عيسى محمد فنان خزاف
عيسى محمد فنان خزاف

الفنان الخزاف: عيسى محمد.. يوحد بين التراب والماء في النار..

عيسى محمد فنان خزاف

عيسى محمد فنان خزاف
عيسى محمد فنان خزاف

الخزاف عيسى محمد يوجد بين التراب والماء في النار.

جاءت المجموعة الخزفية التي قدمها الفنان الخزاف عيسى محمد لغدير غاليري،

لتكسر حدة حالة الملل والرتابة التي تفرض نفسها على الحياة الفنية،

بعد أن اقتصرت على التصوير «الرسم الملون فقط : كأحد فروع الفن دون سواه،

أيضا هذه هي المرة الثانية التي يصر فيها الفنان على المضي في طريق الخزف الشاق،

رافضاً الاستسهال، الذي تتسم به الخامات والفروع الفنية الأخرى،

وتضخ قدراً لا يستهان به من المال في جيوب الفنانين.

. يأتي المعرض في اتجاه إحياء فن من أقدم فنون البشرية على الإطلاق،

فن قديم قدم الإنسان نفسه، باعتباره أول الفنون التشكيلية التي مارسها الإنسان على سطح الأرض،

وأيضاً الكواكب الأخرى لو اكتشفوا فيها وجود حياة للإنسان،

فقد كان الإنسان البدائي يشكل من الطين اللاذب أوانيه ليحفظ بها حاجاته،

سواء التي يستخدمها بشكل أني يومي، أو توفر له فرصا للتخزين، في أول تصور فطري يربط الفن بالحياة،

ومع التطور الطبيعي للخبرات المكتسبة أخذ الإنسان يزركش أنيته برسوم محفورة بعضها محاكاة

لما يراه، وبعضها تصوراً لما يعيش في مخيلته وأحلامه .

اكتشاف النار:

وقد كان لاكتشاف الانسان للنار أثر كبير في تطور فن الفخار،

بعد أن حولت النار الصلصال إلى مادة صلبة لا تنكسر بسهولة،

ويختلف الفخار عن الخزف في أن الأول حرق بالنار مرة واحدة فصار صلباً لكن يتخلله الماء،

أما الخزف فيزيد عن الفخار في كون سطحه اكتسب طبقة زجاجية صماء تمنع تسرب الماء من مسام بدن الشكل

بالإضافة إلى أن اكتسابه هذه الطبقة يأتي عن طريق دخوله النار للمرة الثانية.

وعلى الرغم من التاريخ الطويل لفن الخزف، إلا أنه حتى هذه اللحظة مازال يحتفظ بأسرار المواد المستخدمة في صناعته،

خاصة تلك التي تتعرض للحرارة ارة داخل الأفران وتكون الطبقة الزجاجية البراقة المتماسكة على سطح الشكل

فمازالت معرفة العناصر المكونة للمواد وتأثرها ببعضها ، أشبه بالأسرار الحربية لدرجة

أن اللون الأزرق الفيروزي الذي توصل إليه الفنان الخزاف المصري القديم

مازال حتى الآن أعجوبة نادرة في فن الخزف عامة ،

ولم يستطع أحد أن يصل إلى نوعيته أو إيجاد بديل معادل تماماً له، ذلك لأن الخامات التي استخدمها

الفنان المصري القديم مع التركيبة الكيماوية

المشكلة لجزيئات هذا الخليط، بالإضافة إلى طريقة الحريق بالأفران

مازالت حتى الآن موضع البحث والدراسة.

أما الخزاف عيسى محمد:

فقد لجأ إلى خيام قبائل الهنود الحمر في أميركا الشمالية، أثناء دراسته للفن في الولايات المتحدة الأميركية،

ليستمد من حياتهم ونقوش ملابسهم، وزخاريف حليهم وينسج من أساطيرهم رؤاه الخزفية الجديدة

والتي تعتبر نقلة كبيرة في تطور أسلوبه، برجوعه إلى المنابع الأصيلة والتاريخية لهذا الفن العريق.

بناء الجسور:

جاءت أعماله ۳۲ قطعة في مستويين… الأول يمثله مجموعة من الأواني ارتفعت نهاياتها في السماء

كأنها منارات أو مآذن على الرغم من تباين أشكالها، أما المستوى الثاني فجاء ممثلاً في مجموعة

من أعمال الخزاف المسطح سواء على شكل أطباق، أو خزف بارز، في الوقت الذي اتجه فيه عيسى محمد

إلى زركشة الشكل الخارجي لأعماله بنقوش بدائية فطرية بسيطة تحمل معاني ورموزا ودلالات عقائدية وروحية

وتعكس مضامين درامية كاستخدامه السمك رمزاً للخصوبة، أو تطويعه جسم الإنسان

بشكل يتسق مع الشكل العام للقطعة وفي الوقت نفسه يحمل دلالات ايحائية ورمزية.

لقد أحب عيسى محمد فن الخزف كفن ينقل إحساس الإنسان ومشاعره بسرعة فائقة وتلقائية إلى عمل فني ملموس،

حيث تتشكل بين يديه قيم جمالية جديدة وطازجة ..

لذلك يقول الفنان: «عندما يتحد التراب والماء يتكون الطين،

وعندما يتحد الطين والنار يتكون الخزف، وعندما يتحد معهم الفنان يتكون فن الخزف»،

وكلذلك ليس من المستغرب أن يستمر في محترفه لساعات طويلة لكشف أسرار هذا الفن

محاولا إضافة جديد لهذا الفن من حيث اللون والشكل.
وحول اتجاهه بالبوصلة نحو الغرب الأميركي

يستمد مصدراً للالهام الفني من حضارة الهنود الحمر، بعيداً عن حضارة الشرق الزاخرة..

يقول عيسى محمد: «الفن ليس له وطن، ولا حدود، ولا تحده عقيدة أو لون أو جنس، أو حتى ثقافة،

بل على العكس . الفن إنساني، يستمد قوته من صدقه وتعبيره عن تجربة إنسانية،

بالختام:

لذلك فهذه التجربة تعتبر محاولة صادقة لبناء جسور جديدة في العلاقات الحميمة بين شعوب الأرض،

حيث أن كل الثقافات الإنسانية تلتقي في منطلقات وغايات واحدة.

 

معرض الصور:

عيسى محمد فنان خزاف
عيسى محمد فنان خزاف

عيسى محمد فنان خزاف

 

الفنان الخزاف: عيسى محمد.. يوحد بين التراب والماء في النار..

***********

المصادر: مجلة الكويت عام ١٩٩٦م.

 

اترك تعليقاً