تعرفوا على الخصائص المشتركة في أسلوب الفنان السوري الكندي الناقد : عبود السلمان العلي العبيد..

🔹قراءة فنية للفنان عبود السلمان السوري🔹

اللوحة الأولى: “الجلسة العربية التقليدية”

التكوين والبناء البصري:
تتمحور اللوحة حول شخصية مركزية لرجل عربي جالس في وضعية تقليدية، محاطاً بعناصر التراث البدوي. التكوين هرمي متوازن يخلق استقراراً بصرياً، حيث تتوزع العناصر بشكل متناظر حول المحور المركزي.

الأسلوب الفني:
يمزج السلمان بين الفن الشعبي والزخرفة الإسلامية مع تقنية النقاط (Pointillism) بطريقة معاصرة. الخلفية مكونة من آلاف النقاط البيضاء والملونة التي تخلق نسيجاً بصرياً غنياً يذكرنا بالسماء المرصعة بالنجوم أو الزخارف التقليدية.

العناصر الرمزية:

الشخصية المركزية: ترتدي الزي التقليدي (الثوب والغترة) وتمثل الهوية العربية الأصيلة
الرمز الهندسي العلوي: يحمل طابعاً روحانياً وزخرفياً يشبه الماندالا أو الزخارف الإسلامية
السجادة: بألوانها الزاهية (الأحمر، الأزرق، الأصفر) تمثل الحرف اليدوية التقليدية
العناصر الجانبية: الدلة، الفنجان، الساعة، وأدوات الحياة اليومية تروي قصة الحياة البدوية
اللون:
لوحة الألوان غنية ومتنوعة: الوردي الفاقع يتناقض مع الأزرق الداكن، والأبيض المضيء يبرز من خلال النقاط. هذا التباين اللوني يخلق حيوية وطاقة في العمل.

الخط والملمس:
الخطوط الحادة والواضحة تحدد الأشكال، بينما تخلق النقاط ملمساً بصرياً فريداً يضيف عمقاً وحركة للسطح.

اللوحة الثانية: “مزهرية الحياة”

التكوين:
تصميم مركزي يتمحور حول مزهرية زرقاء ضخمة مليئة بالورود والأزهار الملونة. الإطار الأبيض المزخرف يخلق نافذة أو بوابة للمشهد، مما يعطي إحساساً بالنظر عبر فتحة إلى عالم آخر.

الأسلوب:
مزيج فريد بين الفن الساذج (Naïve Art) والفن الشعبي مع لمسات سريالية. التفاصيل الدقيقة والنقاط المستخدمة في الإطار تتناقض مع الأسلوب الحر في رسم الزهور.

العناصر الرمزية:

المزهرية الزرقاء: رمز للاحتواء والخصوبة والحياة
الزهور المتنوعة: تمثل التنوع والجمال والحياة المزدهرة
الزهور البنفسجية الكبيرة: الملكية والروحانية
الأزهار الحمراء والوردية: العاطفة والحب
الأوراق الخضراء: النمو والتجدد
الطيور البيضاء: رموز السلام والحرية والروح
العناصر السفلية: مشاهد صغيرة من الحياة الشعبية (شخصيات، حيوانات، قلوب، نجوم) تروي قصصاً متعددة
القلوب الزرقاء: الحب والعاطفة
اللون:
لوحة ألوان أكثر هدوءاً من اللوحة الأولى، تعتمد على:

الأبيض المضيء في الإطار
البنفسجي والأزرق الداكن كألوان مهيمنة
لمسات من الأحمر والوردي والأصفر تضيف دفئاً
التدرجات الخضراء في الأوراق
التقنية:
استخدام النقاط في الإطار الأبيض يخلق تأثيراً يشبه الدانتيل أو التطريز التقليدي. الظلال والإضاءة مدروسة بعناية لإعطاء حجم للمزهرية والأزهار.

الخصائص المشتركة في أسلوب الفنان عبود السلمان:

  1. الهوية الثقافية: كلا العملين يحتفيان بالتراث العربي والفلسطيني بطريقة معاصرة
  2. التفصيل الدقيق: كل سنتيمتر من اللوحة مملوء بالتفاصيل والرموز
  3. تقنية النقاط: استخدام مميز للنقاط لخلق ملمس وعمق
  4. السرد البصري: كل لوحة تروي قصصاً متعددة ضمن قصة واحدة
  5. الزخرفة: تأثر واضح بالزخارف الإسلامية والشعبية
  6. الألوان الجريئة: استخدام ألوان قوية ومتباينة
  7. المزج الأسلوبي: دمج الفن الشعبي مع الفن المعاصر

هذه الأعمال تعكس محاولة الفنان الحفاظ على الذاكرة الجماعية والهوية الثقافية من خلال لغة بصرية غنية ومعاصرة، تجمع بين الأصالة والحداثة.

***&&&***

وثائقي للفنان عبود سلمان:
اسمٌ بدأ من ضفاف الفرات، ليُصبح أحد الأصوات العربية الأكثر حضورًا في النقد التشكيلي، وأحد الفنانين الذين حملوا لوحاتهم وكتبهم ورسائلهم إلى العالم.

وُلد عبود سلمان في مدينة الميادين – دير الزور، حيث الماء والتراب والطفولة الأولى تختلط بتكوين الحس الفني. هناك، قرب الحدود السورية–العراقية، بدأ وعيه الذي سيقوده لاحقًا ليكون فنانًا تشكيليًا وصحفيًا ناقدًا واسمًا لامعًا في المشهد التشكيلي العربي.

أنهى دراسته في معهد إعداد المدرسين بدير الزور عام 1984م، ثم أصبح عضوًا في نقابة الفنون الجميلة بدمشق عام 1987، واتسعت دائرة عضوياته لتشمل اتحادات فنية سورية وعربية، وصولًا إلى بيت الفنانين التشكيليين بجدة واتحاد التصوير الفوتوغرافي بدمشق.
كان دائمًا جزءًا مؤسسًا، مشاركًا، وفاعلًا في كل بيئة فنية يمرّ بها.

عام 1992 حمل لوحاته إلى باريس، ممثّلًا الفن التشكيلي السوري في المركز العربي السوري بفرنسا، في خطوة كانت بوابة عبوره نحو العالمية.

كاتب، ناقد، وصوت بصري حادّ الملاحظة:

إلى جانب تجربته التشكيلية، عرفه الوسط الثقافي كناقد بارز حصد جائزة دولية في النقد التشكيلي العربي عام 2003 من دولة الإمارات، عن كتابه:
“ضوء فوضوي على مشهدية واقع الفن التشكيلي العربي المعاصر”.

أصدر خمسة كتب نقدية تركت أثرًا واضحًا في المكتبة التشكيلية العربية:

شخوص مدينة العجاج – 1999

البذور والجذور – 2003

ألفة الأماكن – 2004

مواقف الحرف والذات – 2005

مرايا البوح – 2008

كما كتب مئات المقالات في صحف عربية وعالمية مثل: الزمان الدولية، القدس، الحياة، الجزيرة، الوطن، المدينة، البلاد…
وكان دائم الحضور في الفضاء الرقمي عبر منصّات التواصل، ناشرًا الثقافة البصرية والجمالية بمحتوى مؤثر وفاعل.

من المتوسط إلى العالم:

رشّحته جهات دولية لتمثيل فناني حوض البحر الأبيض المتوسط في نابولي – إيطاليا عام 2000، حيث قدّم ورقة عمل حول المرأة المتوسطية في ظل العولمة، فكان صوتًا فنيًا يبحث عن الإنسان في كل الحضارات.

المعارض والملتقيات:

لم يكن عبود مجرّد مشارك؛ بل منسقًا وصانعًا للملتقيات.
أقام ونظّم فعاليات فنية في:
كندا، السعودية، سوريا، لبنان، مصر، السودان…
وصنع جسورًا بين الثقافات من خلال الفن.

شارك في أكثر من 100 معرض عربي وسوري، وأقام 25 معرضًا شخصيًا منذ أولى خطواته في الثمانينيات، من الميادين ودمشق وحلب والحسكة… وصولًا إلى فرنسا، إيطاليا، الإمارات، ألمانيا، السعودية، وكندا.

وفي عام 2025، قدّم معرضه الخامس والعشرين “راوي الفرات” في غاليري “مك ملن” بـ إدمنتون–ألبرتا، كندا… معرض يروي رحلة فنان حمل ذاكرة النهر معه أينما ذهب.

الإقامة والهجرة:

هاجر عبود سلمان إلى كندا عام 2017، واستقر فيها، ليحصل لاحقًا على الجنسية الكندية عام 2023.
ورغم المسافات، بقي قريبًا من المشهد العربي، حاضرًا في النقاشات والمعارض والكتابة النقدية.

الخلاصة الوثائقية:

عبود سلمان… فنان، ناقد، ورحّالة بصري حمل الفرات معه إلى العالم.
سيرة تمتد لأكثر من أربعة عقود من الفن، الفكر، والبحث الجمالي… سيرة تستحق أن تُروى، وأن تُوثَّق، وأن تُقدَّم كما تُقدَّم التجارب الكبيرة:
بضوءٍ واضح، وروح لا تتوقف عن الرسم والبحث والكتابة.

أخر المقالات

منكم وإليكم