إلى أسفي… تضاريسُ النزفِ
الحسَن الگامح
(إلى أرواح جرفتها المياه إلى محمد منير)
ا===ه===ت===ز===ا===ز===ا===ت
الماءُ عدّاءٌ متعبٌ
يسقطُ من سلالةِ السحابِ كمنبوذٍ يجهلُ نسبه،
يلهثُ في الزوايا
بينما الدروبُ تمسكُ بتلابيبِ البرد،
تبحثُ عن دفءِ صغارٍ سرقهم الضبابُ من حضنِ الحكايا
المجاري..
شرايينُ محقونةٌ بـلا أحد،
والجداولُ التي كانت تغسلُ وجهَ الضحى،
معروضةٌ الآن في مزادِ الشظايا.
هناك..
تتعلمُ الخطواتُ فقهَ العطش قبل الولادة،
تجرُّ أذيالها فوق خاصرةِ يباب،
تتعثرُ الذاكرةُ بحصى التضرع
تنطفئُ القناديلُ في عيونِ العابرين،
قبل أن تجرؤَ الشمسُ على الوداع الأخير تعانق المنايا
لا مرسى..
إلا ذلك الممرّ الذي استحالَ مقصلة،
البوابةُ التي كانت شرفةً للغيم،
فقايضتْ زرقتَها بوحلٍ أرضيٍّ ثقيل
حيث المنفى هو العطر الوحيد للمكان في ظلمة الخفايا
الحصونُ ينهشُها الملح
والبيوتُ مطعونةٌ بنصلِ الغياب،
والريحُ.. تلك العجوزُ التي تمرُّ بالزوايا
لا تحملُ في جعبتِها سوى الرماد
وصمتِ الأضرحةِ المنسية، وما تبقى من البقايا
هذا الوادي..
جرحٌ طوليٌّ في خاصرةِ التراب،
تنحدرُ منه أصداءُ الردمِ كوصايا
بيوتٌ سئمتِ الوقوف، فانتحرتْ في حضنِ هاوية بلا حنايا
من فجاجِ الظمأ إلى دهاليزِ الأنين،
اندلعَ الحريق…
التهمَ الملامح، آكلا ما تبقى من جلود الأزقة،
تاركا خلفه التاريخَ جثةً تحضنها الرزايا
تتقاذفُها أيدي الطينِ في ليلٍ بلا منتهى مشحون بالسجايا
أكادير: 16 دجنبر 2025


