كتب: سمر معروف..كيف غيّر  الفن الأفريقي مسار الحداثة من القناع إلى التكعيب في تجربة بابلو بيكاسو.

من القناع إلى التكعيب كيف غيّر الفن الأفريقي مسار الحداثة في تجربة بيكاسو

في مطلع القرن العشرين، حين كانت أوروبا تعيد النظر في مفاهيم الفن والجمال، ظهر بابلو بيكاسو كأحد أبرز رموز الحداثة البصرية، لكنه لم يكن وحده في هذا التحول. فقد لعب الفن الأفريقي، القادم من مستعمرات القارة السوداء، دورًا خفيًا لكنه حاسمًا في تشكيل رؤيته الفنية، وفي زعزعة مركزية الفن الغربي التقليدي.
حيث تستحضر الكاتبة والمترجمة أميرة ناجي في هذا المقال مقولة برتولت بريخت: “الفن ليس مرآة تعكس الواقع بل مطرقة تشكّله”، لتفتح بها بابًا لفهم كيف تجاوز بيكاسو حدود المحاكاة، وجعل من الفن وسيلة لإعادة بناء العالم لا مجرد تصويره. في هذا السياق، لم يكن الفن الأفريقي مجرد مصدر إلهام بصري، بل كان نظامًا فلسفيًا وروحيًا أعاد تعريف وظيفة الفن ذاته.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، تدفقت آلاف القطع الفنية الأفريقية إلى أوروبا، لكنها لم تُعامل كأعمال فنية، بل كـ”غنائم” استعمارية أو أدوات إثنوغرافية. غير أن الطليعة الفنية في باريس، الباحثة عن بدائل للتقاليد الأكاديمية، وجدت في هذه القطع جمالًا صادمًا ومحررًا ، يفتح أفقًا جديدًا للتعبير.
فقد كان لقاء بيكاسو بتمثال أفريقي صغير عام 1907 لحظة مفصلية. فقد رأى فيه طاقة سحرية وقدرة تحويلية ، لا مجرد شكل غريب. زيارته لمتحف تروكاديرو كانت بمثابة يقظة فنية، حيث أدرك أن الفن ليس ترفًا بل فعلًا سحريًا لمواجهة الكون المعادي. هذا الإدراك تجسّد لاحقًا في لوحته الشهيرة آنسات أفينيون ، التي مزجت بين التقاليد الإيبيرية والأقنعة الأفريقية، لتعلن ولادة التكعيبية.
ولطالما وُصف تأثير الفن الأفريقي على الحداثة الغربية بـ”البدائية”، وهو توصيف يحمل في طياته نظرة استعلائية. لكن مع تطور النقد الفني، بات يُنظر إلى هذه الفنون بوصفها أنظمة بصرية متكاملة ، لا مجرد زخارف غريبة. لقد ساهمت الأقنعة والمنحوتات الأفريقية في تفكيك المنظور الواحد ، وفتح الطريق أمام التجريد، والمستقبلية، والبنائية، وغيرها من الحركات الطليعية.
و في تجربة بيكاسو، لم يكن القناع الأفريقي مجرد استعارة شكلية، بل وسيلة روحية وفلسفية لإعادة تعريف الفن. لقد تحوّل من طقس مقدس إلى لغة حداثة ، ومن أداة حماية إلى مفتاح بصري لفهم الإنسان والعالم.
وبهذا المعنى، لا يمكن فهم حداثة بيكاسو دون الاعتراف العميق بتأثير الفن الأفريقي، لا بوصفه هامشًا بصريًا، بل كقلب نابض في مشروع إعادة تشكيل الفن الغربي. لقد كان القناع الأفريقي، في يد بيكاسو، مطرقة لا مرآة ،مطرقة أعادت تشكيل وجه الفن الحديث …
بقلم : سمر معروف
اعداد للنشر :حسن بوسرحان…
الموقع الإلكتروني الأفق المغربي..

************
المصادر:
– موقع : الأفق المغربي
– موقع سبق
– اليوم السابع
– الإمارات اليوم
– العربية .نت – الجزيرة .نت
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم – موقع عكاظ
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
********

أخر المقالات

منكم وإليكم