- الخطاطة السورية رولا عكاري
-
بيتي فرح / طرطوس
يشكّل الخط العربي ذروة ما أنتجه العقل الإبداعي العربي لأكثر من ألف عام فأصبح جزءا أصيلا من التراث الثقافي والفني في العالم العربي،
يعكس هويتنا الحضارية والتاريخية، ونحتاج الحفاظ عليه وترسيخه في حياتنا اليومية ونقله إلى الأجيال همة الشباب واندفاعهم،
حتى لا يظل الخط العربي رهنا بالخطاطين والفنانين المتقدمين في السن فيتأثر برحيلهم أو بتوقفهم عن العمل.
إبداعات شبابية:
“رولا عكاري”، ابنة مشتى الحلو، واحدة من هؤلاء الفنانين الشباب الذين يسهمون في الحفاظ على تراث الخط العربي الغني،
في الجمع بين جمالياته والتعبير الفني الحديث.
عكاري” المتخصصة بفنون الخط العربي والزخرفة من المعهد التقاني للفنون التطبيقية بدمشق، شاركت بمعرض فني جماعي للفنانين الشباب في ثقافي أبو رمانة،
بالاضافة الى المشاركة بورشة فن الباتيك الأندونيسي في السفارة الأندونيسية بدمشق،
وفي مهرجان دلبة مشتى الحلو للفنون والثقافة 2024م، فعززت تجربتها ونمّتها بالاطلاع على تجارب أخرى غنية.
تأثرها بالفنان منير الشعراني:
تتحدث “عكاري” في حديثها “لمدونة وطن” عن إلهامها المستمد من تغذية بصرية كبيرة لفنون الخط والزخرفة للعديد من الفنانين،
ومنهم الفنان الكبير الأستاذ “منير الشعراني” الذي تأثرت به، ليشكل دافعا لخوض تجربة التعلم والفضول تجاه الخط العربي،
الذي وبالرغم من صعوبته، يفتح لمحترفيه باب الإبداع والتطور.
وتصف “عكاري” مشاركتها في معرض” إبداعات شبابية” ضمن مهرجان الفن التشكيلي السنوي الرابع بأنه تجربة متميزة لتبادل الخبرات مع الفنانين الشباب،
وفرصة للاحتكاك بالجمهور والاستفادة من ملاحظات الأساتذة ونقدهم البنّاء، حيث عرضت فيه أعمالها لمحبي فن الخط العربي
حضور النساء الخطاطات:
تشير “عكاري” إلى دور المرأة اليوم في انتشار وتطوير الفنون التقليدية مثل الخط العربي والزخرفة، ونقلها من جيل لجيل، منهنّ الخطاطات المعاصرات :
“إيمان الجشي، ريم قبطان، وبسمة الدنهاني”،
وفي رأيها أنه على الرغم من التطور التكنولوجي واعتماد الكثيرين على الأجهزة الرقمية،
حافظ فن الخط العربي والزخرفة على الصدارة كأجمل الفنون وأكثرها جذبا، متفوقا على الأدوات الرقمية المجردة من القوة والروح .
التكنولوجيا تفتقر للإحساس:
“عكاري” التي تؤكد على مساهمة الزخرفة في تعزيز جمالية اللوحة الكلاسيكية المتكاملة،
لإضافتها بعدا بصريا خاصا يعزز من تأثير النص المكتوب،
ترى في نفس الوقت أن التكنولوجيا قد قدمت أدوات رقمية تسهّل تنفيذ التصاميم المعقدة وتسرّع عملية الزخرفة والخط،
فالبرامج الحديثة أتاحت للفنانين تجربة تصاميم مختلفة وتعديلها بسهولة بوقت أقل، لكنها رغم كل ذلك تفتقر للإحساس اليدوي التقليدي.
وحول أسلوبها تنوه “عكاري” إلى استخدامها للزخرفة النباتية في لوحاتها،
لدقتها وتماشيها مع النمط الكلاسيكي الذي اشتغلته في الخطّين الثلث والفارسي،
كما تعمل على تصميم لوحات في الخط الحر بعيدا عن النمط الكلاسيكي،
لعرضها في معرض فني جماعي ولاحقا في معرضها الخاص.
تحديات:
فيما يخص التحديات التي يواجهها الخط العربي تجد “عكاري” أنه وبالرغم من اعتبار الخط العربي والزخرفة جزءا من الهوية الثقافية العربية،
إلا أننا نعاني اليوم من ضعف في الاهتمام المحلي بفن الخط العربي مقارنة بالفنون الأخرى، بالاضافة إلى تحديات الانتشار الرقمي،
تزامنا مع الاهتمام العالمي بفن الخط العربي والزخرفة، واستخدامه في التصاميم الحديثة، وفي الاعلانات وتصاميم الملابس وفي العمارة الداخلية،
بالإضافة إلى ازدياد المعارض والندوات الداعمة وجعله خيارا للعديد من المبدعين، ورغم هذه المصاعب،
يتضاعف إصرار الفنانين الشباب على نشر فن الخط العربي محليا، وألا يظل مقتصرا على الدين والسعي لتطويره.
تعمل بحب واهتمام:
أما الفنانة التشكيلية والخطاطة “ريم قبطان” المتخصصة في الخط الفارسي بدرجة ممتاز من المركز الفني المتخصص في فن الخط العربي “أنجمن خوشنويسان” في إيران،
ورئيسة مجلس إدارة جمعية بيت الخط العربي والفنون، ترى أن أعمال الفنانة “رولا عكاري” التي شاركت بمعارض الجمعية،
مشغولة بحب واهتمام مما ترك أثرا وحضورا متميزا، وتتمنى لها الاستمرارية وترك بصمة في الفنون السورية الشابة.
وتبين الفنانة قبطان أن رولا كانت واحدة من الفنانين الشباب الذين احتضنتهم جمعية بيت الخط العربي والفنون في دمشق والتي تأسست لهذا الغرض،
لإيجاد بيئة خصبة لتعليم الخط العربي للأطفال واليافعين والكبار، منذ عام 2020 ، بمشاركة مجموعة من الفنانين والشعراء والإعلاميين،
مع السعي المستمر إلى الانتشار والتعاون والتشبيك مع عدة وزارات و جامعات و مؤسسات تعليمية، ومع أفراد داعمين للثقافة في سورية.
تدريب الناشئة على فن الخط أمر يؤكده أيضا مدرّس فن الخط العربي، الخطاط “يوشع الخضر”
منبها لضرورة تعلم الأطفال والكبار مبادئ الخط العربي وخاصة الموهوبين منهم،
لرفع مستوى الوعي الثقافي والحضاري، وتعزيز تمسك الجيل بهويته الثقافية والفنية للحفاظ على هذا التراث الخالد.
وأضاف الخضر..”لابد الى الإشارة إلى الزخارف الإسلامية والهندسية التي أدت دورا مهما في تأطير اللوحات الفنية،
وكمّلت جمال الخط في أعماله على كافة الخطوط العربية،
تبعا لنوع النص أو العبارة، فلكل نوع من الخطوط تركيب ينسجم مع حروفه، فمنها الأفقي، العمودي، الدائري والمربع،
ويتم اختيار نوع الخط بما يتناسب مع شكل اللوحة وارتفاع الحروف ومدّها، بصورة تفسح للخطاط فرصة للإبداع في الشكل والمضمون.