حين يصحو القلب على وجعه … 📖
قراءة في ديوان “صحى يا كلبي” لخديجة السرغيني … 📖
بقلم : طارق الأسمر … ✍
في عالم الزجل، حيث تتقاطع اللغة مع الوجدان، وتتماهى التجربة مع النبرة الشعبية، تطل علينا الزجالة المغربية خديجة السرغيني بديوانها اللافت “صحى يا كلبي” ، كمن يوقظ القلب من سباته، لا ليُريحه، بل ليُعيد إليه وعيه، ويجعله يواجه ذاته، جراحه، وأشواقه.
فهذا الديوان ليس مجرد مجموعة من القصائد الزجلية، بل هو صرخة داخلية ، ونداء حميمي موجه إلى القلب، ذاك الكائن الذي يسكننا ويقودنا، ويقع في فخ الحياة، ثم يُطلب منه أن يصحو، أن ينهض، أن يتجاوز.
فما يميز خديجة السرغيني في هذا العمل هو قدرتها على تطويع اللغة الزجلية لتكون أداة تعبيرية راقية، رغم بساطتها الظاهرة. فهي لا تكتب الزجل كوسيلة للتسلية أو الترف، بل كأداة حفر في التربة النفسية والاجتماعية. تأتي كلماتها محمّلة بصدق التجربة، وبساطة التعبير، وعمق المعنى، فتُلامس القارئ دون تكلف، وتُحاكيه بلغته اليومية، لكنها تُفاجئه بعمقها الفلسفي والوجداني.
وفي قصائدها، تتكرر مفردات مثل “القلب”، “الوجع”، “الحنين”، “الخذلان”، “المرأة”، “الزمن”، وهي مفاتيح دلالية تفتح أبوابًا على عالم داخلي مشحون بالتأمل والأسى والتمرد.
كما أن المرأة في ديوان “صحى يا كلبي” ليست كائنًا هامشيًا، بل هي الذات المركزية ، المتكلمة، المتألمة، والمتمردة. خديجة لا تكتب عن المرأة، بل تكتب من داخلها، من عمق تجربتها، من هشاشتها وقوتها، من انكساراتها وانبعاثها. نقرأ في قصائدها صوتًا أنثويًا صادقًا ، لا يطلب الشفقة، بل يطالب بالاعتراف، لا يستجدي، بل يواجه، لا يندب، بل يُحلل ويُفكك.
في إحدى القصائد، تخاطب القلب كأنه كائن مستقل، وتعاتبه، وتُعاتب نفسها من خلاله، في حوار داخلي يُشبه مسرحًا شعريًا ، تتقاطع فيه الأدوار بين الضحية والجلاد، بين العاشقة والمتمردة، بين الذاكرة والنسيان.
فالزمن في هذا الديوان ليس خطيًا، بل دائريًا، يعود إلى الوراء ليُعيد تشكيل الحاضر. الذاكرة ليست مجرد استرجاع، بل أداة مقاومة ، وسلاح ضد النسيان. خديجة تستحضر الطفولة، الحب الأول، الخيبات، الأم، الوطن، وتُعيد ترتيبها شعريًا، كمن يُرمم بيتًا تهدّم بفعل الزمن.
فالقصائد تُشبه مذكرات قلبية ، تُكتب لا لتُقرأ فقط، بل لتُحس، لتُتأمل، لتُعاش. كل قصيدة هي لحظة صدق، لحظة مواجهة، لحظة انكشاف.
فما يجعل هذا الديوان مميزًا أيضًا هو استعادة الزجل لوظيفته الأصلية كأدب شعبي مقاوم، لا يكتفي بوصف الواقع، بل يُحاكمه. في “صحى يا كلبي”، نجد نقدًا اجتماعيًا مبطنًا، تمرّده ناعم، لكنه حاد، يمر عبر اللغة اليومية، لكنه يترك أثرًا عميقًا.
حيث أن القصائد لا تكتفي بالبوح، بل تُمارس نوعًا من التشريح النفسي والاجتماعي ، تُسائل العلاقات، تُفكك الصور النمطية، وتُعيد للزجل مكانته كأدب حي، نابض، قادر على التعبير عن تعقيدات الذات والواقع معًا.
و في الختام فإن “صحى يا كلبي” ليس فقط عنوانًا لديوان، بل هو دعوة للاستفاقة ، للعودة إلى الذات، لمساءلة القلب قبل أن يُساق إلى مزيد من الخيبات. خديجة السرغيني تُقدّم لنا عملًا شعريًا ناضجًا، صادقًا، متماسكًا، يُعيد الاعتبار للزجل كفن أدبي راقٍ، ويُثبت أن اللغة الشعبية قادرة على حمل أعمق المعاني وأكثرها تعقيدًا …
******
المصادر:
الزمان
– موقع «الشرق الأوسط»
– موقع تلفزيون سورية
– موقع (اليوم السابع)
– موقع: الرأي ميديا
– موقع صحيفة عكاظ
– موقع : العربية .نت
– موقع الجزيرة .نت
– موقع النهار العربي
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)
– موقع القدس العربي
– موقع الشرق الاوسط
– مجلة الحرف والكلمة
– الإتحاد العربي للثقافة
– موقع :صحيفة سبق الإلكترونية.
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN
.bbc /arabic
– موقع موزاييك
– جريدة الدستور
– موقع العربي الجديد
– سكاي نيوز عربية – أبوظبي
– موقع سبق- اليوم السابع
– الإمارات اليوم
– العربية .نت – الرياض
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
**********


