مروان مسلماني عملاق الآثار السورية وموثق الحضارة الإنسانية

مروان مسلماني عملاق الآثار

مروان مسلماني (2013م- 1935م).

رائد فن التصوير الضوئي السوري:

يتألف مصطلح علم التصوير الضوئي photo-Graphic)) من كلمتين: photo وهي كلمة إغريقية تعني الضوء،

و Graphic وهي كلمة يونانية تعني الرسم أو الكتابة.

وقبل استخدام كلمة “فوتوغرافيك” كان يطلق على التصوير مصطلح ضوء الشمس Sunlight ) ،

ذلك لأن الشمس كانت المصدر الوحيد المستخدم لإنتاج الصور.

في الحقيقة لم يكن التصوير الضوئي في العصر الحديث وليد حدث واحد،

بل كان عبارة عن مجموعة كبيرة من الخطوات الصغيرة التي شجع عليها الفضول، والحاجة،

والرغبة الأزلية عند الإنسان لتثبيت الحدث ووقف عجلة الزمن.

وقد كان لفناني أوروبا التي ولد فيها علم التصوير الضوئي في منتصف القرن التاسع عشر،

صولات وجولات مع ما يسمى بـ (الإيميج)

بعد أن وصلوا لما وصلوا له من الكمال في الرسم الزيتي وصنع التماثيل.

واعتبر التصوير الضوئي في تلك الظروف أسلوباً جديداً لرسم الصور

بنفس القواعد الإنشائية التي بناها فطاحل الرسم ولكن بمجهود أقل.

التصوير لم يولد بل تطور:

إن فن التصوير الضوئي – كما أسلفنا – لم يولد بل تطور، وكان التطور عبر خطين؛ الأول خط التطور الضوئي:

والثاني كان بلغة الكيمياء الحديثة. وقد ولد عندما

تلاقى التطور الكيميائي:

مع التطور الضوئي عبر الخط الزمني.

ففي القرن السادس عشر أعلن العالم روبيرت:

أنه لاحظ أن لون كلوريد الفضة يتغير عندما تتعرض تلك المادة للهواء.

وقد اعتبر بذلك الإعلان – على الرغم من الخطأ الذي ارتكبه في اعتبار الهواء لا الضوء –

هو سبب تبدل لون كلوريد الفضة.


ومع بداية القرن التاسع عشر استطاع عالم الفيزياء “توماس ويدج” الحصول على صورة (إيميج)،

٠لكنها عادت فاختفت بعد فترة وجيزة، وذلك لعدم توفر أية وسيلة علمية بحينه.

وفي عام 1827 استطاع الفرنسي “نيبيك” تثبيت أول صورة في التاريخ

باستخدامه معاجين تجف عند تعريضها للضوء الملفت للانتباه أنه حتى ذاك العام كان التصوير يتم

باستخدام صندوق الكاميرا أوبسيكيور) التي كانت تعمل بدون عدسات مع قطعة من النحاس تلتصق بها المعاجين المذكورة أعلاه.

وفي مطلع عام 1829 تمكن “داغور” أن يصل إلى طريقة يقلل فيها مدة التعريض

من ساعات إلى فترة قصيرة بين العشرين إلى الثلاثين دقيقة واستطاع كذلك أن يثبت الصورة بغمسها في أملاح خاصة.

أما بداية استخدام مصطلح Photo-graphic عملياً فكان أول مرة عام 1839م.

حيث قام بهذا الابتكار السير جون” هيرشل” عام 1839م.

عربياً كانت بدايات فن التصوير الضوئي فيها خجولة بالنظر

لما كانت البلاد العربية تعانيه من وطأة الاستعمار، وانتشار الجهل والتخلف فيها

عموماً ومحلياً بدأ هذا الفن بالوضوح عبر الصور واللوحات

التي قام بتصويرها العديد من الرحالة والمستشرقين والمصورين الأوربيين

الذين فتنوا بحضارات وتراث وأوابد بلادنا

وبدا حضور الفنان المحلي  واضحاً عندما قام برصد معالم البلاد بأسلوب لا يخلو من التقليد حيناً،

ويرقى إلى مستوى الإبداع تارة أخرى، وتجلى  ذلك في لوحات بعض الفنانين أمثال:

جورج درزي، وأرتين شاهينيان، وآزاد، وغيرهم.

الأب كمال مسلماني:

في عام 1935م؛  لم يدرك المرحوم السيد كمال مسلماني أول إداري سوري في إدارة السكك الحديدية السورية أثناء الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان.

أولاده أديب وعدنان ومروان وشقيقتهما:

‏ أنه ‏سيرزق بطفل هو الرابع بعد ‏أولاده الثلاثة: “أديب” الذي أصبح فيما بعد طبيباً مرموقاً،

و”عدنان” الذي تفوق كمهندس، وشقيقتهما،

الثالث مروان أصبح رائدا في التصوير:

‏وأن  الطفل القادم الذي أسماه “مروان” سيكون علماً رائداً من أعلام القرن العشرين في فن التصوير الضوئي

الذي لم يكن معروفاً آنذاك في بلادنا إلا لدى بعض النخبة التي استلهمته من خلال لوحات المصورين العالميين.

‏الكاميرا كان اسمها العلبة:

ناهيك عن أن آلة التصوير بشكلها المتطور اليوم لم تكن معروفة آنذاك أيضاً، وكان يطلق عليها اسم (العلبة)،

وهي بدورها تشبه العلبة المربعة وتتسع لفيلم مؤلف من ثماني سلبيات متصلة دون انقطاع،

وكانت بمقاس 6×6 ملم.  لم تكن صور تلك العلبة مدروسة فنياً، إذ لا توجد فيها سرعات للتصوير، ولا فتحات متطورة للعدسة بعد.

فضول مروان جعله يتراجع عن الدراسة: ‏

‏  ورغم ذلك فقد اتجه فضول الطفل “مروان” إليها سريعاً، وبدأ يتراجع عن دروسه بسببها،

فقد أخذت عليه لبه، وسيطرت على تفكيره، وفرضت نفسها عليه هواية متفردة،

سيما أن ذاك الطفل لم يكن يعبأ بألعاب الأطفال، أو ما كان يثير شغفهم في سن  الابتدائية والإعدادية المبكرين.

كان يقص الصور من الكتب والمجلات:

لقد دفعه شغفه غير العادي بالصور إلى قصها من المجلات والكتب التي  ‏كانت تصل إلى يديه؛ وكانت كلها بالأسود والأبيض،

إقتنائه علبة تصوير:

‏إلى أن اقتنى (علبة) تصوير، وأخذ بتصوير كل ما تقع عيناه عليه،

بدءاً من والديه وإخوته الذين شجعوه على هوايته، مروراً بلقطات فنية معبرة

لفتت انتباه صاحب المخبر الذي كان يطبع صوره لديه،

فدفعه الأخير إلى تعلم غسل الأفلام، ومن ثم طباعتها بنفسه، وذلك بالطرق البدائية السائدة آنذاك.

صور الحلفاء الملونة أثارت فضوله:

مع نهاية الحرب العالمية الثانية قام الحلفاء بتوزيع صور ملونة لأسلحتهم على الجرائد والمجلات،

وكانت تلك بواكير التصوير والطباعة الملونة،

وهو ما أثار فضول الطفل “مروان” أكثر، وشدَّه لعالم التصوير بشكل أكبر.

أول كاميرا بعمر 12 سنة:

في سن الثانية عشرة من عمره تمكن من شراء أول آلة تصوير مستعملة

احتوت على بعض التقنيات المتواضعة التي تمكن المصور من حسن التقاط الصورة المرجوة،

وكانت الآلة تلك مكسورة إلى خمسة أجزاء، فقام بلصقها مع بعضها، ونجح بذلك.

لكن غرفة الفيلم فيها كانت بحاجة دائمة إلى أن يكسرها ثم يعيد لصقها مجدداً

كلما أراد وضع فيلم جديد بها أو استخراج الفيلم الذي قام بتصويره. وبالرغم من كل ما سبق؛

فقد أنتج في تلك الآلة بواكير صوره الرائعة التي بدأ بنشرها،

صوره بالآلة البدائية جواز سفره بالتصوير:

والتي كانت بمثابة جواز السفر بالنسبة لدخوله إلى عالم فن التصوير الضوئي،

وكانت بساتين دمشق في مناطق كفر سوسة وداريا والربوة ودمر والهامة والصالحية،

ومقاسم نهر بردی و فروعه وتوزيعاته، وجبل قاسيون المحيط بمدينة دمشق إحاطة السوار بالمعصم،

وحاراتها وأزقتها ومعالمها الشهيرة، وغوطتها الغناء وما ضمته من طبيعة خلابة،

وعناق الأشجار، وأسراب العصافير،

وقطعان الأغنام تسرح في أرجائها، كل ذلك شكل نقطة الانطلاق لابن الثانية عشرة باتجاه عالم الشهرة الفنية،

تصويره وعشقه لمعالم مدينة دمشق الأثرية :

واستمرت موهبته بالتوهج ضمن معالم مدينة دمشق التي أخذت بلبه وتفكيره،
سيما بعد أن بدأت موهبته بالتفتح،

وذلك عبر انتقاله لمرحلة تصوير هاماتها الأثرية الشامخة، كالمساجد والكنائس والتكايا والخانقاهات والخانات والقصور،

وما إلى ذلك من معالم تغص بها مدينة الياسمين في كل حنية وحارة وزقاق يتباهى بوجوده بها.

سفره إلى باريس:

في عام 1957م سافر مروان إلى خارج القطر للمرة الأولى في حياته وكانت وجهته مدينة باريس،

حيث استضافه أخوه فيها لمدة ستة أشهر وذلك بهدف معالجة كسر حصل معه في ركبته.

هناك هامت فطرة الفتى الفنية على ضفاف نهر السين وهو يعانق كاتدرائية نوتردام،

وصار يتحين مرور القوارب في النهر ليلتقط لها أبدع الصور،

كما أذهله الصيادون الذين كانوا يؤمون ضفتي النهر

بكل أشكال حالاتهم الإنسانية، وبالرغم من ممانعتهم لالتقاط الصور لهم،

فقد أخذ يغريهم بما يرضي طموحه الفني ويقوم بتصويرهم

في كافة الحالات التي تفرض نفسها عليهم خلال عملهم اليومي،

وهذا ما دفع حسه الفني إلى دراسة اللقطة وكادرها ومحيطها قبل التقاطها،

حيث بدأت تتبلور لديه فكرة الصورة قبل الشروع في تنفيذها.

تصويره مئات اللقطات بباريس:

وتحصل لديه جراء رحلته تلك المئات من اللقطات الفنية الباهرة والنادرة بان معاً.

لدى عودته إلى مدينته دمشق لمعت بذهنه فكرة إقامة معرض فني للوحاته التي جمعها في باريس،

ولم تكن فكرة المعارض مألوفة في بلادنا بعد،

فتوجه للمرحوم الدكتور سليم عادل عبد الحق” المدير العام للآثار والمتاحف آنذاك،

وطلب منه أن يقيم معرضاً لتلك اللوحات في المتحف الوطني بدمشق،

وكان لموافقة الدكتور عبد الحق على الفكرة وقع رائع بنفس الشاب مروان

الذي قام بعرض مئة لوحة من المقاس الكبير (1م 60 سم لكل لوحة،

أول معرض بمتحف دمشق عام ١٩٥٨م:

وهكذا ولد معرضه الضوئي الأول عام 1958م في صالة المتحف الوطني بدمشق تحت عنوان

“مشاهداتي في باريس”

‏ وحضر المعرض جمع غفير من الرسامين والنحاتين والمصورين والفنانين بكل أطيافهم،

وبدورهم فقد بدؤوا يوطدون معرفتهم بالوافد الجديد،

‏كما حضر افتتاح المعرض عدد كبير من الشخصيات السياسية والدبلوماسية المرموقة،

إضافة لحشد كبير من المواطنين الذين أذهلتهم الصور بمقاساتها الكبيرة،

والحس المرهف الذي كانت تبوح به.

رئيس قسم التصوير بالمتحف الوطني:

إثر معرض “مروان” الأول؛ قام المرحوم الدكتور :

سليم عادل عبد الحق”

الذي كانت له اليد البيضاء بإقامة المعرض الأول له باستدعائه وعرض عليه أن يعمل

رئيساً لقسم التصوير والأرشيف الأثري في المديرية فاستجاب “مروان” لذلك العرض،
رحلته الوظيفية من عام ١٩٥٨- ١٩٩٦م:

وبدأت بذلك رحلته الوظيفية بدءاً من عام 1958م، واستمرت حتى عام 1996م

عندما اختار إنهاء خدمته منها بنفسه.

لقد تميز الفنان مروان مسلماني:

خلال خدمته الوظيفية التي ناهزت الثمانية والثلاثين عاماً بالخلق الرفيع، والجلد الكبير على العمل،

والإخلاص التام لمبادئ المهنة، والتعامل الخلوق مع زملائه العاملين،

عشق التصوير والتوثيق الأثري:

والشغف المذهل بتعلم عدد من اللغات والانكباب على استكناه علوم الآثار،

‏ والتعرف على دقائق تفاصيل أعمال التنقيب والتوثيق،

‏ حتى بات هو شخصياً من المراجع المهمة لتلك العلوم،

‏ كما أنه قام خلال عمله في المديرية برصد وتصوير التفاصيل الدقيقة جداً لكل ما وقعت عيناه عليه،

‏ من قصور ومعابد وجوامع وكنائس وأبنية أثرية على اختلاف مسمياتها،

‏ إضافة لرصده كافة أنواع الزخارف والحجارة والألواح الطينية والنصب والأعمدة والقبور

والأجزاء الدقيقة من التفاصيل الفنية التي يحتاجها الدارس والمتخصص في العمل الأثري.

تصوير الأرياف والفلكلور:

ولم يفته توثيق حال الأرياف والمدن والمنشآت والسدود، ناهيك عن إلتفاته لدراسة الفولكور السوري، والصناعات التقليدية الشعبية،

وتوثيق الأسواق وما تضمه من أعمال وصناعات ومحتويات، وقد منح الرصيد اللازم من وقته لكل تلك الأعمال،

كل ذلك جعل الآثار السورية الشغل الشاغل، والشغف المريع لذهن الفنان مروان مسلماني خلال حياته الوظيفية.

أصبح علامة فارقة بين أقرانة:

ونتيجة لكل ما تقدم؛  فقد صار الفنان المسلماني صديقاً حميماً

لكل الفعاليات الفنية وعلى اختلاف أطيافها،

‏ وشكل علامة فارقة في حياة الجيل الذي كان صنوه في تلك المرحلة وما بعدها،

‏وما يزال ذكره باق من خلال الإرث الفني الملتزم،

والعمل الأثري الدؤوب، والعلم والعمل الخالصين في حب الوطن.

القباني رشحه لبرنامج تلفزيوني للتصوير:

في هذا الصدد؛  نشير إلى أنه؛  ومع بدايات إرسال التلفزيون السوري لبرامجه

‏فقد كلفه الدكتور صباح قباني المدير العام للإذاعة والتلفزيون بحينه

بتقديم برنامج أسبوعي تعليمي حول فن التصوير،

‏ واستمر برنامجه ذاك لعدة سنوات، حيث استقطب شريحة واسعة من المشاهدين،

‏ وذلك بالنظر إلى الأسلوب الشيق، والمعلومات المفيدة والمبسطة التي كان قد قدم  بها برنامجه المذكور.

الشايب يكلفة بتصوير الجزيرة السورية:

أيضاً لا بد من الإشارة إلى أن الأستاذ “فؤاد” الشايب” مدير الدعاية والأنباء السورية عام 1960م

‏كان قد كلفه بإجراء مسح اجتماعي ثقافي طبيعي أثري فني للجزيرة السورية عبر لقطاته المبدعة،

‏ وقد قام الفنان مسلماني بتصوير كل ما وقعت عيناه عليه أثناء تلك الجولة،

معرضه الثاني عن الجزيرة:

‏مما  دفعه الإقامة معرضه الثاني حول مشاهداته في الجزيرة السورية

والذي حظي باهتمام كافة الشرائح الاجتماعية، نظراً لما قدم فيه من صورة صادقة عن مجتمع الجزيرة.

كاميرا ماميا صديقة دربه الوظيفي:

تميز الفنان مروان مسلماني خلال عمله الوظيفي بتقشفه، فلم يقتن آلات التصوير الفارهة على نفقة الدولة،

‏ إنما اكتفى بآلة بسيطة، كانت الأثيرة لديه وهي من نوع (MAMYA)،

‏ وقد دامت صداقته مع تلك الآلة طيلة مدة خدمته، حيث قام بتسليمها لخلفه وهي بوضع جيد  للغاية،

صور مليوني صورة للآثار السورية:

وعبر تلك الآلة قام بتصوير ما لا يقل عن مليوني صورة للآثار الوطنية

والقطع الأثرية المكتشفة واللوحات الفنية الطبيعية التي صاغها الله في  بلادنا.

‏ اهتم الفنان مروان مسلماني” بالتصوير بالأسود والأبيض وهو الأساس في فن التصوير الضوئي،

وكان يعتبر التصوير الملون  تصويراً آنياً، وطفرة لیست بذات شأن كونه يخدع العين بأطياف ألوانه،

‏التصوير بالأبيض والأسود رفع مكانته العالمية:

‏ أما معارضه فقد ازدانت بالصور واللوحات الفنية ذات البعد اللوني المتدرج ما بين الأسود ‏والأبيض،

‏وهي من أصعب أنواع التصوير،

‏وهذا ما رفع من شأنه ومكانته العالميتين،
‏إذ أن التصوير بالأسود والأبيض هو عماد اللوحات الضوئية الفنية في العالم.

مؤسس ورئيس نادي ونقيب المصورين الضوئيين:

شارك الفنان مروان بتأسيس نادي فن التصوير الضوئي عام 1982م

وتم انتخابه كأول نقيب للفنانين الضوئيين السوريين بعدما تم إشهار النادي،

واستمر بموقعه ذاك لعدة سنوات ليتركه فيما بعد من تلقاء نفسه لزملائه من فناني النادي،

مع استمرار رعايته ومؤازرته للفنانين الشباب حيث كان يعتبر فن التصوير الضوئي يزداد شباباً بهم،

وهذا ما زاد من رصيده الخلقي مع جميع من عمل معهم. نشير أيضاً إلى أنه قام بتدريس مادة فن التصوير الضوئي في كلية الآداب قسم الصحافة).

رافق خلال فترة عمله في المديرية العامة للآثار والمتاحف

العديد من البعثات الأثرية التي عملت في مواقعنا،

وساهم بتصوير مكتشفاتها الأثرية وواظب الحضور في المواقع الأثرية

حتى بات أحد أهم عناصرها لدى تلك البعثات.

‏وعمل مع العديد من علماء الآثار الوطنيين والعالميين الذين نذكر منهم الأستاذ:

‏ نسيب صليبي في عمريت وتدمر.
‏و العالم الفرنسي :

كلود شيفر في أوغاريت .
‏والعالم الإيطالي: باولو ماتييه في إبلا،
‏وكذلك العالم الآثاري (موتغارت) في تدمر
‏ونذكر العالم الإنكليزي (كريزويل) عالم الآثار الإسلامية .
‏والعالم الفرنسي (أندريه بارو في موقع ماري،
‏والعالم الألماني هورست كلينغل)،

‏ وقد ساهم مع الجميع من خلال لوحاته بإصدار مؤلفاتهم عن الحضارات والآثار السورية.

أعماله مرجعا للعاملين والدارسين بالآثار:

لقد أمضى الفنان مروان مسلماني جل حياته في خدمة التراث والفن وأصبحت أعماله مرجعاً للعاملين والدارسين في مجال التراث والعمارة والفن،

بفضله أصبح التصوير فنا:

كما جعل من التصوير الضوئي فناً في سورية فساهم بذلك في حفظ التراث

‏اقام سبعين معرضا:

‏ من خلال المعارض المتخصصة التي أقامها، والتي ناهزت السبعين معرضاً،
‏نذكر منها:

معرض “مشاهداتي في باريس”: وهو معرضه الفني الأول 1957م،
– ‏ وقد عرض فيه خبرته الأولى في مجال احتراف فن التصوير الضوئي،

ومنه حصل على احترام الفن له، ودخله من بوابته العريضة.

معرض “الأختام الأثرية السورية:

عرض في جامعة توبنغن بألمانيا واستمر عرضه عاماً كاملاً، وهو معرض متخصص للغاية،

فقد استطاع من خلاله أن ينقل السلندرات الأثرية من حجم لا يتعدى الـ 3 سم إلى صورة نقية تتجاوز الـ 1.5×1 متر،

مما بهر الناظرين والمتخصصين حتى في التفاصيل التي تم إيضاحها من خلاله،

وهو ما أكسب الفنان المسلماني سمعة أكبر لدى عرض معرضه هذا.

وكذلك معرض المرأة في الآثار السورية:

وقد عرض أثناء انعقاد مؤتمر المرأة العالمي في كوبنهاجن، وفيه تم إبراز دور المرأة السورية

التي صورتها التماثيل واللوحات الفنية والحجرية عبر لوحات جميلة.

معرض “مكتشفات إبلا” وقد عرض في كل من دمشق والأردن وروما.

معرض الآثار الإسلامية” وقد عرض في كل من إسبانيا واليمن.

معرض خمسة آلاف عام من فن التمثال في سورية” عرض في دمشق وبرلين.

معرض الحضارات السورية القديمة” عرض في الجامعة الأمريكية الوست هول، وفي دمشق وألمانيا الديمقراطية.

معرض “المخلوقات الأسطورية” للنحات السوري العالمي سعيد مخلوف وعرض في دمشق وباريس،

‏وتميز هذا المعرض بالأفق الواسع لكل من الفنان سعيد الذي قام بتصنيع مئة تمثال أسطوري

مرعب تم تركيبها من عظام الفراريج،
‏على حين أبدعها الفنان مروان صوراً مجسمة بطريقة أبهرت كل من شاهدها،

‏حين صورها معتمداً على إسقاط الظل وكثافته قبالة النور المسلط عليها، فبدت آية في عبقرية الفنانين.

معرض “سورية .. أرض الحضارات الإنسانية” عرض في لندن بمركز باربيكان

معرض حول “الآثار” والتماثيل البرونزية في موسكو”
‏ وعرض بجامعتها.

‏ معرض “المرأة سحر وشعر” وهو من أروع معارضه، حيث تميزت لوحاته فيه بروح انسيابية شاعرية،

‏وقد أبدع فيه قصائد من صور ضوئية غزلت لوحات لن ينس مشاهدوها روعة الحس الفني العالي عنده.

مؤلفاته وكتبه ال 15:

كما ألف خمسة عشر كتاباً متخصصاً في الآثار والمواقع الأثرية كان من أبرزها:

كتاب البيوت الدمشقية:

وفيه رصد لأهم البيوت الدمشقية الباقية والمندثرة،

وأبرز من خلال لوحات الكتاب معالم التراث الدمشقي الأصيل. 

وكتاب تدمر فن وعمارة وفيه أخذ بعين القارئ والباحث والفنان في رحلة خيالية،

حيث جاب به من خلال لوحاته معالم المدينة الأثرية

وتفاصيلها المعمارية.  وكتاب (الجامع الأموي الكبير بدمشق،

ومن خلال لوحات ذاك الكتاب أطلعنا على زوايا فنية لا تبدو من خلالها للعين العادية

ما رآه هو من خلال الزاوية نفسها. كتاب الكنائس والأديرة التاريخية في سورية

ومن خلاله جال على أهم المواقع الدينية التاريخية فأبرز فيه ما خفي حتى على  المتخصصين في مجال العلوم الأثرية.

وكتاب بصرى المدينة الكاملة:

وأيضاً يجول في هذا الكتاب ولوحاته بكل معالم مدينة بصرى السياحية من مدرجها الشهير،

لأسواقها التاريخية، لبركة الحاج الجامعها العمري، لشوارعها، ومعالمها، وقصورها،

كل ذلك عبر حس فني وعين متميزة مبهرة….

وإذا كان قد بهر العالم بإضافاته العلمية والعبقرية والفنية في مجال علم التصوير الضوئي،

فإنه من المتوجب علينا أن نذكر إسهاماته في فنون الرسم والنحت وصب التماثيل

كان يصنعها من مادة الريزين غير القابل للكسر، والتي كانت تثير اهتمام الزائرين والسائحين،

نتيجة تقنية نحتها بطريقة متميزة أيضاً  ،

فقد قام بنسخ الكثير من القطع الأثرية بطريقة فنية لا تسمح بالمقارنة فيما بين الأصلية منها والمنسوخة عنها،

ناهيك عن التقنية العالية التي تميزت به قطعه الفنية ، وهذه هبة أخرى تميز بها  فناننا المذكور.

وفي هذا المجال أيضاً، ينبغي أن نأتي على الجانب الإنساني الذي وهبه الله له،

فمروان الذي عاش في طبقة متدنية مادياً، لم ينس تلك الطبقة من الناس حين عايشهم بعد أن تيسر حاله،

فكان ريع كافة مبيعات لوحاته وصوره وأصولها يتبرع به للمستخدمين والأذنة والعمال رقيقي  الحال في المديرية،

ولم يأنف يوماً مساعدة زملائه حين يصيبهم العوز، كما لم يقصر معهم في أفراحهم وأتراحهم،

فكان الشريك والرفيق والصديق.  وكان يحضر لعمله صباح كل يوم في الرابعة صباحاً،

ليقوم بتنفيذ بيادر العمل المحال إليه من كافة المحافظات،

وليبدأ بعده استقبال كل من يود أن يزوره عند بدء الدوام،

ليحمل إليه بنفسه كأس الشاي الذي كان يغليه على الطريقة الدمشقية خمير وفطير)،

إنه الفنان صاحب  الإحساس المرهف الراقي، والإنسان الذي خَبِرَ الحياة بكل معانيها،

الأمر الذي جعله يتلمس مواطن الجمال حيالها،

سواء كان ذلك في لوحاته أم في حياته، ولو شئت السردت هنا قصصاً  وقصصاً وقفت عليها جراء ذلك.

لقد ساهم “مروان” مسلماني” بنقل صورة الآثار السورية إلى العالم من خلال لوحاته

التي شكلت أرشيفاً ضخماً تميز بإبراز الأثر، وخصائصه وزخارفه،

فكان للحجر عنده مواقع متباينة، وألوان تبدو متغيرة من كل وجه من وجوهه،

نعم إنه الفنان الذي لم يدخل كلية،  ولم يحمل شهادة أكاديمية،

حاله كحال الفنانين الكبار الذين لم يحملوا سوى إبداعاتهم وتأثيرهم الخالد في الحياة والناس.

إن المطلع على أعماله يدرك جيداً كيف استحق الألقاب والشهادات التي منحت إليه،

فقد قامت الجمعية الوطنية الكيميائية بباريس بمنحه شهادة الدكتوراه الفخرية في علم التصوير الضوئي،

لاكتشافاته وإسهاماته الفنية التي بهرتهم، كما لم يفته تكريم الرئيس السوري”حافظ” “الأسد”

الذي منحه وسام الاستحقاق السوري تقديراً لأعماله الإبداعية في مجال الآثار.

إن الفنان “مروان مسلماني” لم يكن موهوباً فحسب،

بل هو واحد من أهم أعلام فن التصوير الضوئي العلمي والأرشيفي

القائم على مادة هي نتاج وخلاصة الإبداع الإنساني ألا وهي الآثار،

وسوف يمر وقت ليس بالقصير حتى يدرك أي دارس لفنه وعبقريته في فن التصوير الضوئي

أنه  كان أمام عملاق حوّل الصورة الضوئية من مجرد نسخ للواقع إلى شاهد على عمق الحضارة الإنسانية.

في صباح يوم الخميس الواقع في 21/2/2013م فارق الفنان مروان مسلماني الحياة،

تاركاً وراءه إرثاً يصعب حصره من الأعمال الفنية التي كان جلها من اللوحات الفنية تصويراً،

والتماثيل التي قام بنسخها عن أصول أثرية،

إضافة لمؤلفات وثقت الآثار السورية

بالصورة والكلمة بعدة لغات  ، وغير ذلك من اللوحات التي رسمها بريشة الإبداع الوطني،

فكان خير سفير لبلاده في الأرض، وسيذكره كل حجر وكل ذرة تراب مر من فوقها

فهو لم  يبخس الوطن الذي أنجبه من رحمه، فكان لزاماً وحقاً له الخلود فيه…

*****

المراجع والمصادر:

مواقع إجتماعية- فيس بوك .صفحة الفنان مروان مسلماني

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً