رفيق كحالي والابتكار البصري.بإحتفالية اليوم العالمي للكاميرا

رفيق كحالي والابتكار البصري

اليوم العالمي للكاميرا احتفال بإرث الابتكار البصري

بقلم المصور رفيق كحالي

By rafik kehali
يصادف التاسع والعشرون من يونيو من كل عام اليوم العالمي للكاميرا،

وهو مناسبة عالمية تحتفي بالاختراع الذي أحدث ثورة في طريقة توثيق البشر للعالم من حولهم.

لم تعد الكاميرا مجرد أداة لالتقاط الصور، بل تحولت إلى جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية،

مؤثرة في شتى المجالات من الفن والإعلام إلى العلوم والأمن. يستعرض هذا المقال

الرحلة التاريخية للكاميرا،

وأهميتها المتزايدة، وكيف يحتفل العالم بهذا الإنجاز التكنولوجي.

رحلة عبر الزمن: 

تطور الكاميرا من الغرفة المظلمة إلى العصر الرقمي
يمتد تاريخ الكاميرا لقرون طويلة،

بدءًا من المبادئ البصرية القديمة وصولاً إلى التقنيات الرقمية المتطورة اليوم.

كانت البداية مع مفهوم

“الغرفة المظلمة” (Camera Obscura):

التي استخدمها الفنانون كأداة مساعدة للرسم الدقيق منذ القرن السادس عشر [1].

وقد ساهم العالم العربي ابن الهيثم (965-1040 م) بشكل كبير في فهم مبادئ البصريات والغرفة المظلمة،

ويُنسب إليه اختراع الكاميرا ذات الثقب .

شهد القرن التاسع عشر نقطة تحول حاسمة مع ظهور التصوير الفوتوغرافي. في عام 1825م،

نجح المخترع الفرنسي

جوزيف نيسيفور نيبس:

في التقاط أول صورة دائمة باستخدام كاميرا صندوقية خشبية، أطلق عليها اسم “التصوير الشمسي” [1].

تبع ذلك إنجاز لويس جاك مندي داجير:

الذي طوّر عملية “الداجيروتايب” في عام 1837،

والتي أنتجت صورًا عالية التباين والحدة.

وفي عام 1839، استحوذت الحكومة الفرنسية على براءة اختراع هذه العملية وقدمتها للعالم كهدية مجانية [1، 3].

في الوقت نفسه، طوّر

ويليام هنري فوكس تالبوت:

في إنجلترا عملية “الكالوتايب”،

التي سمحت بإنتاج نسخ متعددة من الصورة السلبية، مما وضع الأساس للتصوير الفوتوغرافي الحديث .

استمر التطور بوتيرة سريعة؛ ففي عام 1884،

أتقن جورج إيستمان طريقة

استخدام الفيلم الجاف بدلاً من الألواح النحاسية الثقيلة،

وفي عام 1888، ابتكر كاميرا كوداك،

 مما جعل التصوير متاحًا لعامة الناس [3].

ومع نهاية القرن العشرين،

بدأت الكاميرات الرقمية في الظهور، حيث بيعت أول كاميرا رقمية في الولايات المتحدة،

Dycam Model -1، عام 1990م[3].

اليوم، أصبحت الكاميرات جزءًا لا يتجزأ من الهواتف الذكية،

مما جعل التصوير الفوتوغرافي في متناول الجميع في أي وقت ومكان.

الكاميرا في صميم حياتنا:

 أداة للتوثيق، الإبداع، والتقدم:

تجاوزت الكاميرا دورها كأداة بسيطة لالتقاط الصور لتصبح عنصرًا محوريًا في نسيج حياتنا اليومية والثقافية.

تتعدد استخداماتها وتتنوع تأثيراتها لتشمل جوانب متعددة:

• التوثيق الشخصي والاجتماعي:

من اللحظات العائلية الحميمة إلى الأحداث التاريخية الكبرى، تظل الكاميرا الأداة الأساسية لتوثيق الذكريات وحفظها للأجيال القادمة.

إنها تمنحنا القدرة على استعادة الماضي، ومشاركة التجارب، وبناء الروابط بين الأفراد والمجتمعات .

• الإعلام والصحافة:

تُعد الصور وسيلة قوية لنقل الأخبار والأحداث بفعالية وسرعة.

فالصورة الواحدة يمكن أن تختصر آلاف الكلمات، وتنقل الواقع بصدق وموضوعية، مما يسهم في تشكيل الرأي العام وتوعية الجماهير بالقضايا المختلفة .

• التعبير الفني والإبداعي:

يستخدم المصورون الكاميرا كفرشاة للرسم بالضوء، محولين المشاهد العادية إلى أعمال فنية تعبر عن رؤاهم ومشاعرهم. يتيح التصوير الفوتوغرافي للمبدعين استكشاف الجمال في التفاصيل اليومية، وتحدي المفاهيم التقليدية، وإلهام الآخرين .

• العلوم والطب والهندسة:

 تلعب الكاميرا دورًا حيويًا في البحث العلمي والتقدم التكنولوجي.

ففي علم الفلك، تُستخدم التلسكوبات المزودة بكاميرات لالتقاط صور للكون البعيد، مما يكشف أسرار الفضاء.

وفي الطب، تساعد الكاميرات المتخصصة في التشخيص الدقيق، وتوثيق الحالات المرضية، وإجراء العمليات الجراحية المعقدة.

كما تُستخدم في الهندسة لتسجيل البيانات وتحليلها، وفي مجالات أخرى مثل الجيولوجيا وعلم الأحياء .

• الأمن والمراقبة:

أصبحت كاميرات المراقبة جزءًا لا يتجزأ من أنظمة الأمن الحديثة، حيث تساهم في ردع الجريمة،

ومراقبة الأماكن العامة والخاصة، وجمع الأدلة في التحقيقات الجنائية.

إنها تعزز الشعور بالأمان وتوفر طبقة إضافية من الحماية للمجتمعات .

إن قدرة الكاميرا على التقاط اللحظات وتجميدها في الزمن تجعلها أداة لا غنى عنها في عالمنا المعاصر، فهي لا تسجل ما نراه فحسب، بل تساعدنا على فهمه وتقديره وإعادة تفسيره.

الاحتفال باليوم العالمي للكاميرا:

 تقدير للإبداع البصري:

يُعد اليوم العالمي للكاميرا فرصة فريدة للمصورين وعشاق التصوير حول العالم للاحتفال بهذا الاختراع العظيم وتبادل شغفهم. تتنوع أشكال الاحتفال بهذا اليوم،

وتشمل:

• الرحلات التصويرية:

 يغتنم العديد من المصورين هذه المناسبة للقيام برحلات تصويرية خاصة، سواء لتوثيق جمال الطبيعة الخلاب، أو استكشاف تفاصيل الحياة الحضرية، أو التقاط صور فريدة تعكس ثقافات مختلفة.

• المعارض وورش العمل:

تُنظم المعارض الفنية لعرض أعمال المصورين الموهوبين، مما يتيح للجمهور فرصة للاطلاع على تنوع الأساليب والتقنيات الفوتوغرافية.

كما تُعقد ورش العمل والدورات التدريبية لتبادل الخبرات والمعارف، وتعليم المبتدئين أساسيات التصوير، أو مساعدة المحترفين على صقل مهاراتهم.

• المسابقات والتحديات:

تُطلق المسابقات والتحديات الفوتوغرافية عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي،

لتشجيع المصورين على إبراز إبداعاتهم والتنافس فيما بينهم، مما يسهم في اكتشاف مواهب جديدة وتعزيز روح الابتكار في هذا المجال.

• الفعاليات المجتمعية:

تُقام فعاليات مجتمعية تجمع بين المصورين والجمهور، مثل جلسات التصوير الجماعية، أو المحاضرات التثقيفية حول تاريخ التصوير وأهميته،

أو عروض الأفلام الوثائقية التي تسلط الضوء على دور الكاميرا في سرد القصص وتوثيق الأحداث.

إن هذه الاحتفالات لا تقتصر على إبراز الجانب الفني للكاميرا فحسب،

بل تسهم أيضًا في تعزيز الوعي بأهميتها كأداة للتواصل، والتعليم، والحفاظ على التراث الثقافي والبصري للبشرية.

عدسة الكاميرا، نافذة على المستقبل:

في اليوم العالمي للكاميرا، نقف إجلالاً لهذا الاختراع الذي لم يغير فقط طريقة رؤيتنا للعالم،

بل أثر بعمق في كيفية تفاعلنا معه وتوثيقنا له. الكاميرا ليست مجرد أداة تقنية؛ إنها رفيق درب في رحلة البشرية، تسجل لحظات الفرح والحزن، الانتصار والتحدي،

وتخلد الذكريات لتكون جسرًا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل. مع استمرار التطور التكنولوجي،

ستظل الكاميرا في طليعة الابتكار،

مقدمة لنا طرقًا جديدة لرؤية العالم، والتعبير عن أنفسنا، ومشاركة قصصنا.

دعونا نحتفل بهذا اليوم ليس فقط بالتقاط الصور، بل بتقدير القوة التحويلية لهذه الأداة

التي لا تزال تلهمنا للإبداع، والاستكشاف، والحفاظ على جمال اللحظات التي لا تُنسى.

*******************

المراجع والمصادر:

مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً