النجمة الإماراتية سحر الزراعي. الفنانة التي لا تشبه إلا نفسها.

النجمة الإماراتية سحر الزراعي

سحر الزارعي

حين تجتمع عدسة شاعر وقلب قائد:

سيرة امرأة لا تشبه إلا نفسها.

ما أصعب أن تكتب عن من يسبقك، لا بخطوة واحدة في دروب الإبداع، بل بخطوات واسعة ومتعددة.

كيف لي أن أكتب عن فنانة فوتوغرافية، وأنا أيضًا من هذا العالم، أعرف جيدًا ما تعنيه الصورة حين تُصبح حكاية،

وما يكلفه الضوء حين يُختزل في لحظة واحدة نابضة بالدهشة؟

حديثنا اليوم عن فنانة لا تلتقط الصورة فقط، بل تلتقط الروح… مترفة في الضوء، غزيرة في الإحساس، متفرّدة في رؤيتها.

وما أصعب أن تكتب عن شاعرة تسبقك بأميال من الشعور، قصيدتها ليست مجرد كلمات، بل تجليات قلبٍ يرى قبل أن يكتب، ويحسّ قبل أن ينطق.

ثم تزداد الصعوبة حين تكتب عن إنسانة تتقدّم بأميال في مسارات أخرى: في المبادرة، في القيادة، في الإنسانية، وفي أثر لا يُمحى.

نحن اليوم أمام شخصية لا تُشبه أحدًا…

لا في حضورها، ولا في عطائها، ولا في خطابها البصري والإنساني.

هي عالم متكامل من الضوء والنبض والموقف.

كونوا معنا.

سحر الزارعي:

سحر الزارعي هي فنانة فوتوغرافية إماراتية بارزة، تُعد من أبرز الشخصيات المؤثرة في المشهد الفني والثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة،

حيث امتزجت مسيرتها بين الإبداع البصري والإدارة الثقافية والنقد الفني.

حصلت الزارعي على بكالوريوس في اللغة الأجنبية والترجمة من جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا عام 2000،

كما نالت دبلومًا عاليًا في الإدارة من جامعة كامبريدج البريطانية عام 2011،

ما منحها أدوات فكرية ومهنية ساعدتها على بناء حضور فني ومؤسساتي متميز.

بدأت رحلتها الفنية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث أطلقت مشروع:

“فلوة غاليري”

ليكون منصة لدعم الفنانات الإماراتيات، وكانت من أوائل من اهتموا بإبراز الطاقات النسائية في الفنون البصرية.

منذ ذلك الحين، شاركت في أكثر من خمسين معرضًا محليًا ودوليًا،

قدمت خلالها أعمالًا فوتوغرافية تميزت بحسها الإنساني والروح التأملية.

إلى جانب نشاطها الفني، شغلت الزارعي العديد من المناصب القيادية والمؤسساتية،

حيث كانت عضوًا مؤسسًا لجمعية الإمارات للتصوير الضوئي عام 2005، وعضوًا في اللجنة الفنية بنادي ضباط القوات المسلحة بأبوظبي،

كما عملت مشرفة على الحركة التشكيلية في وزارة الإعلام والثقافة عام 2006. وقد اختيرت لاحقًا ضمن برنامج

“روّاد الأعمال”

عام 2008، في تقدير لدورها الريادي في المشهد الفني الإماراتي.

تُعرف سحر الزارعي كذلك بدورها الكبير في جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي (HIPA)،

حيث شغلت منصب الأمين العام المساعد للجائزة، وأسهمت في بناء مكانتها كأحد أكبر الجوائز الدولية في هذا المجال.

وفي عام 2014، نالت الجائزة تكريمًا دوليًا في مقر الأمم المتحدة من خلال “جائزة الإنجاز المتميز”،

وذلك بفضل جهودها في تعزيز الحوار الثقافي عبر التصوير.

لم تكتفِ سحر بالتصوير والإدارة، بل برزت أيضًا ككاتبة وناقدة فنية،

من خلال مقالاتها التي تنشرها في المنصات الثقافية الإماراتية، حيث تناقش فيها قضايا الصورة،

والذاكرة، والتجربة الفنية العربية، ومن أبرز مقالاتها «صور الذاكرة… خزانات للطاقة».

وقد ساعدها أسلوبها النقدي العميق في تشكيل وعي بصري جديد لدى جيل من المصورين والمبدعين في الدولة والمنطقة

سحر الزارعي… صيادة الضوء وحارسة الحكاية:

تُعد سحر الزارعي أولى الفنانات الفوتوغرافيات البارزات في المشهد الثقافي الإماراتي،

بل يمكن القول إنها لم تكن مجرد مصورة، بل كانت صيّادة للضوء، ثائرة على اللحظة الهاربة،

وكاتبة جمالية بالكاميرا. لم يكن الضوء في نظرها مجرد عنصر بصري،

بل كان روحًا تهيم خلفه كما تلاحق الفراشة عبقها على مياسم الزهرة.

كانت تركض وراء النور، لا لتلتقطه فحسب، بل لتصوغ منه قصة، أو قضية، أو ومضة من إنسانية عميقة.

لم تكن لوحاتها الفوتوغرافية قطعًا للتزيين أو مشاهد للعرض،

بل كانت قصصًا تُروى، وحكايات تُحس، وتجارب تُعاش.

كانت تملك تلك القدرة الساحرة على تحويل المشهد اليومي العادي إلى مشهدٍ أكثر جمالًا، أكثر عمقًا، وأكثر حياة.

لم تكن الصورة عندها “لقطة جامدة”، بل حكاية تنبض، مشهدًا يتحرك، رسالة تنطق دون صوت.

سحر لم تكن تسعى إلى أن تقول حكاية لغوية، بل إلى أن تقول حكاية إنسانية.

كان الإنسان غايتها، وكانت الإنسانية محتواها وهدفها. كانت تطارد الضوء من زاوية إلى زاوية، بعين خبيرة، وقلب شاعر.

لم تكن لقطتها عفوية، بل كانت إحساسًا إنسانيًا متكاملًا، يحمل من التأمل أكثر مما يحمل من التقنية، ومن الروح أكثر مما يحمل من العدسة.

كانت تلتقط الصورة لا كما يلتقطها أي فنان، بل كما ترسمها بروحها، أو تصوغها بماء القلب.

إحساسها بالصورة كان يسبق الصورة نفسها، وكان شعورها الداخلي أعمق من مجرد الضغط على زر الكاميرا.

لقد أعادت تعريف الفوتوغرافيا ليس كأداة توثيق، بل كفن سردي بصري، يتحدث عن الإنسان، ويخاطب الإنسان، وينبع من الإنسان.

سحر الزارعي… وجه أنثوي وسفيرٌ للجمال:

لم تكن سحر الزارعي فنانة تكتفي بالإبداع لنفسها أو تقتنص الشهرة كغنيمة شخصية، بل كانت تؤمن بأن الفن مسؤولية، وأن الإبداع أمانة.

لم تنصّب نفسها فنانة حيادية تتأمل من بعيد، بل اختارت أن تكون في قلب المشهد، في عمق المعنى، وفي صفّ الداعمين للفن وأهله.

لم تتأخر يومًا عن مدّ يدها للمواهب، بل فتحت الأبواب والنوافذ في وجه الفنانين، خاصة الفنانات الإماراتيات، لإبراز الطاقات النسائية في مختلف مجالات الإبداع.

أطلقت مشروعها الريادي:

“فلوة غاليري”

ليس كبادرة تجارية أو منصّة عرض، بل كمنصة انطلاق حقيقية نحو الفن؛ منصة تمكّن، وتحرّض، وتدفع إلى الأمام.

كان مشروعها هذا دعوة مفتوحة للفنانات والفنانين ليأخذوا أماكنهم تحت الضوء،

ويُظهروا للعالم أن في هذه الأرض أصواتًا بصرية تستحق أن تُصغى وتُرى.

لقد آمنت سحر بأن الجمال ليس ترفًا، بل رسالة ترتبط بالوطن، وبالمدينة، وبالإنسان.

لم يكن هدفها ذاتها، بل كان هدفها أوسع من الحدود، وأرحب من الأنا.

كانت تنتمي إلى وطنها، وإلى مدنها، وإلى عالمها العربي… بل إلى العالم كلّه.

امتد حضورها خارج الجغرافيا، فسافرت إلى مصر، وفرنسا، ومتحف اللوفر، وكل المعارض والمهرجانات حول العالم، لا لتكون فقط شاهدة على الجمال، بل لتكون شاهدة على الضوء، ومشاركة في صنعه.

كانت وجهًا أنثويًا يليق به أن يكون سفيرًا للجمال، يحمل في حضوره خفة الضوء، وعمق الرؤية، ونُبل الرسالة

الجمال مرتين:

عندما يكون الوجه جميلاً، لا يعني ذلك أن الجمال حالة عادية أو مجرد مسألة جينات، بل هو رضا إلهي، أو سر من أسرار الخلق، أراده الله في هذا الوجه، وفي هذه الروح.

نحن أمام جمال ربّاني، اختص به الله بعض الأرواح، فسكبه في ملامحها، وفي حضورها، وفي أثرها.

وسحر الزارعي ليست مجرد فنانة تحمل اسماً أنثويًا ناعمًا… بل كانت السحر بعينه.

كانت أكثر من سحر، كانت ساحرة في كل شيء:

في الكلمة، في الومضة، في الإحساس، وفي إنسانيتها الدافئة.

لقد كانت عنوانًا مكتملًا من السحر، وحضورًا يشع بجمال داخلي لا يُرى بالكاميرا فقط، بل يُحس بالروح.

كانت تمنح الجمال مرتين:

مرة في حضورها الآسر، ومرة في ما تبدعه من صور وأعمال.

كانت ساحرة في الجمال، وساحرة في الحضور، وساحرة في كل ما أنتجته يدها، أو شعرت به روحها.

مناصب قيادية… قلبٌ يُدير بنبض الفن:

لم تكن سحر الزارعي مجرد فنانة تمارس التصوير كهواية، بل كانت قيادية بالفطرة، تؤمن بأن للفن مؤسسات يجب أن تُبنى، وأن للإبداع بنية تحتية تحتاج إلى من يرعاها، ويوجّهها، ويحميها.

لذلك، لم تكتفِ بدورها الإبداعي، بل ارتقت إلى الصفوف الأمامية في الإدارة الثقافية، وصناعة القرار الفني.

شغلت مناصب متعددة كشفت عن قدرتها على الجمع بين الرؤية الجمالية والبصيرة الإدارية،

فكانت عضوًا مؤسسًا لجمعية الإمارات للتصوير الضوئي، وعضوًا في اللجنة الفنية بنادي ضباط القوات المسلحة في أبوظبي،

كما اختيرت ضمن اللجنة الفنية في وزارة الإعلام والثقافة،

حيث أشرفت على الحركة الفنية التشكيلية في الدولة، وأسهمت في توجيهها نحو آفاق أوسع من المهنية والابتكار.

أما المحطة الأبرز فكانت في جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي (HIPA)،

حيث تولّت منصب الأمين العام المساعد، وأسهمت بشكل جوهري في تحويل الجائزة إلى منصة عالمية تحتفي بالصورة،

وترتقي بذائقة الشعوب، وتربط بين عدسة الفنان وهمّ الإنسان.

لكن لم يكن المنصب بالنسبة لها امتيازًا شخصيًا أو سلطة مكتبية.

عندما تأتي إلى مكتبها، لم تكن تطرق بابًا خشبيًا لتدخل إلى مساحة رسمية، بل كنت تطرق باب القلب، لتدخل إلى أماكن أكثر دفئًا، وأكثر دهشة، وأكثر شغفًا.

كانت تأخذ بيدك إلى عوالم أخرى، لا تشبه ما تبحث عنه، بل تفوقه؛ عوالم من الحيرة الجميلة، ومن الأسئلة التي تُنبت دهشة، ومن الأجوبة التي لا تنتظر سؤالاً.

كانت اليد اليمنى لك، ونصف القلب النابض لك، إن كنت فنانًا قادمًا، أو باحثًا تائهًا، أو مفتشًا عن الفن والأدب والثقافة.

كانت الأخ الروحي، والأب الروحي، والمرشد الهادئ الصادق.

لم يكن دورها القيادي من باب حب المنصب، بل من باب حب الوطن، وحب العالم، وحبها للإنسانية جمعاء.

المنصب بالنسبة لها لم يكن منصّة للتسلّق، بل مكانًا يُعزز إنسانيتها، ويمنح قيمها التربوية والأخلاقية فرصة للتمدد. كانت، ولا تزال، مثالًا نادرًا للشهامة، والمروءة، والكرم، والضيافة، وحُسن التربية والتعليم.

بوح السحر… حين تكتب الأنثى بماء القلب:

والآن… وصلنا إلى المكان الأكثر احتراقًا، إلى النقطة التي يتوهج فيها الكلام ويتحول إلى بوح.

إنه بوح السحر، حين يكون السحر سحرًا حقيقيًا، والبوح صدقًا فادحًا. هنا، نكون أمام إعجاز سماوي اسمه سحر… سحر الزارعي.

عندما تكتب الأنثى بحبر القلب، وماء الروح، وعلى ورق الدهشة، لا نكون أمام كتابة عادية، بل أمام سؤال لا يحتمل الإجابات، أمام أسئلة تولّد الجدل والصخب والضجيج الجميل.

لا تكتب سحر بصمت، بل تكتب من عمق الشعور، من منبع الإحساس، وتسكب كلماتها كما يُسكب الضوء على قمة جبل وقت الشروق.

هي لا تكتب نصًا… بل تعزف موسيقى من الكلمات، على مقامات سبعة، وألوان سبعة، تمتزج فيها الشعرية بالفوتوغرافيا، والحرف بالضوء، والتشكيل بالإحساس.

تقول حكاياتها دفعة واحدة، تخرج ما في قلبها كبلابل تغرد، وكأنك تقف تحت شرفة القلب، فيما هي تدلق عليك قصاصات من إبداعها.

وأنت تقرأها… تقرأ الشعر، والحكمة، والعذوبة، والجمال، والضوء، وأنوثتها، وإنسانيتها، وخلودها، ومستقبلها.

تقرأ امرأة متعددة في شخصٍ واحد، تقرأ جمهورًا من النساء في امرأة واحدة، وجوهًا كثيرة في وجه واحد، وآلاف القلوب في قلبٍ واحد.

هكذا تكتب سحر… في بوح السحر:

وقبل أن أختم هذا المقال، سأقطف لكم شيئًا من كتاباتها… من تلك النصوص التي لا تُقرأ، بل تُحسّ، وتُحفظ، وتُحكى كما تُروى الأساطير.

من فلسفة بوح السحر اخترت:

21 مارس…
لا أقدّسه، ولا أفرّ منه.
هو ببساطة، اليوم الذي يُذكّرني أن بعض التفاصيل لا تموت،
وأن بعض الغياب… لا يُتجاوز.

******

خاتمة… أم بداية السحر؟

والآن، وصلنا إلى ختام هذا المقال…
لكن، قبل أن أضع النقطة الأخيرة، دعوني أعتذر من محبرتي لتواضع حروفها،
وأعتذر من لغتي لضعف بلاغتها أمام عظمة الإبداع،
وأعتذر من القارئ، ومن المبدعة سحر الزارعي، لأن كلماتي البسيطة لا تليق بعظمة منجزها.

إنها تستحق الكثير، الكثير…
ولكن، ليس بمقدور كاتب مثلي أن يحيط بهذا السحر كله دفعة واحدة،
ولا أن يروي كل هذا النور في جملة، أو فقرة، أو حتى مقال.

نحن لا نغلق النص هنا… بل نفتحه على اتساع الدهشة.
هذه ليست نهاية، بل بداية الإعجاب، وبداية السؤال، وبداية الرحلة:

أن تقرأ عن سحر، هو أن تقول لنفسك:
“أعطني شيئًا آخر لأقرأه عن هذا السحر

********

معرض الصور:

 

              

************************

المراجع والمصادر:

مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً