صدر للتو العدد 104 من مجلة النيل و الفرات الورقية المصرية و مقالنا النقدي الجديد….شكرا لأسرة التحرير
…………………… وقفة نقدية مع الدكتورة الشاعرة
عائشة الخضر لونا عامر
الحلقة الثالثة
كأنها تكتب الشعر الحديث بلغة مدركة للواقع العربي الذي غاب فيه التفكير الفلسفي و العلمي عن الحراك الثقافي العام الذي ينقصه البوصلة الأخلاقية التي تعلي من شأن الوجود الإنساني يرتقي و يسمو بالقيم و التأكيد على الخصائص الإنسانية في المجتمعات العربية حيث أعلنت طلاقها عن كل ما يرتقي بالإنسان و يجعله ينعم تحت مظلة المبادئ العليا التي من أجلها بعث الأنبياء ليرسوا قيم الحب و الوئام و العيش الصادق تحت قدرة الله العلي الأعلى و إن تعددت مشاربهم و طوائفهم و أديانهم و هنا يحضرني قصة واقعية لصخرة الدين الإسلامي الحنيف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان خليفة للمسلمين و فرض من بيت مال المسلمين عطاء لأهل الذمة فجاءته إمرأة عجوز شمطاء منهم تستجدي عطاء فقال لها: يا إمرأة أسلمي تسلمي فقالت: يا عمر و ما ينفع المسلمين إسلامي و أنا في هذا السن فالتفت إلى الناس و قال لهم : ليعلم الناس أنه لا إكراه في الدين فأعطاها و أجزل عليها المعروف مجسدا روح الشريعة الإسلامية و رونقها الإنساني و بعدها الروحي الاستراتيجي و انطلاقا من هذا المعنى تحاول الشاعرة عائشة الدنو مرتفقة بالبعد الإنساني الذي يمثل جوهر الشريعة و غايتها المنضدة للقيم و الأخلاق رافضة شعرا و ثقافة و واقعا للمعاش الذي يكرس الحرب قبل السلام و يلقي بمجتمعاتنا خلف سراب السنين ملوعا بالضياع و مد القوة من الأعداء على قدم و ساق ففي قصيدتها ” حب و حرب ” وضعت يدها على ميكانيكيا الحرب العاصفة لكل ما هو جميل في حياتنا و أمعنت في تصويرها و تشبيهها و وصفها للأعراب الذين باعوا الدين بالدنيا و أشربوا اللئم و النفاق و تاهوا في مستنقع مظلم عن قيم العروبة و سياج المبادئ التي تجعل من حياتنا أعظم سماحة و ارتفاقا بالضعفاء الذي يفهمون الدين رحمة لا شقاء و عطاء لا تصدية و حبا لا كرها فتقول :
نحن توأمان في زمن الفوضى …
عيناك َ ،،
زهرتَيْ اقحوان ٍ صفراوان ..
ويداي َ ،،،
تجمعان فوارغ رصاصات قنّاص ..
أخطأ الهدف بسبب نظارته ِ
التي دهسها بقدمه ِ وهو يبحث عنها
أصابعك َ الطويلة تناسب مفاتيح الصول
لأرغن يصلح لترانيم الجنائز ..
فهي تحاول الوقوف على عتبات الحرب مصورة مخرجاتها اللاإنسانية و ربما تعبيرها عن ” زمن الفوضى” كناية عن المدركات البصرية تخرجها مخرج سمعي دلالي ضمن أيقونية الحرب فخيالها الفني الدلالي يعطي شكل الفوضى للحرب اللاواعية في مجسمات بلاغية شكلية تلفظ المكبوت جهارا نهارا في اللاشعوري و هو التوقان إلى السلام و الحرية و الحب المنسوج بين أوردة الحياة و النفس البشرية و من ثم تأتي بالدلالة الفنية على ذلك “عيناك زهرتي أقحوان صفراوان ” ” و يداي تجمعان فوارغ رصاص قناص” و بعيدا عن الإشكال الرمزي بين ما يدور في قلب المحبين من عتاب يشبه قدرة الحرب على نسف الانسجام الحياتي فإن الشاعرة تبحث عن دلالة أعمق و رمز أشد شكيمة نحو تمثيل البعد الثقافي عندما لا تفرق الحرب بين بريء و مدان يشبه الخطأ البصري الناتج عن سوء البصر و العماية الجزئية بين الحق و الباطل كما يلامس قلوب المحبين الزيف و الشك لهذا يصبح عذاب المحب المخطوء الهدف و الغاية كسبحات صوت الجنائز البريئة زمن الحرب التي تطالها و تطلبها أصابع المحب ندما و أسفا و لم يكن السبب إلا إشكال و ضياع المبادئ الإنسانية التي تبحث عنها الشاعرة بين ثنايا شعرها و من ثم تقول:
وعيناي َ ،،
بندقتين بنيّتين ،،
أخطأهما سنجاب ٌ أعشى …
ونكاية بتلك الصواريخ
التي لم تهتزّ لها حتى أوراق ُ ياسمينتنا الفتيّة
سأدعوك َ لشرب فنجاني قهوة ،،
واحد ٌ لك ..
والآخر ،، تشربُه ُ عنّي !
بينما أكون ُ مشغولة ً بشتم ِ أجلاف الأعراب ،،
هنا تأخذنا الحاجة إلى اعتبار الشعر ممارسة فنية مثيرة لمسألة الحب و السلام فالشاعرة قالت ما تريد و ما لا يقال و قامت بفعل التطهير أو بكلمة أدق عبرت عن ميولها نحو التفريغ الثقافي و رفع الصوت عاليا في وجه الثقافة المنخرطة مع الجهل و لذا سيشرب فنجان القهوة عنها لأنها عادت تشبه البندقية بنية اللون لرصد ما تنوء عن حمله نفس الأنثى لأنها وجدت فرصتها في الحرية و السلام بأن تقول ما لا يقال و لعن كل قيود الحرب و تنشغل بشتم أجلاف الأعراب صانعي الحرب و التخلف و التجهيل فنكاية بالصواريخ المستعلية لم تعد الشاعرة تعيرها اهتمامها لأنها غير قادرة على منع الياسمين من إطلاق زهوره الفتية و نشر رائحته الذكية أو تهتز أوراقها طربا بنسيم الحب و السلام فجاهل بأمر العاطفة الإنسانية كل من يحاول لمس شعر الحرية أو يقف منها موقف الند أو المساس بريش أطيار تسبح بحمد ربها في فضاء لا متناهي من قدرة الجبار الأعلى و من ثم تأخذنا الشاعرة إلى غضون فلسفة الحب و السلام الساعية نحو منعرجات السماء في قصيدته الرائعة ” تخاريف من زمن الحرب” و ترى أن الحضارة دائما تسعى إلى الحرب و السيطرة و نزع فتيل الإنسان المتجدد و المتطور إنسانيا و لذا انتصار الحضارة المعاصرة على مبدأ السلام ينبع من عدم تمكنها من وضع حدا للحالة غير الطبيعية المائلة إلى حب السيطرة و الهيمنة بأشد الوسائل فتكا و هي في القصيدة تخرج المكبوت في اللاشعور عند كل إنسان فتقول:
طبول ٌ ،، وأصوات ٌ ،، وهدير ….
ومايسترو مشغول بتشذيب عصاه ..
لا الماء كان سخياً لينمو طريا ً،،،
ولا طيب الأصل عوّض ذاك الظمأ …
أهبت ُ به ِأن أقرضني أصابعك ،،
لنصعد بها الى تلك السماء ….
لكن ّ رأسه كانت ملتفة على رأس نخلة
ولم ينصت ،،
ولم يعطني تلك الأصابع !
أدرت رأسي المكتظة بذلك الصداع
وعويل ُ بائت لنسوة فقدن ّ أطرافهن ..
قفز لرأسي جسد الحلاج النازف بدون يدين ..
وتساءلت :
أما آن لتلك الدماء أن تنضب ؟!
لكن هدير القذائف أخرسني ،،
هي تحاول نقد بياني للثقافة التي فقدت قدرتها على التفكير الفلسفي الإنساني الذي يجعل من الحياة مطعم الماء العذب الزلال فجعلته الحرب و تخاريفها ملحا أجاجا ” لا الماء كان سخيا لينمو ” و هذا كناية عن الحب و الأمل المتجدد و خاصة المرأة المتجددة في ظل حركاتها المعبرة عن الفرح و البهجة و هي تنعم تحت ظل المباديء الإنسانية العامرة بالعطاء و الأمان فتتذكر زمن الحلاج رغم المصير النازف الذي نزل بالحلاج حينها حيث صودرت الكلمة و نفس الحرية و منع التفكير حتى في تصعيد المبادئ و القيم الإنسانية المتطلعة نحو عالم الغيب و الملكوت الأعلى المحكوم بقدرة الباري جلا و علا و نزعة التجلي الصوفي العرفاني تظهر واضحة في مسننات معاني القصيدة و لهذا برأي الشاعرة تنشد قيم الجمال و لكن الصعوبات في مجتمعها تحول دون الحصول عليها طالما أن كرامة الإنسان المبدع ضائعة و ملتوية إلتواء الفكر عن الثقافة الإنسانية
د. عبدالرزاق كيلو
******
المصادر:
الزمان
– موقع «الشرق الأوسط»
– موقع تلفزيون سورية
– موقع (اليوم السابع)
– موقع: الرأي ميديا
– موقع صحيفة عكاظ
– موقع : العربية .نت
– موقع الجزيرة .نت
– موقع النهار العربي
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)
– موقع القدس العربي
– موقع الشرق الاوسط
– مجلة الحرف والكلمة
– الإتحاد العربي للثقافة
– موقع :صحيفة سبق الإلكترونية.
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN
.bbc /arabic
– موقع موزاييك
– جريدة الدستور
– موقع العربي الجديد
– سكاي نيوز عربية – أبوظبي
– موقع سبق- اليوم السابع
– الإمارات اليوم
– العربية .نت – الرياض
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
**********


