توم ستوبارد: الشيء الحقيقي.. ماهو؟
(خاص صفحة مسرح العبث)
تدور أحداث مسرحية “الشيء الحقيقي”، الكوميديا التي كتبها توم ستوبارد حول موضوعات الحب والخيانة الزوجية، بطلتها ممثلة تدعى “آني” وبطلها كاتب مسرحي يدعى “هنري”، ونشاهد فيها كيف أن الخيال يشكل خلفية لحياتهما. إذ لا يمكن وصف زواجهما المخلص بأنه زواج مخلص، خاصة عندما يبدأ كعلاقة غرامية..
في المشهد الافتتاحي يكتشف فيه “ماكس” خيانة زوجته “شارلوت” له سرعان ما يُنتزع من تحت أقدامنا، ليكشف لنا أن الثنائي يمثلان في مسرحية. ويتبين لنا أن هنري متزوج في الحقيقة من امرأة تدعى آني.
ولكن عندما يتبين أن زواجهما السعيد يحمل أسراراً خفية أيضاً، فإن ما يُقدَّم على أنه حقيقي في عالم ستوبارد يصبح غير جدير بالثقة على نحو متزايد. وبالطبع، فإن هذه الخدعة ضرورية لتأثير المسرحية، فالخيانة موجودة في الحقيقة، وفي المسرحية، أي أن آني تخون هنري حقيقة كما تخون شارلوت زوجها ماكس، ولكنّ تداخلاً ما بين ما هو حقيقي، وما هو تمثيلي، يحدث للزوجين، حين يكتشفان ان المسرحية التي يقدمانها تجسد قصة حياتهما.
على الرغم من كل ما تتضمنه مسرحية “الشيء الحقيقي” من استجواب للكتابة المسرحية والمسرح، فإنها في النهاية تتساءل عن معنى أن يكون المرء محبوباً حقاً. ينتقل هنري، الذي يستحضر كل القوة اللغوية لستوبارد نفسه، من الاهتمام بما هو أكثر من عبقريته الإبداعية إلى أن يكون حطاماً عاطفياً وقع في الحب. ولكن ما يلزم للوصول إلى هذه النقطة هو أمر قابل للتفسير. هل سئم من تناقضه؟ هل أدى ضلال آني إلى فتح جوهره العاطفي؟ ربما يكون ذلك نابعاً من محادثة واحدة مع ابنته المراهقة؟ قد يكون ستوبارد خبيراً في الكتابة بالخفة، ولكن الجهل الذي يتركه لنا غير مرضٍ بشكل مؤلم.
الأسئلة الكبيرة التي لا يمكن الإجابة عليها في مسرحية “الشيء الحقيقي” جعلتها واحدة من أكثر مسرحيات ستوبارد الدرامية الفخمة التي أعيد إحياؤها اكثر من مرة، ربما لأننا ما زلنا يائسين من العثور على معناها المركزي. ولكن حتى هذه البراعة الفكرية لا يمكن أن تجعل من عمل ستوبارد أعجوبة لا تقبل الجدل.
(الصور المرفقة من عرض المسرحية في Old Vic، لندن، خلال شهر أكتوبر، 2024).