تحية إلى مصطفى سليم
أذهب إلى معرض الفنان مصطفى سليم وأنا اشعر بالفرِح… قبل أن أشاهد اللوحات. هناك سعادة تملؤني أن يكون له معرض. اختار مصطفى أن يرسم البسطاء والمهمشين ويجعلهم أبطال لوحاته… وربما لأنني واحدٌا منهم… ، لذلك أشعر بالفرح.
هذا الفنان الذي يهمس عندما يتحدث، وعندما يجلس منزوياً ربما لا تراه… من أين استطاع أن يأتي لنفسه بهذه القامة الفنية؟
هل شاهدت لوحات معرضه الأخير؟ هل أيقنت من أول وهلة البصمة الفنية؟ هل شاهدت شخوصه وقد صنع منهم عمالقة يملأون الكادر؟ هل ترى الجدية التي على وجوههم؟ إنهم صُنّاع الحياة… ملح الأرض… وأيضًا مصدر قوتها واحتفالها… في معرض “الباقون ” ينتصر سليم لنا.
ينتمي مصطفى إلى المدرسة التعبيرية، وبشكل أوضح إلى التعبيرية الاجتماعية. يرسم فيها الحالة لا الشبه، ومع ذلك فإن كل قطعة من العمل الفني تقول إنه مصري وينتمي لنا… وهذا سر جمال اللوحات ومصدر قوتها.
يرسم مصطفى البسطاء: عمّالًا، صيادين، فلاحين، باعةً جائلين، ركّابًا. يرسم ببراعة، وبحركة فرشاة قوية، وبباليتة ألوان ترابية يسيطر عليها الأزرق والبني (الطيني) والأصفر. ألوانه يربطها بالحالة الشعورية، لا يبحث عن ألوان البشرة، ولا حِيَل لجعل اللوحة تزيينية، ولا بالنقل الحرفي للأشياء.
هناك توازن في أعمال مصطفى بين الكتلة وعلاقتها بالفراغ، هناك سيطرة في التكوين وثقة في الخط واللون. مصطفى سليم في هذا المعرض يعلن عن استقلالية فنية
ينتصر لنا ولنفسه بسلاح الصدق الفني والاقتراب من المشاعر الإنسانية كمصدر خام وهام لكل طاقة إبداع. ورغم النظرات الحائرة والأجساد المنهكة، إلا أن الفنان يضعها بجوار بعضها بحنو، وكأنهم يسندون بعضهم البعض.
. بعض اللوحات تشعر أنها قطعة مرسومة على جدار معبد فرعوني… يبقى أن تُكتب بجوارها بعض الكلمات باللغة الهيروغليفية حتى تصدّق أنها من آلاف السنين، وأن الفنان الذي رسمها سليل حضارة عظيمة تعيد إنتاجها وحضورها بأشكال متعددة… وأن مصطفى، حامل الريشة، أحد أبنائها.
MMostafa SleemAAsmaa SamyAAzad Art Gallery Eg


