إنعكاسات سينمائية ( رحلة في عوالم نوري بيلجي جيلان ).في مهرجان القاهرة الـ 46 في دار الأوبرا – شادي جمال الدين


💥 نوري بيلجي جيلان في مهرجان القاهرة الـ 46 :
السينما تلتقط تفاصيل التجربة الإنسانية بعمق فلسفي

القاهرة ـ «سينماتوغراف» : شادي جمال الدين
أكد المخرج التركي العالمي نوري بيلجي جيلان، خلال الندوة التي حملت عنوان «انعكاسات سينمائية: رحلة في عوالم نوري بيلجي جيلان» على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية ضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما، المصاحبة للدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن كل ما يقدمه في السينما أو الفوتوغرافيا، ينطلق من رؤية فلسفية واحدة.
وقال جيلان خلال حديثه: “كل صورة ألتقطها تحمل الجوهر نفسه الذي أشتغل عليه في أفلامي بالنسبة لي، الفن لا يتجزأ، بل هو امتداد روحي وفكري لرحلة دائمة في البحث عن المعنى”.
وأوضح أن أعماله الفوتوغرافية، المعروضة في متاحف وصالات فنية حول العالم، تشترك مع سينماه في الحس التأملي ذاته، وفي التكوينات الدقيقة واللغة البصرية الهادئة التي يعتمدها للتعبير عن العمق الإنساني والتفاصيل الصغيرة التي تشكل جوهر تجربته الفنية.
وأدار الجلسة الناقد السينمائي أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي)، حيث تناولت أبرز محطات وأثر المخرج التركي نوري بيلجي جيلان في السينما العالمية.
وقال المخرج التركي، رئيس لجنة التحكيم الدولية في مهرجان القاهرة السينمائي الـ46، خلال ندوته: “بالنسبة لي، السينما ليست مجرد صور متحركة، بل هي فرصة لتسجيل لحظات الحياة الدقيقة، ولتسليط الضوء على التجربة الإنسانية بعمق فلسفي وبصيرة حساسة”.
وأضاف جيلان أن أسلوبه الواقعي المتأني والصور الشعرية في أفلامه يهدفان إلى استكشاف الروح الإنسانية وعلاقتها بالعالم من حولها.
وتابع المخرج التركي، قائلا:” أعتقد أن أعمق شيء تعلمته هو أنني لا أعتبر نفسي مهمًا، ولا أعطي نفسي أي قيمة. الإنسانية مهمة بالنسبة لي بطريقة ما، على الرغم من أنني لا أعرف بالضبط ما يعنيه كل هذا، ربما هو نتيجة لغريزة الحماية التي نمتلكها جميعًا. وأحب أن ألعب مع هذه الغريزة، أن أكسرها، أن أكسر كبرياء الشخصيات، لذلك أحتاج نوعًا من الكبرياء لأتمكن من تحديه”.
وتابع : ” أرى الحياة بطريقة مختلفة؛ حتى في المواقف الصعبة أجد نفسي أحيانًا مبتسمًا أو متقبلًا لما يحدث. لدي حساسيتي، لكنني لا أشعر كما يشعر الآخرون غالبًا. وبشكل عام أرى الحياة بلا معنى كبير، لذلك لا آخذ الأشياء بجدية. ومع ذلك، هذا لا يجعلني شخصًا سخيفًا، فأنا فقط ألاحظ تفاصيل الحياة بطريقة مختلفة. أحيانًا أكون على طبيعتي، وأحيانًا لا”.
وأشار جيلان إلى علاقته بالممثلين، قائلاً:” عند اختيار الممثلين، أشعر دائمًا بالخوف والقلق بشأن النهاية. خلال التصوير، الشك مستمر، وهذا أمر مرهق. أقرأ السيناريو مع الممثلين مرة واحدة لتجربة الحوارات وإجراء تعديلات بسيطة إذا لزم الأمر، لكن لا أحب تكرار التعديلات كثيرًا، فقد أبدأ حينها في كره الفيلم. أهم ما أطلبه منهم هو حفظ الحوارات بدقة، لأن الثقة بالممثلين أساسية بالنسبة لي”.
وتوقف المخرج التركي متأملاً، وقائلاً : ” منذ بضعة سنوات تعرفت بالصدفة علي كاتب حكيم ومختلف وهو الكاتب المصري توفيق الحكيم، الذي تعلمت منه الكثير، واكتشفت ان مجموعة من اعماله الادبية تجولت الي افلام والت اتطلع الي رؤيتها”.
وأضاف:”أقدر الحوار لأنه أكثر من كلمات؛ فهو يشكّل القصة والشخصيات. رغم القيود التي واجهتها في بعض أفلامي، أريد أن أحافظ على هذا الحب، كما أن اختيار الفصل أو المناخ في الأحداث قرار حكيم وواعي، لأنه يعكس الحياة الواقعية بكل ظروفها، بما في ذلك الثلوج، ويعد عنصرًا قويًا في السرد.
وأشار المخرج التركي نوري بيلجي جيلان قائلا:”التباين بين التجارب الإيجابية والسلبية يضفي قوة على المأساة، ويعتمد الأمر على الطريقة التي نستغل بها هذا التباين، وعلي سبيل المثال الإذلال، رغم كراهيتي له وخوفي منه، يعد اختبارًا قويًا للشخصيات. تحت الإذلال تظهر جوانبهم المختلفة، وليس فقط في السفر أو العمل، بل في أي موقف يختبر الشخصية.
وتابع، قائلا:”أما عن صناعة الأفلام اليوم، فالأمر أصبح أصعب مقارنة بعشرين عامًا مضت. حتى عندما يُحسب كل شيء في السيناريو، يرفض المنتجون والموزعون، وتكرهها المهرجانات والجمهور أحيانًا. الآن تحتاج مرحلة ما بعد الإنتاج، عمليًا تحتاج لفيلمين وجهد عامين للتصوير والمونتاج والإنتاج النهائي، وتباع الأعمال نصف السعر، رغم كل الجهد المبذول. أتمنى أن يكون فيلمي القادم مختلفًا، لكن من يدري؟”.
وعن رحلته في عوالم السينما، قال جيلان : “عندما كنت شخصًا شديد الانطواء، كانت التصوير الفوتوغرافي عالمًا مثاليًا لي، لأنه لا يتطلب الآخرين. السينما بدت مستحيلة في البداية، بسبب التعامل مع فرق كبيرة من الناس. لكن مع بلوغي الخامسة والعشرين، بدأت أحب السينما، وتساءلت إن كان بالإمكان العمل فيها بأسلوب يشبه التصوير، ضمن مجموعة صغيرة جدًا، أو حتى بمفردي. هكذا بدأت بصناعة الأفلام القصيرة وحدي، باستخدام كاميرا 35mm، أصور بدون سيناريو، مستكشفًا حياتي وعائلتي وما حولي، بطريقة فوتوغرافية صرفة.
وتابع : “مع الوقت، أدركت أنني بحاجة على الأقل إلى شخص للتركيز البؤري، فأضفت شخصًا ثم آخر. شيئًا فشيئًا، اكتسبت ثقة أكبر بنفسي، ونمت مهاراتي، وأصبح العمل السينمائي طبيعيًا بالنسبة لي. أحيانًا أسترجع بداياتي وأشعر بالحنين، لكن قدراتي اليوم أوسع وأعمق بكثير.
وأضاف:”في كتابتي، لا أعتبر الأمر تحيّزًا، بل جزءًا من فهم الذات. علينا أن نكتب وفقًا لتغيرنا ومعرفة أوهامنا ومعتقداتنا الخاطئة. أحب الكتابة عن مجموعات صغيرة وقصص بسيطة، وأجد نفسي منجذبًا لمشاهدة هذا النوع من الأفلام باستمرار، هذه التساؤلات التي أطرحها على نفسي عندما أكون وحيدًا، أشبه بالعلاج: أسأل، أبحث عن إجابات، وأحيانًا أغوص لدرجة العجز عن التعبير.
وأشار المخرج التركي نوري بيلجي جيلان قائلا: “في العمل السينمائي، لا أبدأ بفكرة مسبقة عن الشخصيات، وأختار الحالات أولًا، ثم أصوّر الأشخاص وأكتب عنهم. هذا العمل يتطلب جهدًا كبيرًا، لكنه ضروري، وتكون عملية اختيار فريق التمثيل تمت بالفعل”.
يذكر أن هذا اللقاء يأتي ضمن جهود مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتعزيز الحوار الثقافي والفني بين المبدعين والجمهور، وتسليط الضوء على رموز السينما العالمية الذين أسهموا في تجديد لغة الصورة وتوسيع آفاق السرد البصري..
رابط سينماتوغراف:
https://cinematographweb.com

******
المصادر:
 مواقع إلكترونية+ الجزيرة+العربية نيوز – فرانس24/ أ ف ب
– اخبار فن التصوير – جائزة هيبا – الإمارات اليوم – القدس العربي
موقع المستقبل – موقع سينماتوغراف
– إيليت فوتو آرت

أخر المقالات

منكم وإليكم