سيمياء القوة في هايكو الصمت البصري. قراءة دلالية في مسيرة جائزة HIPA.بقلم: فريد ظفور
سيمياء القوة في هايكو الصمت
سيمياء القوة في هايكو الصمت البصري:
قراءة دلالية في مسيرة جائزة حمدان الدولية للتصوير (HIPA)
.بقلم: فريد ظفور
سيميائية القوة بالتكوين البصري بمعناها العميق:
في إمارة او مدينةٍ دبي التي عُرفت بكونها ملتقى الثقافات ومنصة للإبداع، وُلدت واحدة من أرقى جوائز التصوير الضوئي بالعالم: جائزة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير (هيبا).
وهي ليست مجرد مسابقة فنية، بل تحولت خلال سنوات قليلة إلى منصة عالمية تلهم المصورين، وتفتح أمامهم أبواب الحلم و آفاق متعددة ، وتعطي للصورة دورًا جديدًا كوسيلة للتغيير والإلهام.
تُختصر الحكايات بلقطة واحدة، في عالمٍ تغمره الصور،حيث برزت جائزة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي (هيبا) كواحدة من أرقى الجوائز التي تحتفي بفن التصوير على مستوى العالم. ومنذ إنطلاقها عام 2011م،
باتت جائزة هيبا منصة عالمية تتلاقى فيها العدسات من كل القارات، حاملة معها رؤى إنسانية وثقافية وجمالية تتجاوز الحدود واللغات.
لم تعد الصورة الفوتوغرافية مجرّد أداة لتجميد اللحظة أو نقل الواقع، بل تحوّلت في السياق المعاصر إلى بنية رمزية دلالية متكاملة تنبض بالمعنى وتدعونا لتأويل وفك رموزها، والتفاعل مع طبقاتها العميقة.
ففي محور “القوة” بالجائزة هذا العام ،حيث ننتقل من تصوير القوة كفعل خارجي، إلى تفكيك رمزي وبصري لهذا المفهوم عبر عدسات المصورين المشاركين.من مختلف أنحاء العالم، تعكس الجائزة قصصًا، مشاعر، وقضايا تنبض بالحياة.
لتصبح موقفًا، وحكاية، وربما صرخة في وجه النسيان.فياتي دور (هيبا)، لتجعل من الصورة أداةً للتغيير والتعبير، وجسرًا بين الإبداع والرسالة الإنسانية.
وهكذا والطبع وبصورة شاملة:
سيمياء القوة في هايكو الصمت البصري. قراءة دلالية في مسيرة جائزة HIPA.بقلم: فريد ظفور
** تحلل السيمياء البصرية لماذا وكيف تكتسب الصور معناها:
وما العناصر البصرية المساهمة فيها.عبر رموز غير مباشرة يمكن التعبير عن القوة صورة ( للبراءة والشجاعة.
صورة طفل ينظر الى الكاميرا بثبات وسط أكوام الدمار- للثبات والمقاومة ،صورة امرأة تقف ثابتة وسط رياح قوية.
تُبنى الرموز البصرية بالصور داخل سياقها الإجتماعي والثقافي. فمثلاً، صورة يد مرفوعة وبشكل حرف V تُقرأ كرمز للنصر في ثقافة ما، وللغضب أو التهديد في أخرى.
وتساعد السيمياء البصرية في تحليل الفروق وتحديد إطارها الثقافي لصنع المعنى.
ويوجد عدة قراءات للصورة:فلا تملك معنىً واحدًا ثابتًا. فالمتلقي يفسر الرموز البصرية بمخزونه الثقافي والنفسي، وهذا يفتح باب التأويلات المتعددة.
وهنا يبرز دور السيمياء لفهم لماذا ترتبط عناصر معينة بمعانٍ محددة.والصورة لا تملك معنىً واحدًا ثابتًا. ولأن الصورة خطاب يحمل موقفًا، قيمًا، أو تأويلاً .
وليست مجرد تسجيل لحظة، بل تُستخدم رموزٌ بصرية ( ضوء صارخ ،جسد قوي، نظرة متحدية) للتعبير عن مفاهيم مثل “القوة” أو “الصراع” أو “الهيمنة”.
أما العلاقة بين السيمياء البصرية والتصوير- فتُنتج الصورة الفوتوغرافية من واقع ملموس، لكنها لا تعكس الواقع كما هو، بل تعيد بناءه بصريًا عبر اختيارات المصور (ضمن أي سياق- ما الذي يصوَّر- من أي زاوية- بأي إضاءة).
لذلك تحلل السيمياء البصرية هذه الإختيارات لكي نفهم الرسالة الرمزية الكامنة خلف كل صورة.
فإذا علمنا بأن السيمياء البصرية-فرع من السيميولوجيا- يُعنى بدراسة العلامات والرموز البصرية وتبحث في كيف تنتج الصورة معنىً.
و السيمياء البصرية تنظر إلى الصورة ليس فقط كمادة بصرية تُشاهد، بل كنصٍّ بصري يُقرأ ويُؤول،
يحمل في طياته دوالّ (كالأشكال، الألوان، الإضاءة، التكوين)، وكلها تشير إلى مدلولات ( رموزًا ثقافية أومفاهيم أو مشاعر ).
* فلا يتجسد مفهوم “القوة” في موضوع الصورة، بل أيضًا في طريقة بنائها البصري ( تكوينها، إضاءتها، حركتها، وألوانها).
وهنا تلعب السيميائية البصرية في هيبا دورًا محوريًا في تفكيك العلاقة بين “الدال” (ما يُرى) و”المدلول” (ما يُفهم)، لتكشف لنا كيف تتحول عناصر الصورة إلى إشارات دلالية تعبّر عن معنى القوّة بمستوياتها المختلفة.
*بين القوة الناعمة والقوة الصلبة..ما هو موقف جائزة حمدان للتصوير (هيبا) من سيمياء القوة البصرية ومن هايكو الصمت البصري.
وما هي علاقة التصوير الفوتوغرافي بسيمياء القوة البصرية..
منذ أصبح العالم قرية صغيرة،وتربعت الصورة عرش العالم الرقمي،ودخلت الصورة كل جهاز خليوي وكل منزل ومدرسة وجامعة وقرية ومدينة.غزت و إحتلت الصورة العالم دون حروب واصبحت تملك جواز سفر ،بل لنقل جواز مرور لكل بلدان العالم قاطبة.
دون تاشيرات دخول أو فيزا. في عالمٍ تهيمن عليه وفيه الصورة المتربعة عرش وسائل الإعلان والإعلام وسبل التعبير البصرية.
وبهذا لم تعد “القوة” مفهومًا مجرّدًا، بل أصبحت وتحوّلت إلى علامة بصرية (تُقرأ وتُؤول) في بوتقة جمالية (فنية وأدبية) ضمن سياقاتها الثقافية.
ومن خلال هذا الإطار، تظهر لنا السيمياء البصرية للقوة كمدخل تحليلي نقدي مهم لفهم الصورة الضوئية لا بوصفها تمثيلاً للواقع المعاش،
بل كمشهد او كنصّ أو كسرد بصري مليء بالتشفير و بالأشكال وبالرموز والدلالات التي تتجاوز ظاهر المشهد البصري.لتدخل إلى عمق او الباطن التشكيل و التكويني المشهدي.
فيكون المقصود بان تشير “سيمياء القوة البصرية” إلى دراسة العلامات والرموز البصرية التي تُستخدم للتعبير عن “القوة” داخل الصورة،
وتحليل كيف تُنتج هذه العناصر معاني تتعلّق بالقوة ( جسدية، نفسية، رمزية، أو طبيعية.الخ)
ولكن القوة في الصورة لا تظهر فقط من خلال ما تُصوّره عدسات المصورين، بل من خلال كيف تصوّره وتلتقطه الكاميرات ( بالإضاءة، بالزاوية، باللحظة المختارة، بالتكوين،والتشكيل وصولا للصمت البصري ).
ومن هنا ندلف للقول بأنه يوجد عدة طرق لمعرفة العلاقة بين سيمياء القوة والتصوير الفوتوغرافي:
1. التكوين كإشارة للقوة:
المصور قد يضع الشخصية في مركز الإطار، أو يلتقطها من زاوية منخفضة، مما يمنحها حضورًا مهيمنًا. هذه اختيارات دلالية لا تُترك للصدفة.
2. الضوء والظل:
الإضاءة القوية على عضلات لاعب، أو الظلال العميقة على وجه محارب، تحمل معاني ضمنية ترتبط بالقوة، كالإصرار، الصراع، أو التحدي.
3. الحركة المجمدة:
التقاط لحظة سقوط أو قفز أو تصادم، يجعل من الجسد البشري علامة دالة على التوتر والقوة في لحظة زمنية مكثّفة.
4. الرموز الثقافية:
القبضة المرفوعة، الجبال الشاهقة، الحيوانات المفترسة، كلها رموز مرئية تستخدم للتعبير عن القوة ضمن خلفيات ثقافية واجتماعية مختلفة.
5. القراءة المتعددة للصورة:
قد تُفسَّر صورة جسد نحيل واقف بثبات أمام قوة عاتية على أنها “قوة داخلية”، بينما يرى آخرون فيها “ضعفًا مقاومًا”. وهنا تلعب السيمياء دورها في تحليل كيف يتغيّر المعنى حسب المتلقي.
في سياق جائزة حمدان الدولية للتصوير (HIPA).وعندما تختار الجائزة ثيمة”القوة” كموضوع لهذا العام، فهي لا تبحث عن إستعراض عضلي أوسطحي للقوة الجسدية فقط،
بل عن سرد بصري قادر على تحويل فكرة القوة إلى تجربة بصرية قابلة للتأويل.لأن تحليل أعمال وصور جائزة HIPA من منظورها السيميائي
يكشف لنا كيف تُبنى القوة داخل الصورة من خلال علاقات بين العلامات البصرية، وكيف تكتسب الصور معناها من خلال التفاعل المرسل والوسيلة والمستقبل،أي بين (المصور، والموضوع، والمتلقي).
وهنا ينطلق فارس جديد اسمه ( الصمت البصري ) ليُستخدم في تحليل الصور والأعمال البصرية مشيرا إلى اللحظات أو المساحات أو العناصر التي تُعبّر عن معانٍ عميقة من دون أن تقول شيئًا بصريح الشكل،
أي أن الرسالة البصرية أو الدلالة العاطفيه تُنقل عبر ( السكون، الفراغ، الغياب ) لكي تتوقف داخل التشكيل و التكوين البصري.
اما حكاية الصمت البصري؛
التي تُحدث تأثيرًا قويًا في المتلقي، من خلال الفراغ أو الهدوء داخل الصورة، ليس لأنها صاخبة بصريًا، بل لأنها تخلق توازنا معرفيا، تأملًا عاطفيا، توترًا نفسيا، أو إنفعالًا داخليًا من خلال ما لا يُقال،أي من غير كلام. بالإشارات والرموز والدلالاات.
وكذلك ليس”غيابًا للمعنى”،يكون الصمت البصري بل على العكس، هو “غيابٌ مولّد للمعنى”.خالق ومحرض للكلام الداخلي. ولكن كيف نعبر عن الصمت البصري في الصورة الضوئية .وذلك بأن نترك فراغ متعمّد في جزء من الصورة
مثل شخص وحيد يقف وسط مساحة كبيرة فارغة (شاطيء بحر ،صحراء، حقل، شارع مهجور).
وهذا الفراغ يُولّد شعورًا بالعزلة أو بالقوة الصامتة.-مثلا: تجميد لحظة قبل الانفجار أو بعده،كأن تلتقط الكاميرا صورة شخصًا في لحظة صمت بعد صراع، أو قبل إتخاذ قرار مصيري. وهنا يدلنا الصمت البصري ويُشير إلى التوتر الداخلي، لا السكون الخارجي فقط.
-وأيضا عدم وجود العناصر المألوفة ( صورة بدون ألوان أو من دون وجوه، أو بلا حركة.
حيث يصنع الغياب المتعمّد أثرًا عاطفيًا وتأويليًا عميقًا عند المشاهد أو المتلقي.-كذلك الأجساد المتوقفة وتعبيرات الوجوه الصامتة،
كما الجسد المتوقف،اليد ساكنة، أوعين تحدّق، كلّها علامات تدل على صمتٍ يعبر عن الإنتظار، المقاومة ،الحزن،أو حتى القوة.
ففي هذا السياق تكون ثيمة “القوة”بجائزة هيبا، حيث يُستخدم الصمت البصري كوسيلة للتعبير عن قوة داخلية،
غير استعراضية.لأن الصورة لا تصرخ بالقوة، لكنها توحي بها ، من خلال السكون، كمثال (صورة أم تجلس بصمت بعد فقدان ولدها، ولكنها تحتضن بقية ابنائها بإصرار.أو صورة جندي مقاتل ينظر للأرض بعد إنتهاء المعركة).
* وآخر المطاف وخلاصة القول:
بأن الصمت البصري هو لغة الصورة غير المنطوقة.وهو غالبًا ما يكون أبلغ من الصخب، وأكثر تأثيرًا من الإيضاح المباشر، لأنه يمنح المتلقي مساحة للتأمل والتأويل، ويُحمّله مسؤولية “ملء الصمت” بالكلمات وبالمعنى.
المطاف وخلاصة القول: بأن الصمت البصري هو لغة الصورة غير المنطوقة.وهو غالبًا ما يكون أبلغ من الصخب، وأكثر تأثيرًا من الإيضاح المباشر، لأنه يمنح المتلقي مساحة للتأمل والتأويل، ويُحمّله مسؤولية “ملء الصمت” بالكلمات وبالمعنى.
* وبهذا يكون”هايكو الصمت البصري” هو تعبير مجازي وشاعري يجمع بين مفهومي:
الهايكو: وهو شكل شعري ياباني تقليدي، يتميز بالبساطة، والاختزال، والتركيز على لحظة عابرة أو تأملية مستمدة من الطبيعة أو الإحساس.
الصمت البصري: كما أسلفنا، هو حضور السكون أو الغياب داخل الصورة البصرية، الذي يخلق تأثيرًا دلاليًا عميقًا دون الحاجة إلى عناصر صاخبة أو مباشرة.
وهكذا نتعرف على المعنى المجازي: فعندما نقول”هايكو الصمت البصري”، فإننا نشير إلى صورة فوتوغرافية (أو عمل بصري).مختزلة في عناصرها، بسيطة في تكوينها.هادئة ظاهريًا لكنها غنية شعوريًا.تعبر عن لحظة تأملية أو وجدانية عميقة.
لنتعرف كيف تُشبه قصيدة هايكو:
لا تشرح ولا تصرخ، لكنها تترك أثرًا داخليًا عند المتلقي عبر الإيحاء.فلا تعتمد على الإثارة، بل على التأمل والسكينة والفراغ المدروس.وأما في التصوير الفوتوغرافي..
“فهايكو الصمت البصري” يمكن أن يكون صورة (لطائر واحد على سلك كهرباء في سماء فارغة.لطفل ينظر من نافذة مكسورة وسط خراب.لشجرة وحيدة وسط ضباب.لظل إنسان على جدار أبيض).
كلها صور لا تحتاج شرحًا، لكنها تدعو للتأمل، وتبعث مشاعر من خلال الصمت والفراغ والرمز، تمامًا كما يفعل شعر الهايكو الياباني.
*وهنا نتعرف ما معنى القوة الصلبة:
هي القدرة على الإكراه أو فرض الإرادة على الآخرين باستخدام الوسائل العسكرية أو الاقتصادية أو التهديد المباشر.وهي القوة التقليدية المعتمده على (
الجيوش، الأسلحة، الحروب.العقوبات الاقتصادية.الضغوط السياسية أو الأمنية).
أما في السياق البصري (صورة لجنود مدججين بالسلاح، انفجار، مبنى مهدّم)، أو أي تعبير عن السيطرة الجسدية والقهر المباشر.
*فالقوة الصلبة:
بالوسائل:عسكرية، اقتصادية، إجبارية-طبيعة التأثير (قسري، مباشر، فوري)
–الأثر بالعامل النفسي( الخوف أو الإذعان)-في التصوير الفوتوغرافي(صور الصراع، القتال)،أما السيطرة.(كما قدم المصوّر السوري: محمد الراغب.
الفائز بالجائزة الكبرى في هيبا،عن موضوع الحرب السورية،بالدورة السابعة عام 2018م، ضمن محور “اللحظة”).
وهنا حري بنا التعريف على القوة الناعمة (فتعني القدرة على التأثير والإقناع والجذب دون إستخدام العنف أو الإكراه). بيد أنه كان
مبتكرها المفكر الأميركي (جوزيف ناي)، وترتبط بالثقافة.القيم.التعليم.الإعلام.
وبالصورة الذهنية الجذابة لفرد أو لدولة أو مجتمع.
مثال دبلوماسي سياسي: دولة تؤثر في الآخرين من خلال أفلامها، جامعاتها، دبلوماسيتها الثقافية، أو حتى علاماتها التجارية.
أما السياق البصري (صورة لأم تحضن طفلها وسط الخطر، مشهد طبيعي ينشر السلام، لحظة تضامن إنساني). كلها تُعبّر عن القوة الهادئة المؤثرة في العمق.
من هنا نقول بأن:
سيمياء القوة في هايكو الصمت البصري. قراءة دلالية في مسيرة جائزة HIPA.بقلم: فريد ظفور
وتكون القوة الناعمة. بالوسائل(ثقافية، فكرية، إعلامية، رمزية).بطبيعة التأثير(تراكمي، غير مباشر، طويل الأمد).بالأثر النفسي(الإعجاب، الاحترام، التبني او العمل الطوعي).بالتصوير الفوتوغرافي (صور المشاعر، المعاني، الرموز الإنسانية).
* اما كيف ترتبط القوة في التصوير الفوتوغرافي:
في سياق جائزة حمدان الدولية للتصوير (HIPA) مثلًا، نجد أن بعض الصور تعبّر عن القوة الصلبة بشكل مباشر (عبر توثيق المعارك أو لحظات الصراع)، في حين تعبّر أخرى عن القوة الناعمة من خلال تصوير مشاهد صامتة، ولكنها تنقل معاني عميقة عن الصبر، الكرامة، الثبات، الحب، أو التضامن.
** من هنا ندلف للقول بان العلامات والرموز البصرية تُسمّى في حقل السيميائيات أو علم العلامات البصرية بـ: “الدوال البصرية”: وهي العناصر المرئية التي تُشير إلى معنى أو فكرة ما، مثل:شكل الجسد-اللون -الإضاءة-الخط-التكوين-الحركة-الإيماءة-الموقع داخل الإطار.
“أما العلامات البصرية” :وهي وحدة أساسية في السيمياء تتكوّن من-الدال : الشكل الظاهري أو العنصر البصري.أو المدلول :المعنى أو الفكرة التي يُشير إليها هذا الشكل.
“فالرموز البصرية”:وهي علامات بصرية تكتسب معناها من الثقافة والسياق، وليس فقط من شكلها. على سبيل المثال:الحمامة البيضاء = رمز للسلام.
السلسلة المقطوعة = رمز للحرية.اللون الأحمر = قد يعني القوة أو الخطر أو الحب حسب السياق.
* أما معنى الصورة كقوة ناعمة:
تكون الصورة في زمن الصراعات والتحديات العالمية ،أحيانًا أقوى من المقالات والخطابات. فصورة طفل يلهو في مخيم لاجئين، أو نظرة أم ودّعت ابنها، أو شجرة تُقطع في غابة معزولة، يمكن أن تختصر مآسي وتجارب قد لا توصف بالكلمات. وجائزة حمدان للتصوير (هيبا)، من خلال منصتها العالمية، تمنح هذه الصور فرصة للظهور، ولأن تكون مرآة لواقع يجب ألا يُتجاهل.
* وكذلك منصة هيبا تفتح الأبواب للمواهب الصاعدة:
لا تشترط الجائزة أن يكون المشارك محترفًا أو يحمل تاريخًا طويلًا في التصوير. بل إن العديد من المشاركين والفائزين هم من الهواة أو المبتدئين الذين التقطوا لحظة استثنائية بعدسة صادقة. وهذه السمة تجعل من هيبا حاضنة حقيقية للمواهب، وفرصة لتحويل الشغف إلى احتراف، والفن إلى منصة للتأثير.
فالخلاصة بأن القوة الناعمة تعمل عبر الجذب وليس الإجبار.
وتعتمد على الثقافة، القيم، التعليم، الدبلوماسية لتشكيل علاقات إيجابية بين الأفراد و الدول والشعوب.وفعّالة على المدى الطويل، وتكمل عقد جمان ودائرة القوة الصلبة،وهو ما يُعرف ضمنيا بـالذكاء الشامل في السياسة الخارجية الناعمة.
إن جائزة هيبا ليست مجرد تكريم للصور، بل تكريم للرؤية الإنسانية التي يقف خلفها المصور. من خلال عدسة كل مشارك، تفتح الجائزة نافذة على عوالم مختلفة، تنقلنا إلى أماكن وأفكار وتجارب لم نكن لنراها لولا قوة الصورة. فتظل الصورة الصادقة (بزمن التلاعب بالحقائق) ضوءًا يبدد التزييف.
وجائزة هيبا تفتح مجالًا واسعًا لهذا النور، فتُظهر كيف يمكن للإبداع أن يحمل رسالة، وكيف يمكن للفن أن يكون شاهدًا على العصر. فحين تتحدث الصورة، تصمت كل الكلمات والأصوات.
وتبدأ الحكاية. وجائزة حمدان الدولية للتصوير لا تُكافئ الصور الجميلة فحسب، بل تُكافئ الصور التي تقول شيئًا، تُحرك ساكنًا، وتُعبر عن إنسان ما، في مكان ما، وفي لحظة صادقة ما.
*ختامها مسك وعنبر:
تتسارع الصور وتتشابه الوجوه،في عالم تبرز فيه بعض اللقطات كعلامات فارقة لا تُنسى لأنها تمس فينا شيئًا إنسانيًا عميقًا. فالصور التي تناولت “القوة” في جائزة هيبا لم تكتفِ بتوثيق اللحظة، بل صنعت منها حوارًا بصريًا مع الذات والعالم.
فأظهرت أن القوة لا تقاس بعضلات، ولا تُختزل في الهيمنة، بل تُرى في لحظة أم تحتضن اطفالها، أو في جسد يتحدى السقوط، أو في نظرة طفلة بريئة وسط العاصفة.
فالقوة ليست مجرد محتوى، بل خطاب بصري غني بالدلالات.لتتحول
الصورة الفوتوغرافية إلى نص بصري يحتاج إلى قراءة وتأويل.
“القوة” كما تتجلى في أعمال HIPA، تكشف عمق الفن وقدرته على تجسيد المعاني الكبرى بصمت مرئيّ.
لإن الصورة، حين تُبدع، لا تقول “أنظر إليّ” فقط، بل تقول أيضًا: “افهمني”. و هي بذلك تكون جوهر القوة الفنية للصورة الفوتوغرافية. المحملة بالرسائل الضمنية والتأويل الشخصي،و تختلف قراءة “القوة” من متلقٍ لآخر،
و لتجسيد القوة بالعناصر البصرية ( التكوين – الإضاءة والظل -حضور اللون أو غيابه- اللحظة الحاسمة )،فيكون الدور الدلالي للعناصر البصرية ( الهيئة- اللون -الضوء- الحركة )،
اما (سيمياء القوة) فهي العلاقة بين الرمز والمعنى ( الجسدي -العاطفي- البيئي).
وللتعبير عن القوة بالعلاقة البصرية (تكوين الصورة-المنظور – الهيمنة أو التحدي-التكرار والإيقاع البصري-الإضاءة).
وأخيرا وليس آخرا..
من منظور جائزة حمدان للتصوير، القوة تتحقق عبر القيمة الإبداعية والمنافسة، لا من خلال الموقع الجغرافي فقط.
فالإمارات تمارس قوة سوسيوثقافية بفضل بيئتها المفتوحة ومركزها التجاري والسياحي العالمي.يضاف إلى ذلك دورها الريادي في عالم التصوير الرقمي.
وكذلك العرب يظهرون حضورًا قويًا ومستمرًا، وهو مؤشرًا على تطور المنطقة في المجال الفني الضوئي.أما باقي دول العالم يحتفظون بتوازن وتأثير دائم ضمن الحقول الرئيسية للجائزة.
ما هو مفهوم القوة الناعمة ،مصطلح صاغه العالم السياسي جوزيف ناي، ويعني القدرة على جذب الآخرين عبر الثقافة والقيم والنظريات، بدلاً من استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية .
وتبني سمعة طويلة الأمد وصورة إيجابية،دائمة التأثير. والتفاعل مع مصادر القوة الناعمة (الثقافة-القيم السياسية-السياسات الخارجية والأعمال الإنسانية- الدبلوماسية الثقافية والرقمية).
وندلف اخي،ا للقول بان:
سيمياء القوة في هايكو الصمت البصري. قراءة دلالية في مسيرة جائزة HIPA.بقلم: فريد ظفور
*بقلم : فريد ظفور
راس السنة الهجرية
ا محرم عام ١٤٤٧ هجرية
*********
معرض الصور:
*************
المراجع والمصادر:
مواقع إجتماعية- فيس بوك