هل تفقد روحها الصورة الفوتوغرافية في عصر الذكاء الإصطناعي- حسين نجم

هل تفقد روحها الصورة

الصورة الفوتوغرافية في عصر الذكاء الاصطناعي:

هل تفقد روحها وأهميتها

المؤلف: Hussein Najem

*الصورة الفوتوغرافية في عصر الذكاء الاصطناعي:

هل تفقد روحها وأهميتها؟

الجزء الأول:

ربما تأخرت بكتابة رأي، فيما يخص اقتحام الذكاء الاصطناعي وتوليد الصور لعالم الفوتوغراف،

بعد أن تحول سمة من سمات العصر.

لكن أن تأتي متأخرا، خير من أن لا تأتي.

الذكاء الاصطناعي وإعادة تعريف الفن البصري.

في غفلة من الزمن مسرعة الخطى، بات الذكاء الاصطناعي قادراً على محاكاة الأنماط الفنية بطريقة مذهلة وعجيبة،

حتى أن أكبر المصورين في بداية ظهوره،

أصيبوا بالذهول للنتائج المبهرة، وأيضاً تعديل الصور بدقة عالية غير مسبوقة.

ووصل الحال أنه تمكن من إنشاء مشاهد خيالية تبدو حقيقية لدرجة كبيرة من الواقع.

ومع الانتشار المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، تغيّرت مفاهيم كثيرة في عالم الفن، من الرسم والموسيقى،

وصولًا إلى التصوير الفوتوغرافي. فلم تعد الصورة حكرًا على الكاميرا،

بل بات يمكن “صنعها” ببرمجيات تُحاكي الواقع بدقة مذهلة.

وهنا يطرح سؤال نفسه؟

هل ما زال التصوير الفوتوغرافي له معنى؟

ام ستفقد الصورة شذاها وتعبيرها في عصر الذكاء الاصطناعي.

في هذا المقال، سنستعرض تأثير الذكاء الاصطناعي على الفن الفوتوغرافي،

مع تحليل إيجابيات وسلبياته،

ونناقش مستقبل الصورة في عصر التكنولوجيا الذكية.

البداية:

كانت بداية تأثير الفوتوغراف بالذكاء الاصطناعي، عندما دخل بوريس إلدغسن

عام 2023 م.في جائزة سوني العالمية للتصوير،

بسلسلة صور بوبها تحت عنوان (الذاكرة المزيفة) قد أنشأها بواسطة (AI) وفازت في المسابقة.

وقد رفض بوريس استلام الجائزة كونها مولدة بالذكاء الاصطناعي- قائلاً:

في بيان على موقعه “لا ينبغي أن تتنافس صور الذكاء الاصطناعي مع التصوير الفوتوغرافي في جائزة كهذه،

إنهما كيانان مختلفان. كما أن الذكاء الاصطناعي ليس تصويراً، والمسابقة لا يمكنها التعامل مع الفن المصنوع بهذه الطريقة، لذلك لن أقبل بهذه الجائزة”.

هذه البداية خلقت ردود أفعال صادمة ومختلفة من قبل القائمين على الجائزة ومن قبل الكثيرين من أصحاب المجال الفني.

ومما تقدم يقفز سؤال أخر؟

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الصورة الفوتوغرافية؟

والجواب يعتمد على الغرض من الصورة!

نوجزها بنقاط ثلاث:

• الفوتوغراف في المجال التوثيقي: (الأخبار، التأريخ، العلم) تظل الصورة الحقيقية ضرورية ضمان للمصداقية، ولا نستطيع ضمانها في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لسبب بسيط! هي أن هذه الثلاث تحتاج الحضور وعيش الحدث، والتجربة، وذلك والحال هكذا عسيرة على (AI).
• في المجال الفني والإعلاني: قد يزيد (AI) من التنافس، لكنه لن يلغي حضور الفوتوغراف التقليدي، بل سيكون أداة مكملة لنتائج أفضل.
• التعبير الشخصي: في التصوير الفوتوغرافي الحقيقي، هناك واقع مهم، لا ينوب عنه شي، مهما طال الزمن، الا وهو الاحتفاظ بالقيمة العاطفية،
• والتفاعل مع الحدث ” وسوف يمر علينا ذلك من خلال المقال” فالقيمة العاطفية هي مشاعر، وأحاسيس إنسانية وذكريات حقيقية، يختزلها العقل البشري، فلا تستبدل بصور مصنعة من خلال أوامر معينة وتوليدها اصطناعياً.

وقد يسأل سائل؟

أين يدخل الذكاء الاصطناعي؟

أيضاً نوجزه بنقاط ثلاث:

• تحرير الصور بالذكاء الاصطناعي أدوات مثل: Luminar وPhotoshop AI تسمح بتعديل الصور بشكل مذهل تلقائيًا.
• إن توليد الصور بالنصوص مثل منصات: DALL·E وMidjourney تخلق صوراً كاملة تتمتع بمعايير فنية، من مجرد وصف نصي.
• يحسن الجودة ويحول الأسلوب: AI يستطيع تحويل صورة عادية إلى لوحة فنية بأسلوب فنان عالمي، لها سردية جمالية تخصه.

نأتي الأن لنعرَف ما هو التصوير الفوتوغرافي التقليدي؟

إن التصوير الفوتوغرافي ليس مجرد توثيق لحظات، أو إعادة الواقع،

أو إعادة تمثيله حسب وجهة نظر المصور أو بما يسمى (بمذهب الواقعية)،

بل هو فن التأمل والرؤية، والرسالة، والحدث الدرامي، فالمصور لا ينقل ما يراه فقط،

بل كيف يراه! من خلال عدسته،

فيتحول الضوء والظل واللون إلى لغة بصرية تنقل الإحساس والمعنى، والأحاسيس الإنسانية حالة انفعالية داخلية،

لا تلمس بالحواس، ولا يوجد أمر يستطيع صنعها أو وصفها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

هل أنتهى دور المصور؟

هو سؤال استفزازي! والإجابة عليه أكيداً: لا.

بل دوره يتغير،

فالواجب على المصور الفوتوغرافي في زمن الذكاء الاصطناعي،

يصبح عليه لزاماً أن يكون مفكراً بصرياً حذقاً، وفناناً واعياً،

يعرف كيف يدمج بين التقنية والذوق،

وبين الواقعية والتعبير،

وبعبارة أخرى:

على المصور أن يسخر إمكانيات (AI) ليكمل دائرة الجمال فيما يخص مده البصري وسرديته الجمالية، ويوظف هذا العلم والمجال،

ويخدم اعماله بما يتناسب مع الرسالة البصرية، ويمزج بين الواقعية والتعبير.

إن مستقبل الصورة الفوتوغرافية عليها التعايش مع الذكاء الاصطناعي بدلاً من الصراع،

فمن الأفضل رؤية (AI) شريك للمصورين حيث إنه يُستخدم لتحسين الصور وتطوير الأفكار الإبداعية.

وسيبقى التصوير التقليدي الخيار الأمثل للقصص الإنسانية الأصيلة،

لأن (الأصالة) هي ميزة تنافسية للفوتوغرافيا التقليدية، ولا ينوب بديلاً عنها (AI)،

فالذكاء الاصطناعي لا يملك الاصالة ولا الإحساس الذي يميز لمسة المصور التي تجعل كل صورة يلتقطها الفنان هي صورة حقيقية فريدة.

وتأكيداً لجواب السؤال- هل أنتهى دور المصور؟

يبقى التصوير الفوتوغرافي فناً إنسانياً،

لن يفقد قيمته، لكن ستتطور لتعكس التوازن بين التقنية والإنسان،

وتبقى المشاعر الإنسانية واللحظات الواقعية، عناصر لا يمكن استنساخها بالكامل.

ماهي إيجابيات ومزايا الذكاء الاصطناعي على التصوير الفوتوغرافي؟

1. يتميز (AI): بالابتكار والإبداع غير المحدود، حيث يمكن للمصور وللفنانين على العموم استلهام أفكار جديدة من الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، مما يفتح الأفاق الإبداعية غير التقليدية.
2. إبداع بصري غير محدود: وإنشاء صور لا يمكن التقاطها في الواقع.
3. سرعة الإنجاز: حيث ان الذكاء الاصطناعي يختصر مراحل التحرير وتوفير الوقت.
4. التعديل الذكي وتحسين الجودة: أدوات مثل- Photoshop (بميزة AI)، تسهل معالجة الصور بذكاء، فهي متمكنة من إزالة العيوب وتحسين الألوان والإضاءة تلقائياً.
5. إتاحة الفن للجميع: فقد صار خلق صور مذهلة متاح للجميع، حتى لمن لا يملكون كاميراً، أو ممن لا يعرفون ابجديات التصوير الفوتوغرافين، فالتقنيات الجديدة تمنح الهواة والمبتدئين فرصة إنشاء محتوى مذهل بسهولة.
6. الحوادث التأريخية والمشاهد المستحيلة: صار بإمكان توثيق المشاهد التأريخية التي كان ولزمن قريب مستحيلة تصويرها أو تصوير عوالم خيالية بدقة عالية مما يخدم المجالات التعليمية والإعلامية.

وقد شاهدنا كثير من هذه الحوادث حينما أعيد توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي على مواقع التواصل الاجتماعي.

انتهى الجزء الأول

* الاستاذ الفنان الناقد العراقي:

** حسين نجم

***********

نصب كاميرات عالية الدقة استعدادا لإطلاق صاروخ في مهمة تابعة لناسا في ولاية فلوريدا الأميركية. 26 فبراير 2023 – REUTERS

* الصورة من موقع شروق