الأدب والكتابة: (تجربة إنسانية متكاملة، ترفض التمييز بين المذكر والمؤنث)
مجدالدين سعودي. المغرب
استهلال
الأدب كل، لا ولن يتجزأ، والبعض يستغل التسمية (الأدب النسائي) لقضاء مآربه أو لتصفية حسابات ضيقة، والأدب شكل من أشكال التعبير لإيصال رسالة إنسانية نبيلة.
و: (كان الأدب ولا يزال انعكاساً للروح الإنسانية بكل تناقضاتها وأطيافها، وتجلياتها الخارجة عن كل تصنيف عرقي أو جنسي أو فئوي، ولم يولد الأدب ليكون حكراً على الرجل، أو المرأة… بل كان على الدوام يشكل فضاء حراً يتنفس فيه الإبداع من دون قيد أو شرط) 1
فعندما تستهوينا قصيدة أو قصة أو مسرحية أو رواية أو أي جنس أدبي، فلا نتساءل عن جنس كاتبها:
(ومن جهتها، تقترح الأديبة والناقدة المغربية لطيفة لبصير أن نحذف الاسم قبل أن نقرأ منجزا أدبيا مبدعا، وتكاد تجزم أن لا أحد يستطيع ممن يطلعون عليه لأول مرة أن يستدل على كاتبه رجلا كان أم امرأة، وذلك في ردها على من يدّعون قدرتهم على التعرف على النتاجات النسائية) 2
هل يعقل ن يقول قائل: مسرح نسائي وآخر رجالي؟ فيلم نسائي أو رجالي؟ فن تشكيلي نسائي أو رجالي؟
وبلهجة الاحتجاج، تهتف كاهنة عباس: (لماذا يُوصف الأدب، بخلاف غيره من الفنون، بالنسائي، حين تمارسه نساء؟ وما خلفيات هذا الوصف التاريخية؟) 3
1 مفهوم الأدب النسائي
هو مفهوم تاريخي أيديولوجي، ف:(هناك أسباب أخرى قد تفسّر لنا خلفيّة تسمية بعض الأدب بالنسائي، يمكن القول إنها تاريخية … تعود إلى ما عرفته المجتمعات الغربية من تحوّلات أثناء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مع بروز كتابات نسائية كانت تسعى إلى تعزيز حضور المرأة في الساحة الأدبية نظراً إلى تهميشها الممنهج والواضح آنذاك وعدم الاعتراف بها كمبدعة …) 3
وحاولت المرأة الخروج من هيمنة وذكورية المجتمع لإسماع صوتها، الشيء الذي جعل الأدب الذي تكتبه المرأة: (غالباً ما يُوصف الأدب الذي تنتجه النساء بـ”الأدب النسائي”، وهو وصفٌ يكاد ينفرد به الأدب دون غيره من الفنون كالسينما والنحت والفن التشكيلي والغناء وغيرها من الإنتاجات الإبداعية، إذ لم تعتدْ وسائل الإعلام أو المجلات العلمية أو المتخصصة بشأنٍ ما، على إسناده إلى السينما مثلاً، أو إلى الفن التشكيلي …) 3
2 مفهوم الأدب النسوي
تؤكد زبيدة فيصل ما يلي: (الروائية روزا ياسين حسن أوضحت بأن مصطلح (النسوية) ظهر أولاً، في سياق الثورات الاجتماعية، ومن ثم تسلل إلى الأدب،) 2
وحسب بعض الآراء التي جمعها عباس خلف علي: (أما عبد الوهاب المسيري، فيرى أن مصطلح (النسوية والنسوانية والأنثوية) غير دقيقة، فهذه التسميات منطلقة من أجل تحرير المرأة والنظر في هذه المصطلحات التي هي بالأصل حركات لتحقيق العدالة وإنصاف المرأة إلى مفهوم أدبي وإبداعي…)، … وترى الناقدة توريل موي أن النسوية والأنثى والأنثوية هي مصطلحات سياسية تدعم أهداف الحركة المدافعة عن النساء، ولذا ركزت المرأة على دورها في المساواة، ودون تفريق وتجاوز فكرة الخطيئة التي تحمل النقص والتحقير المضللة، التي جعلت المرأة محاصرة بالهيمنة، ووضعتها في خانة المستثنى والمهمش) 4
فكان (الأدب النسوي) صرخة احتجاج:
(الأدب النسوي حركةٌ أدبيَّة حديثة… يرتكز على القضايا النسائية التحررية الرافضة لكلّ أشكال الظلم الاجتماعي؛ فشكَّلت المرأة من خلال إبداعاتها ولغتها هويتها، والبحث عن ذاتها على الرغم من الضغوطات، ومعاناتها في المجتمع.
… فظهرت حركات مقاومة النساء؛ بسبب سيطرة الرجال، ثم امتدّت بعد ذلك إلى فرنسا والولايات المتحدة، عندما راج الأدب النسوي مع بداية الاتصال الثقافي مع الغرب، فباتت المرأة قضية معبّرة عن قضايا الوطن بالتزامن مع قيام الثورة الفرنسية، فظهرت الحركة النسائية التي تنادي بحقوق المرأة وهي: الحرية، والمساواة، والإخاء.) 5
ان الأدب النسوي في فترة تاريخية :(كان الهدف منه تقويض النظام الذكوري الأبوي ونقده، ومعالجة خصائص هوية المرأة من خلال وعي فكري معرفي بقضية البنيات الاجتماعية، تلك التي عانت منها النساء، وإن هذا الغياب ناتج عن الفروق التي تكرسها الثقافات بين جنسي الرجل والمرأة، والتي بدورها تجعل الرجل هو المركز، وتمنحه سلطة الهيمنة) 5
خلاصات
تقول زبيدة فيصل: (وعن ذلك تقول الروائية روزا ياسين حسن، وهي الرافضة لفكرة تصنيف أدب المرأة كأدب نسائي أو نسوي، فالأدب من وجهة نظرها إما أن يكون أدباً أو لا يكون) 2
وتواصل كذلك زبيدة فيصل:(الأدب النسائي أو النسوي مصطلح أُشبع بحثاً وتمحيصاً وتدقيقاً، وبصرف النظر عن عدم الاتفاق على استخدام تعريف وتسمية واحدة للأدب الذي تبدعه المرأة، فإن هناك إجماعا على السياق الخاص الذي ظهر فيه، المرتبط أساساً بنضال النساء لنيل حقوقهن والدفاع عن مكانتهن وأفكارهن، من بوابة الكتابة الإبداعية، في حين أن البعض يرفض مصطلح “الأدب النسائي أو النسوي”، باعتبار أن الأدب يبقى أدباً مهما كانت أشكاله التعبيرية وخصائصه.) 2
يقول عباس خلف علي:(الكاتبة ليزا هولا تقول: الأدب إنساني وليس من المفترض تجزئته وهو ما أكدته يمنى العيد، التي رفضت تصنيف الأدب إلى أدب كمفهوم عام، وأدب تكتبه المرأة كمفهوم خاص، لذلك ترى أن الأدب بصورة عامة لم يكن فئويا، بل هو عمل إنساني يلغي مقولة التمييز بين الأدب النسوي، ووجودها كعنصر فاعل وحاضر في كل مقومات الحياة والإنتاج الفكري ومنها، مجال الكتابة، كما أن الناقدة نازك الأعرجي ترفض في كتابها «صوت الأنثى دراسات في الكتابة النسوية العربية»، لما يحيل إليه من دلالات تربط المرأة بالجانب البيولوجي ووظيفتها الجنسية كذلك نجد سعيد يقطين يرفض التصنيفات الأدبية، ويرى أن مفهوم الأدب الرجولي غير مستعمل وأن مقاربة النصوص، لا بد أن تنطلق من استجلاء مكونات النص جماليا وفكريا) 4
باختصار تقول وفاء خيري:(كقارئة، أنا على يقين تام بأن الكتابة تجربة إنسانية من الطراز الأول…) 6
مجدالدين سعودي. المغرب
احالات
1 رضا السمحيين: (هل مصطلح الأدب النسائي موضة نقدية؟). موقع الخليج
2زبيدة فيصل: (أدب المرأة). موقع أثارة
3 المحامية والكاتبة التونسية كاهنة عباس: (الأدب النسائي”… ماذا تعني هذه التسمية؟). موقع ميدفيمينسوية
4عباس خلف علي (تجربة الأدب النسوي… انعطافاته ومآلاته). موقع القدس العربي
5 موقع الحصاد: (الأدب النسوي: ثورة الحروف في مواجهة الهيمنة)
6 وفاء خيري: (الأدب النسوي كشاهد على معاناة المرأة عبر العصور). موقع نون بوسط


