،لنغوص معه بالأعمال، للبحث عن اللآليء والكنوز الفنية عنده.
تنبسط التشكيلات والتكوينات والمجسمات النحتية وبتدرجاتها اللونية الأحادية والطيفية، پشتد الخيط الذي يخترقها ،
صراع وتضاد اللونين الأبيض والأسود على رقعة الشطرنج التي أضحت ساحة النزال والقتال بين بيادق وفيلة وأحصنة ووزراء وملوك الرقعه بل لنقل ملوك الحياة.
تهتز الرقعة بأنامل وريشة الداود:
يصغي إلى رنینها ، الذي ينتشر.. وحيدا معها ، ينتصب ويتمرد ويثور هو بدوره ، خارج الرقعة و المادة الرخوة والصلبة والباهتة والمشرقة.
البيضاء والسوداء.لتبدأ المعركة..معركة الحياة والموت.معركة الفن واللافن.معركة الوجود والعدم.معركة التحدي الكبير .
نكون أو لانكون.تلك الدوامات والمتاهات والتحديات
التي كان منغمسا فيها الفنان حسن داود خلال عدة سنوات ليخرج لنا بهذا الكنز البصري التشكيلي والنحتي ،
تسحرنا نتاجاته وحركاتها على رقعة الحياة بجنود حقيقين وعلى الرقعة ببيادق شطرنجية، يرتبها وينقلها بخطوات محسوبة.بل وخطط حربية وشطرنجية مدروسة.
ويغير أمكنتها اللاعبين لكي تشكل خطط وخدع ومهارات و زخارف منقوشة بعناية أكبر . يتسع رنينها ، إنها الآن موسیقى ، غناء ،عزف منفرد على كونشرتو اللوحة الفنية.
يسير بين المربعات البيضاء والسوداء يحتل مواقع ويخسر أخرى ، تتوالد الايقاعات بعضها من بعض ، کما لو كان شيئا يجذبها..الأفكار والهواجس والإرهاصات الفنية تأتي من كل حدب وصوب …
يتبع حركاتها مسحورا ، تصعد ، تنزل ،ترتفع، تنخفض، تنطلق من جديد وتهبط.. يحرك الحجارة ويوجهها بحذر .
فينظر إليها الآن وقد تعودت وخضعت طائعة لايقاع إبداع معين …
تحث الخطى ، تطير ..تهيم بنا نحو اللانهاية، ينتظر اللحظة التي تصل فيها إلى الدفاع والارتفاع المحدد ثم تعود إلى الهبوط على الرقعة بملء إرادتها .مخلفة ورائها كوارث طبيعية وبشرية.
ضحيتها البشر والناس الفقراء والمستضعفين هم وقود الحروب والصراع على الرقعة وخارج مداراتها وكينونتها.
وللكلمات الآن بريق أكثر ، تأتي أعداد أخرى.
لترفع الراية البيضاء وتعلن الاستسلام.وفي الجهة الأخرى فريق ينتصر.
خطة طريق للفن:
معلنا الفوز والظفر بالمستقبل.واضعا نهجه الجديد، وخطة طريق للغد الآتي.
دور الحلم والتخطيط في عملية كتابة سيناريو الرقعة ، ولكن الاختلاف واضح حتى في هذه النقطة ، اذ يرى أن الحلم جزء مهم دون شك .
ولكنه ليس من الواقع اساس الواقع أو تجسيدہ کما يعتقد فرويد والسرياليون من بعده .فلدى الداود فلسفة بصرية أخرى.ولغة فنية أخرى وكينونة معرفية أخرى.
أكثر من كونها فعلا للحلم أو للاوعى في اللغة الفنية ،. فاللوحة او الكتابة الفنية بالريشة والألوان أو بالضوء، هي فعل ينطلق من الواقع ، بشقيه ، اليقظة والحلم ، الوعي واللاوعي ،
للتعمق في معرفته ومن ثم تغييره وتحسينه . وهذه الرقعة او اللوحة هي صراع الأضداد ،
کما رأينا ،فهي رواية لونية شاعرية ، بتعبير أدق ، أي التي تعتمد بنى الشعر البصري بخياله وأنغامه وروحيته ، حتى ولو لم تكن تروي أحيانا سوى عملية تشكل الكادر أو العمل الفني .
تنبسط الكلمات الفنية ، يشتد الخيط أو السلك الذي يخترقها ،
ويصغي إلي رنينها ، الذي ينتشر .. وحيدا
******
فهل يستجمع كل قواه ، يحاول أن يبعد تلك الموجات
الشريرة التي تبثها .. وفجأة يظهر في تلك اللوحات والكلمات ، في تلك الجمل انتفاخ صعب تبينه .. يخفق برفق ، يصمم ، يتفحص لونه،صوته،تكوينه،تشكيله.
ولكن الكليات بالرقعة أو المربعات ، ما ان يلفظها ،
حتى تخف وتصغر وتتطاير مثل فقاعات تنفخ في هواء كثيف مشكلة شرارة العقل والفكر …
لكي تكتب وترسم الغد الأفضل لأطفال الوطن بالمستقبل.
داعية للجد والعمل.وزارعة بذور الأمل.فلولا الأمل لبطل العمل.فبوركت جهوده بتلك اللوحات التي شحذت فينا إشراقة شمس العمل والأمل للغد الأجمل.
لقد أضاع كل شيء، إنه وحيد ، محروم ، لقد جذب خارج ذلك الحصن الذي كان يحتمې به.
ذلك السور القوي .ذلك النسر القوي،تلك البومة التي ترمز للحكمة في حضارات الشرق القديم ،
باارغم من ان البعض يعتبرها رمز الشؤم،فاعماله التي كانت تشكلها :
اعماله بالمعرض، خارج إبداعات عدستة الفوتوغرافية بتوثيق وجوه الأدباء والمثقفين والفنانين التشكيليين المصريين،مراجعه،قواميسه ، مقالاته ، اسلوبه الفني التقني القوي ،
ألوانه الزاهية المترابطة، المحكمة، جمله وعصارات الوانه وتكويناته التشكيلية المصقولة كمدافع برونزية ، دقيقة الرماية تخيف المهاجمين على رقة الشطرنج.
التحدي عند الفنان:
ولكنه قرر أن يخرج . لقد قبل التحدى وهو يتقدم وحيدا في أرض مکشوفة …
بقي ان نقول أن المحيطين اللذين نشأتا فيها مشكلات وعقبات أدت إلى تغير كثير من المعطيات الاجتماعية والسياسية والفنية والعلمية وفي حلول القلق والضياع مكان الاستقرار والمعرفة الشاملة.
نبلغ هنا نهاية هذا البحث عن كنوز الداود الفنية، بل قل بدايته، اذ انه جهد ان يقدم في لوحاتوإطارات وصفحات قليلة صورة عن تقنيات وتفاعلات فنية يتطلب كل منها بحوثا مطولة ودراسات معمقة.
وإن انسان اليوم يحس بوقته حالة قلق وبداخليته هوسا وغثيانا، يشعر انه فريسة العبثية والتمزق، والتجربة والكوارث والحروب والفتن، فيحاول تثبیت اقدامه بتوجيه تفكيره نحو الأشياء ،
بتشکيل صور وتصامیم تستعير من الأبعاد الهندسية بعض صلابتها وثباتها.
وفي الحقيقة أن هذا البعد ـ الملجأ ما هو الا نسبي ومؤقت، لأن العلم والفلسفة والادب المعاصرين يجهدون في محو ثوابت هذه والهندسة المريحة.
وابدالها بطوبولوجيا متاهية، زمان ۔مكان، او زمكان مسافات متداخلة، او منحنية، البعد الرابع ،
وجه غير اقليدسي للكون يشکل مدى دواريا مخيفا يبني فيه بعض الفنانين والكتاب و المفكرين الجدد متاهاتهم.
متاهات فنية و أدبية تنشد أن تكون مصغرات عن متاهات عالمنا الكثيرة .لكي تعلمنا كيفية الخروج منها جميعا.
******
سؤالنا كيف يفهم البشر الطبيعة وكيف يفهمون الحضارة:
إن الإجابة عن الأسئلة تخص علم الإبستمولوجيا الذي تتناول كل ما يتعلق بها وهو خارج النفس البشرية
من أشياء سواء كانت طبيعية أو حضارية .
فالابستمولوجيا، أو نظرية المعرفة، هي الباب الأول الذي ندخل منه إلى الفهم العميق
لأعمال الفنان المصري: حسن داود.
وتتفرع الإبستمولوجيا عند الداود إلى فرعين كبيرين :
الفرع الأول ينطوي على المشاكل الخاصة بعالم الطبيعة ومنه تولدت العلوم الطبيعية ،
والفرع الثاني ينطوي على المشاكل الخاصة بعالم الحضارة ،
ومن هذا الفرع تتولد العلوم الإنسانية . ولا شك أن كل ما يخص الإنسان يتأرجح بين الفرعين . غير أن هناك علمين خاصان بعالم الحضارة هما:
السيميوطيقا والهيرمينوطيقا .
ويتعاملان بتحويل محيطهم إلى محيط إنساني له دلالة.
فالسيميوطيقا:
هي أعم.وإنها ألصق بالنصوص والفنون التي تبدع في إطار اللغة الطبيعية.وكذاك ألصق بالإطار الاجتماعي.
اما الهيرمینوطيقا:
فهي کشف الطرق والوسائل التي تمكن من فهم اللوحات او النصوص.وهي ألصق بالنطاق الفردي..
ولكن في الأساس نجد أن العلمين ( الطبيعة والحضارة) هما في الواقع تطوير لعملية قراءة اللوحة او المنتج الفني، وتقنين لها، وطرح لجميع المشاكل المتعلقة بها.
وإن السيميوطيقا والهيرمينوطيقا هما في الواقع المنهج الذي يمكن أن نسلكه لقراءة العلامات والرموز والنصوص واللوحات والصور والمنحوتات عند الفنان المبدع حسن داود..
*حكاية كوادر ولوحات ومنحوتات الداود:
*الف حكاية وحكاية.وألف ليلة وليلة..ترويها شهرزاد الفن عن الفارس شهريار الفن .
*من أين البداية..في العمل الواحد يواجهك أكثر من سؤال ورمز وقصة وحتوتة مصرية من أفلام السينما المصرية في بدايات ومنتصف القرن الماضي.
*لعل فناننا المبدع حسن.حاول أن يقدم نفسه بأنه الفنان الموسوعي الشامل.لا بل منذ الوهلة الأولى يضع زوار معرضه في شرك التحدي.وكأننا ندخل مغارة علي بابا والأربعين حرامي.
*لكل عمل نكهته ومذاقه الفني الخاص والعام.فهو مزيج من السريالية والتجريدية والمفاهيمية.فتارة يعطينا جرعة فنية تخالها بسيطة ويفك رموزها المشاهد العادي.
ولكن سرعان ما يصتدم بجار من الرموز. الطلاسم. فيطلب المساعدة من المختصين والبارين والفنانين والادباء والمثقفين لمساعدته لفك شيفرة العمل ورموز ومسميات عنوان العمل الفني.بإختصار يكتب ملحمة فنية على رأس دبوس.
*كيف لا وقد اعد العدة لهذه المعركة.فقد نقب ونكش وفتش كتب التاريخ والفلسفة والفن والادب ليقدم لنا رواياته الفنية المتعددة الأهداف والمشارب والمقاصد في هذا المعرض.
*يختصر الزمن والتاريخ الماضي والقادم..فتارة يقدم لنا إبداع الحضارة الفرعونية برموزها كالاهرامات وغيرها وأخرى ينقلنا لحضرة بلاد الشام وبلاد مابين النهرين( بلاد الرافدين ).
وحتى بلاد حضرموت وسد مأرب.ليس هذا وحسب فكأنه يقول لنا الحروب الصليبية قادمة إلى الشرق.
ومطامع الغرب بثرواتنا عادت من جديد.وكأننا نحتاج لبطل جديد إسمه صلاح الدين الأيوبي.
او للبطل الإسلامي خالد بن الوليد او لعقبة بن نافع اولمؤسسة القاهرة جوهر الصقلي.او لبطل اسطوري اسمه كلكامش.
او نبوخذ نصر.او للملك الفرعوني أخناتون ليوحدنا من جديد.او للحكيم افلوطين المصري.
*إحدى لوحاته قسمها الهرم نصفين للأبيض والأسود، على اليمين فارس اسود وعلى اليسار نظيره الأبيض يحمل سيفه..
*وتحته رموز واحجيات وضعها للبحث عن مفتاح اللوحة.وعمل آخر .قسمه بالوسط بصليب،وفوقه الخفاش أو طائر الليل الذي يعمل في الخفاء لتحريك الفتن والمؤامرات على الشعوب.
وكأنه يستقريء عودة الحروب الصليبية.وعمل ثالث فيه فارسة بيضاء تطير فوق الحصان لتفتك بالفارس وحنانه الأسود.وكأنها مسيرات العصر( طائرات درون ).
أو صواريخ.او طائرات عادية.وهناك فارس باللون البني الفاتح يطير بجناحيه من فوق حصانه .
نخاله سوبرمان العصر او الرجل الخطوات بات مان لينقذ الإنسانية من براون الغزاة والمحتلين.وايضا نجد فارس بوجه كبير يفكر وامامه بومة الحكمة .وبالأعلى الحصان.
ومضاف لذلك لوحة كان اللو الأزرق وبعض اللون الزهري هو الغالب على لوحة الفرسة الطائرة والحصان البراق الطائر.واحصنة ساقطة من الأعلى وأخرى تغرق بالماء.
في حين تبقى القلعة والفيل ثابتة بمكانها.ووسط الزحام رأس الهرم وعين تحرسه من الغدر والحسد والإحتلال.لوحة لوجي حسانين بالأحمر القرميد والشهري ومعهم الفارس وحياته وخلفه الفرسان والخلفية البيادة وحجارة رقعة الشطرنج.
ولا ننسى الفارس الطائر فوق حصانه الطائر والتي كتب عليها بيت من الشعر لامرؤ القيس يصف حصانه في معلقته: مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل.
ولوحة لبورتريه لوجه فارس بيده السيف وعلى راسه القلنسوة وخلفه الحصان .نفذت اللوحة باللونين الأزرق والبيج.
*ولوحة يسودها اللون البيج فارسة وفرسان واحصنة تهجم وفارس وفرسان تدافع على المكان.
وخلف المشهد جبال وصحارى وفي السماء طائرات وطيور ابابيل وفي الأسفل ازهار وورود وزهرة اللوتس.وعلى رأس الرمح توجد النجمة الثمانية العربية أو الخاصة بشعوب وحضارات الشرق العربي.
فن النحت عنده:
**منحوتاته جاءت لتكمل المشهد المسرحي الحياتية.فارس يرمي بسلامه نحو العدو ليدافع عن وطنه.وعمل آخر ثلاثة فرسان على حصان واحد جامح.
وفي الأسفل أبطال الرقعة من الفرسان والاحصنة والفيلة والوزراء والملك.ومنحوتة لبعض الرموز للحضارات القديمة والتي استخدمتها الحركة الماسونية لخدمتكم.
منها الشمعدان والحليب وغيرها.وفي أعلى الرموز ثلاثة حكام عين حورس الحافظة بالوسط وبومة الحكمة على اليسار والغراب في اليمين.
وكأن العالم القادم سوف يتحكم فيه الثلاثة: الامريكان والروس والصين.
المرأة ودورها :
– يظهر الفنان حسن دور المرأة في عصرنا الحالي فنجدها فارسة تدخل اتون الحرب الكونية الحالية والقادمة.
لوحة بالازرق وخلفية بنية فاتحة لفارس لها جناحين وتمسك عنق الحصان وخلفها فارس يطردها بالسيف وبجانبها حصان يسهل وينظر للخلف.
وبالاسفل بيدق ساقط.وبالاعلى طيور منوعة تنذر بالخراب والشؤم،وبجانبها لوحة لفارس بالبيت يمسك سيفا ويضع القلنسوة على راسه وبيده الترس.وفوقه سيف مكسور.
ولوحة بالبيت والأخضر والأزرق لفارس تصطاد البيادق من فوق القارب ومعها طائر الحكمة ألبوم.
وفي الخلف الهرم والطيور البتية وقرس الشمس الكبير وفيه عين حورس الحافظة.ولوحة بجانبها الأزرق يغلب والرمادي والبيج والابيض ،
فتاة بيدها رمح وترس وبجانبها ثلاث فتيات أو مجلدات.وخلفها حصان جامح يلفظ الماء والحياة وبجانبه الفيل
وبالاعلى النسر وبجانبه الهرم بحرارته ومربعاته وفيه عين الحكمة الحرز والحمايةوالحافظة من الحسد.وعمل بالأبيض والبني للفارس الاول أو للملك محاط بالحرس والرماح والسيول للدفاع عنه.
وبالأسفل بيدق يحترق وعلى اليمين بومة وعلى اليسار غراب.ومن الجدير ذكره بأن المبدع حسن داود.
قدم لنا عمل بشكل تشكيلي ونحتي.مما يؤكد أهميته.وهو طائر البوم الذي يمتطي صهوة الحصان المغمض العينين وتحته القلعة والفيل والبيادق.وأخاله يرمز لحماية السلطان أو القائد.
– اللوحة الرئيس:
– أراد الداود أن يختصر لنا بعض مما يجري من الماضي إلى الحاضر عبر لوحته التي سنسميها تجاوزا كما العشاء الأخير للسيد المسيح.
أو لنقل بأنها المائدة لكنها ليس المستديرة التي يتساوى فيها الجميع ولكن المستطيلة التي يجلس عليها عشرة من زعماء العالم أو المحفل ربما تمثل المحفل الماسوني.
أو دهاقنة المال والإعلان للتخطيط للعالم.ولعل وجود الرموز الموجود على الطاولة أمامهم خير دليل على أن ايدي خفية تحرك وتحكم العالم.المقصود هو الدولة العميقة أو حكومات الظل في دول العالم.
التي تحرك العالم عبر صراع المربعات التي كان عنوانا لمعرض الفنان داود.
– * دلالات عين حورس:
– من الملفت للنظر بأن الفنان المبدع حسن، رغم السوداوية والظلام الدامس الذي ينتظر الإنسانية المهددة بالصراعات المحلية والإقليمية او بحرب كونية ثالثة.
إلا انه في معظم اعماله كان يترك لنا عين حورس المحاطة باللون الأزرق لتحمينا من الحسد والظلم والعدوان على شعوبنا العربية .اقصد شعوب المنطقة بما يسمى الشرق أوسط .
– وقلة من الفنانين والدارسين والنقاد الذين اشاروا،لهذا الرمز وتلك العين التي مهرت بها معظم أعمال الفنان الكبير حسن داود.
اقصد عين حورس إله السماء والعدل والخير التي هي بمثابة:بمثابة الحماية من الحسد ومن الأرواح الشريرة ومن الحيوانات،واتخذها الفراعنة كحرز أو كتعويزه تحمي عروشهم،
وكرمز لإستقرار نظام الحكم بالدولة.
وندلف للقول أخيرا:
بأن معرض صراع المربعات للفنان المتالق حسن داود المثقف الموسوعي.بأعماله وتكويناته ومنحوتاته كانت، نادرة ، أنيقة ، ألوانها وألقها الواضح ،
أنغامها أجمل وأشجي وكأنها معزوفة بآلات عديدة ونادرة إنها اللحظة المناسبة للتوقف .
عليه ان يرتاح قليلا لقد بلغ مرحلة جديدة.ولادة فنية.ومدرسة وابجدية تشكيلية مفاهيمية سريالية بلغة عصرية.
يعرض لنا الفنان بمعرض احدى لحظات العشق والغزل والمداعبة بين النحات والتشكيلي والمهندس المعماري والمصور الضوئي .
بلغة شاعرية وكلمات تشكيلية، وحالة الوجد التي يعيشها وهو يسبح في أعماق اللغة الفنية والضوئية ، ثم النشوة التي يبلغها عندما يشعر أن الكليات أسلم زمامها .
للفن التشكيلي كتعبير يصبح هنا تعبيرا عن حالة الكتابة بالريشة والفرشاة مع ما يكتنفها من قلق وتردد واضطراب ولذة وعطاء .
ثم يستجمع الداود كل قواه ، يحاول أن يبعد عنا تلك الموجات الشريرة التي تبثها ..وفجأة يظهر في تلك الكلمات اللونية ،
في تلك الجمل والمقامات الموسيقية والتدرجات الأحادية والألوان الصيفية السبعة ، انتفاخ صعب إكتشافه و تبينه .. يخفق قلبه الفني برفق ، يصمم ، يتفحص،لونه، صوته،إضاءته …
ولكن الكليات ، ما ان يلفظها ، حتى تخف وتصغر وتتطاير مثل فقاعات تنفخ في هواء كثيف ..
وكأنه ساحر فني يخرج لنا من الفضاء الكوني لوحات سريالية تجريدية معزوفة بسلم الألوان الطيفية.
وهكذا إستكاع الداود بصراع المربعات ان يخلط الأوراق ويقلب زجاجة الألوان فوق رقعة الشطرنج البيضاء والسوداء.
*********
قدم الفنان المصري تعريفا بالمعرض:
هى لعـــبة سـلــمية وديــة لطــــرفـــين مـن الأذكــياء
حــينما يتدخـل ثالث بخـبث تتحول من لعبة بين صديقين
الـي معركه ونـــزال بـين خصـــمين .
: التقط انفـــاسك بعمق وفكر بسلام حـتـــي لا تـزهـــــق الأرواح وتـســــقـي الأرض الـدمـــــاء فتعم الكراهية ويستمر الوطيـس .
مشــــتـعـلآ بـلا نـهايـــــــه
راقــــب بحــذر ذاك الطـــرف الثـــالث وهـو يحرك القطع المتـجاوره علي المربعات
ينفـــث ســـمه فـي الفــراغـات البيـنيـه فيـطمــس ابصـــارهـم يتخــبطون بحـمق وتتســـاقـط جثـــاميـنهم فــوق التـراب .
يفاجئ الطرف الثالث المشهد بخطط محبوكه مسبقآ
يضحك بسفه منتشيآ وهو يلهو بخيوط الماريونيت
المتدليه بين اصابعه يقتلع ويدمر
يدفع اعوانه بلا شفقه لاسقاط جل الممالك والسطو علي كل الثروات .
تمر الازمنه وتندثر الحضارات وتظل العين الوحيده تراقب الساحات من قمة الهرم المبتور
تشيخ العناصر تترهل وترحل . وهي لا تشيخ .
تمطتي الخيل الفرسان تشهر السيوف
بعد أن جردتها من اغمادها تجاه الخصوم بحماس
تصهل الخيول بحنق وتتواجه بغضب .
تقبع الخصوم خلف الطوابي اتتظارا للحسم
ترمي السهام من أعلي القلعه
فتنهمر كتل النار المتأججه من المنجنيق
تحرق خضار الأرض وزرقة السماء .
تتنزل القنابل النوويه من السماء علي كل القطع تحولها رمادأ ودخان حيث لاتقيها الدروع الحديديه
المعارك فوق الرقعه تزيد وطئتها وتفر الحمائم مذعوره الي عنان السماء بلا وجهه .
يشتد وطيس الحرب وينفجر الغضب فتبلغ القلوب الحناجر ضغينة وسخطآ .
تركد الخيول المتشحه بسروج الحرب تحمل الفرسان رافعين سيوف ورماح الفتك تظللهم طيور الشر اللعينه تطارد النسوه والرضع وتدمر البيوت تحولها اطلال .
الكل ارتد تبدل انعكس حتي الوزير المتماسك انهار امام الفرس فيدهس بالحوافر والاقدام .
تتساقط العناصر من كل الزوايا وتتساقط معها كل القيم النبيله.
تنعق الغربان السود علي أطراف الاغصان المحروقه
تنتظر العقبان بهدوء حتي تهوي بوحشيه علي القطع المتناثره .
اما بوم الشؤم . تستتر بعباءة شبح فتستقي السخريه من وجهه العبوث .
تحلق خفافيش الظلام بعشوائية تخفي ضوء القمر فيصبغ السواد الأرض والقطع المتناثره
ولا يزال المثلث المبتور يلوح في الظلام ويحتوي المشهد
ورغم التقدم العلمي الرقمي وغزو الفضاء فلا يزال صراع الحقد القديم يحصد بلا شفقه .
يتحرك سكان باطن الكوكب المهترئ فيهبطون بأسراب الأطباق الطائره
يحتلوا السطح المهتز ليبيدوا القطع المتخشبه التي لم تشعر الحب مطلقآ .
ولكن ورغم ماتحمله الاحقادداخل النفوس المهتزه
لن يستمر الظلم ولن تستديم السيطره المتشيطنه
وسيبقي الأمل والحب والزهور البكر نبراس يضئ الأرواح العذبه .
ليتقدم الصناع والحطابون والفلاحون العاشقين للارض والإنسانية نحو كل البشر بورود الود التي انبتوها علي اسطح الطوابي والقلاع
ويظل شبح الطرف الثالث المخيف البشع في الحقول وفي سماء المربعات في نظر المحبين مجرد خيال مآته.
**********
هامش توضيحي:










*****
المراجع والمصادر:
بالطبع
بصورة شاملة
إما
أينما
حيثما
كيفما
أيما
أيّما
بينما
ألّا
لئلّا
حبّذا
سيّما
لكن
بالتالي
هكذا
أو
أم
لذلك
مثلا
تحديدا
عموما
لاسيما
خصوصا
بالأخص
خاصة
بالمثل
لأن
بسبب
إذا
عندما
حين