في قلب ساحة مصارعةٍ محتدمة، فعل الماتادور ألفارو مونيرا ما لم يكن في الحسبان.
الجمهور يهتف بعنف، والثور يندفع بكل فوره، وألفارو يرفع عباءته متهيئًا للضربة الأخيرة… ثم توقّف.
لم يُكمل المشهد، بل جلس على الأرض في وسط الحلبة. وفجأةً، ساد صمتٌ عميق كأن الزمن نفسه انحنى.
قال فيما بعد:
«لم أعد أرى الخطر في القرون، بل التقطت فقط نظرةً في عينيه. لم أجد غضبًا، بل براءة. لم يكن يقا.تل، بل كان يتوسّل الحياة. لم يكن نزالاً… بل قسوةً صافية.»
هناك ألقى مونيرا بسيفه، وغادر عالم المصارعة إلى الأبد.
لكن تحوّله لم يتوقف عند هذا المشهد، بل امتد ليصير رسالة حياة. فقد انخرط في النضال ضد قسوة البشر على الحيوان، جاب المدارس، كتب، وانضم إلى الجمعيات المدافعة عن الكائنات. راح يعلّم أن التعاطف أقوى من العادة، وأن البطولة الحقيقية ليست في إراقة الد.م، بل في الامتناع عنها، حتى وإن صرخ العالم مطالبًا بالعكس.
وقد وُصف بالخائن لتراثه، لكنه ظلّ ثابتًا لا يلين. واليوم، تلهم حكايته آلاف القلوب.
ذلك الماتادور الذي كان يقتل طلبًا للتصفيق، بات يقا.تل من أجل الرحمة، مُثبتًا أن لحظة صدق واحدة، ونظرةً في عيني كائن بريء، كفيلة بأن تغيّر حياة إنسان… بل مصير عالم بأسره


