قصة محمد راتب النابلسي.الشيخ الدكتور عن رعاية والدته

قصة محمد راتب النابلسي

الواقعة حقيقية و أغرب من الخيال❤

الدكتور الشيخ: محمد راتب النابلسي

تقول فتاة : تقدّم أحدُهم لخطبتي وكان شرطه الوحيد للزواج هو الإعتناء بوالدته !!

فقط أن أُراعي أمه وقت غيابه ، فأُمه طريحة الفراش منذ عشرة أعوام ،أخبرني بأنه لن يطلب مني أكثر من ذلك.

وبعد وفاة والده لم يبقَ له سواها من الحياة .

قال لي :هذا شرطي فقط ( أمي )

أخبر زوجته بأنكِ لستٍ مُكّلفه برعايتها أو خدمتها ولكن إذا وافقتِ فستعملين ذلك من باب إنسانيتك وطاعةً لي ، هكذا أخبرني !

كانت أمه تعرضت لحادث سير مُرعب فقدت معه التحكم في جسمها بالكامل وشُلت أطرافها ،

القائم برعاية أمه هو ، ولكن نظراً لدراسته وعمله ، فهناك أوقات يغيب عنها وهي بحاجة إلى أدوية واهتمام !

فكّرت كثيراً وتحيّرت أكثر ، فهذا كأنه بحاجة إليّ خادمة وليس زوجة !

العروس تكلّمت مع والدها الذي خفف من ضجيج تفكيري وقال لي : إسمعي يا ابنتي ،

هذا مستقبلك وليس لي حق التأثير عليكِ ،

ولكن طالما سألتيني رأيي فأنا أؤمن جيداً بأن

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء) ..

وشخص كهذا حريص على والدته لن يُضيعك معه ولن يظلمك حقك !
إن أحبك أكرمك ، وإن كرهك لن يظلمك

فإذا كنتِ ستُراعي أمه ليس بشكل يُرضيه ولكن ستضعيها في مقام أمك فاقبلي يا ابنتي ،

وإذا ما كان الشيطان سيجد بابه إلى قلبك فيحملك على ظُلمها فقولك( لا ) أسلم لكِ .

وتزّوجنا فعلاً ، وفي أول ليلة لي معه أخذني إلى غُرفتها ،

الحقيقة زوجته صُعقت من منظر الغرفة ، كانت كقطعة من الجنة ، ألوانها ، ترتيبها ، وسائل التدفئة فيها ،

مُختلفة تماماً عن باقي البيت !!!

ترك زوجته واقترب من سريرها ، كانت نائمة ، أخذ يهز كتفها برفق قائلاً :

هديته للأم:

يخبر اهه.ماما ، لقد أحضرت هديتي لكِ ، هذه زوجتي ألا تريدين رؤيتها ؟!

فتحت عينيها برفق ونظرت له بابتسامة ثم حوّلت نظرها عليّ ،

لا أستطيع وصف تلك اللحظة ، عيونها مليئة بألم ، وثغرها مبتسم بحُزن ،

أمه كالقمر وهي بالسبعين من عمرها:

كان وجهها كالقمر في ليلة تمامه ، هادئ جداً لإمرأة في السبعين من عمرها !

قالت : مُبارك عليكِ بُنيتي زفافك ، وأدعو الله أن يهدي لكِ صغيري هذا ،

وأن يرزُقك ولداً باراً مثله ، وألا تكوني ثقيلة عليه مثلي ، ثم ذرفت عينيها دموعاً أشبه بفيضان سُمح له بالجريان.

سارع لمسح دموعها بكُم بدلته وقال : هذا الكلام يُغضبني ، وأنتِ تعلمين ذلك ، أرجوكِ ماما لا تُعيديها !

واقتربت أنا منها وقبّلت يدها ورأسها

وقلت : أمين ماما .

مرت أيامي في هذا البيت ودهشتي فيه تزيد يوماً بعد يوم ، كان هو من يُغير لها الحفّاض ،

وكان يُحممها في مكانها بفرشاة الإستحمام ،

وكان يُبلل لها شعرها ، ويُسرحه لها ، وعندما تألمت من المشط أحضر لها مشط غريب ،

كان من الورق المقوى ، ناعم من أجل فروة رأسها ، كان قد رآه في أحد الإعلانات التجارية ، أحضره لها ..

سُرّت جداً بذلك المشط ، كان يُضفّر لها شعرها في جديلتين صغيرتين ،

كانت تخجل عندما يفعل لها ذلك وتبتسم بحياء

وتقول :

لست صغيرة على هذا أيها الولد ، فلتُنهي ذلك !

كان يرد : عندما يُعجب أحدهم بكِ فستشكُريني ، عندها تغرق في ضحكٍ عميق ..
كنت أراه من خلف ذلك الضحك ينظر لها كطفل ما زال في السادسة من عمره !

حقاً كان يُحبها ، وجداً

لا أعرف ماذا قصد عندما أخبرني بأنه يريدني أن أعتني بها ؟!!
في الواقع هو يفعل كل شيء ،

أخبرني بأن وقت خروجه وعمله يستثقله عليها بأن تكون فيه وحيدة
كنت أستغرب كيف يجد وقت لكل ذلك ، فقط كنت أنا أساعدها في تناول وجباتها وأخذ أدويتها ، هذا كل دوري.

أحببت علاقته بها جداً ، كان مُتعلق بها وهي أكثر ، كان يستيقظ في الليل على الأقل ثلاث مرات لينقلها من جانب لآخر ،

حتى لا تُصاب بقُرح الفراش وليطمئن عليها.

كان مع كل مُناسبة يُحضر لها ملابس جديدة ، ويُشعرها بجو تلك المناسبة بمساعدة التكنولوجيا ..

وفي أحد المرات كان قد نسي إحضار حفاضاً لها ،

وعندما استيقظ ليلاً للإطمئنان عليها شم رائحة غير جيدة ، فعرف أنها قد أطلقتها على نفسها !!

كانت تبكي جداً وتقول :

آسفة ، حدث ذلك رغماً عني

كان مُنهمكاً في تنظيفها وهي تبكي وتقول : أنت لا تستحق مني ذلك ، هذا ليس جزاءً لائقاً بك ،

أدعو الله أن يُعجّل بما بقي لي من أيام.

أخبرها قائلاً :

أفعل ذلك يا أمي بنفس درجة الرضا التي كنتِ تفعليها بي في صغري !!

وبكيتُ ليلتها كثيراً جداً

هذا الرجل فعلاً رزقة:

أنجبت منه ولد ، تمنيت أن يكون مثله في كل شيء ، فحملته وذهبت به عند جدته ووضعته في حضنها

وقلت لها : أريده مثل ابنكِ ؟

ابتسمت وقالت : صغيري هذا رزق لي ، والرزق بيد الله عزيزتي ، فادعِ الله أن يُربّيه لكِ .

كانت حياته كُلها بِرّ وبركة وخير ، لم يتذمر منها قط ، لا أمامي ولا أمام غيري ..
كانت رائحته تفوح بالبرِّ بأمه ، حتى ظننتُ أنها تكفي جميع العاقين .

هذا الإبن البار هو : الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي

منقول

*********

المراجع والمصادر:

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً