كتب سمير عبد الغني ..عن معرض الفنانة التشكيلية :أسماء سامي.

تحية إلى أسماء سامي

أعرف أسماء منذ وقت بعيد… وهذه المرة الأولى التي أكتب عنها. أسماء التي تحاول منذ فترة أن تصنع لنفسها مكانًا ثابتًا على الساحة الفنية، وتقدّم محاولاتها مرةً بعد مرة، باحثةً داخل الفضاء التشكيلي عن ركنٍ آمن. ولكن… لماذا أكتب عنها اليوم؟

في البداية، أعترف أن هذا المعرض هو تجسيد صريح لحالة القلق التي تسكن الفنانة، وتعبير مكثّف عن كل مكنونات نفسها، وسعيها الدائم نحو الأمان. شخوص أسماء ليست مجرد أشكال على سطح اللوحة، بل هي قطع من روحها، من تمرّدها، من هشاشتها، من أسئلتها التي لا تهدأ.

هذه الخطوط غير الواضحة، وهذه البالته اللونية التي تتأرجح بين الباهت والداكن والترابي ثم تنفجر أحيانًا بإشراقة مفاجئة… كلها ليست إلا انعكاسًا لحالاتها النفسية المتناقضة. (هي المعنى ونقيضه في آنٍ واحد،) كما قال الناقد الجميل محمد مرسي.

تنتمي هذه الأعمال بوضوح إلى المدرسة التعبيرية؛ وجوه مشوّهة أو ممسوحة، أو أخرى تنظر إلينا بقلق صامت، ملامح غير مكتملة، وكأنها تتلاشى أمام أعيننا. ومع ذلك، هناك خيط سحري يربطنا بهذا العالم، ويشدّنا إليه دون مقاومة.

فالوحدة التي ترسمها أسماء ليست عالمًا غريبًا عنا، بل هي جزء أصيل من وجودنا. رغم ضوضاء الشوارع، ورغم صخب مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أننا في لحظة العودة إلى البيت نختبئ داخل جدراننا الأربعة. ذلك البيت الذي ترسمه أسماء بروحها المعذّبة، فيبدو لنا كملاذ أخير، كخلاص مؤقت، محاطًا بالذكريات والصمت.

في هذا الفضاء الضيّق، يبدو الإنسان ضئيلًا، وروحه متعبة وهشّة. الوجوه الشبحية، وضعيات الأجساد المنكفئة، والفراغ الذي يبتلع شخصيات عالمها… كلها عناصر تصنع مشهدًا وجوديًا عميقًا، يتجاوز حدود اللوحة.

ترسم أسماء وكأنها تكتب قصيدة عن الإنسان المعاصر: الإنسان المحاصَر، المنهك، المثقل بالقلق والضغوط. ألوانها تتراوح بين البرودة والهدوء من جهة، والعنف والحرارة من جهة أخرى، لتخلق توترًا بصريًا على سطح اللوحة، يجعلنا نقف أمامها متأهّبين، نبحث لأبطالها عن مخرج، عن خلاص، عن لحظة سلام.

خطوطها تصنع هالات حول الشخوص وتمنح العمل إحساسًا بالاهتزاز والحركة. قد تبدو هذه الخطوط عفوية للوهلة الأولى، لكنها في الحقيقة نتاج وعي بصري واضح، وقدرة على السيطرة على التكوين بدرجة كبيرة.

لقد استمتعت حقًا بهذا المعرض، وأعترف أن مساحة الصدق الطاغية، والتماهي العميق مع شخوص اللوحات، كانت سببًا أساسيًا في أن أكتب عنه اليوم.
Asmaa Samy
Mostafa Sleem
Nagwa Ibrahim
Picasso Art Gallery

أخر المقالات

منكم وإليكم