في اليمن ..ملكة سبأ ( بلقيس ). وقاتلة ابن عمها: هدهد بن شرحبيل.

معلومات من التاريخ.

بلقيس ملكة سبأ وقاتلة ابن عمها هدهد بن شرحبيل

إن لكل شيء عظيم جنوده المجهولين، وللهندسة أيضًا جنودها الذين ليس لدينا ما يفرض وجودهم إلا آثارهم.

فهل لنا أن نعرف المهندسين الذين وقفوا يومًا ، في اليمن، على هضبتَي ( بلقا وبنوا)

فرأوا المضيق العميق بين الهضبتين يمتد نحوًا من مائة وخمسين ذراعًا في العرض، ورأوا

مياه الشتاء تتوافد عليه فتندفع خلاله قوية سخية زاخرة، حتى تضيع وتضمحل في السهول أمامه؟

وهكذا بدر لهم خاطر غير نظم الشعر، فأنشئوا سدٍّا عظيمًا حوَّل أرضًا عظيمة جنات

لقد كان هذا السد حقيقة أسطورية، أو أسطورة حقيقية، اتصلت بها أساطير من النوع الآخر الذي يعبث بالعقل ويعبث به العقل.

وأوقع الرواة فتنة حول بنائه، ففريق زعم أن بانيه لقمان بن عاد، وفريق زعم أن الباني بلقيس. وطبيعي أن لا يكون لمثل هذا السد بان واحد، على أن النقوش تجعل منشئه ملكًا سبئيٍّا اسمه (يثئي أمارا باين )

بلقيس ملكة سبأ

كانت هذه المرأة فيما يُقال من الملوك الذين تولوا العرش السبئي، وقد تولت العرش بعد ابن عمها الذي سمته الحكاية هدهاد بن شرحبيل. وكان هدهاد سيئ السيرة، فاحشاً يتخيّر النساء ويتزوَّجهن، حتى إذا أشبع منهن شهوة ليلة قتلهنّ، فلما دار الدور إلى بلقيس حبكت له مكيدة بأن أكمنت له رجلين في قصره قتلاه، فأصبحت هي صاحبة العرش.

مأرب وبلقيس

قال الرواة: سمعت بلقيس بسليمان ملك الإسرائيليين وبحكمته الكبيرة، فأحبَّت أن تلقاه.

وكان سليمان على ذمة قصَّاص المعجزات قد سمع من هدهده عن بلقيس وعرشها، فإن هذا الهدهد الذكي، الذي كان يتجسس مخابئ الماء تحت الأرض، غاب غيبة وعاد فوصف لسليمان ملكة سبأ وقصرها وعرشها.

وساقت بلقيس نفائس الهدايا إلى سليمان، وأعدت له الأحاجي تختبر بها صحة ما ذاع عنه من الحكمة.

بعد الترحيب العظيم أرادت أن تُعجز سليمان بسؤال، فسألته عن ماء لم ينفجر من الأرض ولم ينحدر من السماء فتحير الملك الحكيم !

ثم أمر بإجراء جياد حتى تفصَّد جلدها عرقًا فملأ منه قارورة وقال لها: دونك ماءً لا من الأرض ولاهو من السماء.، فأقرَّت له بالحكمة

فقد جاء أن الملك الحكيم أحبَّها لما رآها، وكان باب قلبه سهل الانفتاح على النساء، حكت بلقيس أو حُكي عن لسانها، أن سليمان أظهر لها الرغبة فيها، ولكنها دافعته ومانعته لأنها رأت كثرة نسائه فعزّ عليها أن تكون محض واحدة منهن.

فعمد سليمان إلى الحيلة، دعا بعشاء ثقيل، فأكل وأكلت بلقيس، وانصرف القصر ومن فيه إلى النوم، وإذا بالعطش يوقظ الملكة السبئية في سكون الليل، فنهضت تتلمَّس الماء والقصر خالٍ والخدم في عميق رقادهم، فلم تعثر على ما تبلُ به حلقها اليابس. نبَّهت بعض الجواري، على أنهن جميعًا قلن لها ليس في القصر ماء إلا في حجرة الملك.

فلم يلبث العطش أن كسر نفسها وثلم كبرياءها، ولكن أيُ العطشين؟

وأقبلت على باب سليمان تقرعه، وكانت الليلة المباركة التي ولد بعدها بتسعة أشهر جد النجاشيين.في الحبشة

كانت بلقيس صبية جميلة ولكن كانت باعتراف الرواة أنفسهم شَعْرَاءَ، بُليت بكثرة الشعر في ساقيها؛ لذلك كانت أبدًا تحرص على جلباب طويل؛

ولذلك ترددت في التشمير لما همَّت بدخول الصرح على سليمان، وظنت أرض المكان مياهً جارية، وزاد في سوء حظها أن فاجأتها ريح وقحة في أحد الأيام وهي جالسة إلى الملك في باحة قصره في أورشليم، فأزاحت الجلباب، ولما لم يكن على الساقين جوارب، فقد ظهر فيهما كثافة الشعر.

ودَّت الملكة الأنثى لو تبتلعها الأرض! ولاحظ سليمان خجلها وارتباكها ، فسأل نساءه عن دواء يزيل الشعر، ولما رجعت بلقيس إلى بلادها، كانت ساقاها ملساوين ناعمتين

وكان جلبابها قصيرًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر ـ رئيف خوري ـ مع العرب في تاريخ الاسطورة

أخر المقالات

منكم وإليكم