Fareed Zaffour
- كتب الفوتوغرافي: صالح حمدوني
سلطة الصورة ومعناها
صالح حمدوني رفيق قديم. رأيت موهبته وهي تتفتح عن قرب. أذكر أول كاميرا حملها.
في البداية ظننت أنها هواية يتسلى بها في طرقات المخيم أو شوارع إربد. في ذلك العصر، كنت أظن أن مهمتنا إصلاح العالم. لكن الأمر لم يطل كثيرا، حتى رأيت صورا مختلفة. كان واضحا أن له عينا سحرية. كنت أحب الظلال، وصور الأبيض والأسود. أعجبني عمله، حتى أنني حين أصدرت ديواني الأول “العالي يصلب دائما” اخترت صورة من صوره. وردة شقائق النعمان التي تخرج من اسمنت الرصيف. كان ذلك عنوان لزمن وهوية.
اليوم بين يديّ خلاصة تجربة صالح. كتاب غني ومذهل في التنظير للصورة والفوتوغراف. إنه كتاب “على مدّ البصر”، والذي يجعلك تفكر بما هو أبعد من اللحظة. الكتاب الصادر حديثا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمّان، يعيد طرح السؤال القديم الجديد حول سلطة الصورة ومعناها.
يقدم حمدوني مقاربة نقدية وفلسفية عميقة، معتبرا الفوتوغرافيا خطابا ثقافيا ومعرفيا يتجاوز الجماليات. إنه يدعو إلى النظر إلى “العين” بوصفها أداة مقاومة، ويعيد تفعيل نظريات فلاسفة كبار مثل رولان بارت وسوسير وبريشت، ليؤسس لقراءة عربية معاصرة في سيميائية الصورة.
من صورة الطفلة الفيتنامية كيم فوك الأيقونية، إلى أزمة المصور كيفن كارتر الأخلاقية، يستعرض الكتاب أمثلة مفصلية تُظهر كيف شكّلت الصورة الرأي العام، مؤكدًا على أن الصورة أصبحت شكلًا من أشكال الخطاب السياسي والجمالي في آن واحد.
هذا العمل إضافة نوعية للمكتبة العربية؛ وهو دعوة إلى استعادة الكاميرا بوصفها وسيلة لفهم الذات والتاريخ. إنه يدفعنا للتفكير في فعل النظر ذاته، ليتحول المشاهد من مستهلك إلى محلل وواع، مستكشفا الدور المحوري لـ “الوعي المقاوم بالكاميرا” في سياقنا العربي، خاصة في فلسطين.
في التعليق الأول تجدون مقالتي المنشورة في الجزيرة نت


