“اقتحمتُ السينما بشراسة”… نايلة الخاجة أول مخرجة إماراتية تكشف لـ”النهار” كواليس تجربتها
“يحدوني الكثير من الأمل تجاه السينما الإماراتية، وأتوقع الكثير من العمل والإنجازات”
* هبة ياسين
يأتي الفيلم الروائي الإماراتي “باب” كتجربة مختلفة ومغايرة في سياق السينما العربية، إذ نادراً ما ينجذب الجمهور العربي إلى أفلام الرعب النفسي ذات الطابع السريالي. إلا أنّ المخرجة نايلة الخاجة امتلكت الجرأة والطموح لاقتحام هذا النوع، مقدّمة عملاً يبتعد عن القوالب التقليدية، رغم ما ينطوي عليه من مغامرة فنية بسبب غرابة قصته ورموزه المستوحاة من موروث إماراتي. وقد عُرض الفيلم ضمن عروض الغالا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ 46 في عرضه العالمي الأول.
تُعدّ الخاجة أول مخرجة سينمائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد عرض عام 2024 فيلمها الروائي الطويل الأول “ثلاثة” الذي حقق عروضاً دولية في دول عدة. وتشتهر بأسلوب بصري يميزها، يوظّف لوحات لونية خاصة وديكورات داخلية دقيقة، بينما تتناول أعمالها قضايا الوصم الاجتماعي والتحولات الشخصية عبر سرد بصري متعدد. واعتادت طرق موضوعات ومساحات غير مألوفة.
في “باب”، تقدّم الخاجة رحلة نفسية عبر حكاية وحيدة التي تعثر على أشرطة كاسيت مخبأة خلف باب أخضر، فتنطلق في محاولة فكّ أسرار وفاة شقيقتها التوأم. ومع تصاعد وطأة طنين الأذن الذي يلاحقها، تتعمق رحلتها داخل الجبال، حيث تتكشف لها أسرار مقلقة تغيّر مسار حياتها.
ويتزامن عرض الفيلم مع إصدار الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي ورئيس مجلس دبي للإعلام، قراراً خلال الفترة الماضية بتشكيل لجنة لتطوير الأفلام، بهدف توفير بيئة متكاملة لدعم الإبداع، ورعاية المواهب الوطنية، واستقطاب الخبرات العالمية، بما يواكب الازدهار المتسارع في الصناعات الإبداعية، ما منح “الخاجة” بارقة أمل. وهو ما توضحه خلال لقائها مع “النهار”، ضمن حوار كشفت خلاله عن تجربتها مع الموسيقار العالمي إيه آر رحمان المتوّج بجائزتي أوسكار، وتطرقت إلى مسيرتها السينمائية، والتحديات التي واجهتها، وكواليس صناعة فيلم “باب”.
* حدثينا عن تجربتك في السينما، وما الذي دفعك للاتجاه لصناعة الأفلام لاسيما أنها مازالت وليدة في الإمارات؟ وما أبرز التحديات التي واجهتك؟
– شغفت بالسينما منذ صغري، حين كنت في الرابعة عشرة من عمري، إذ اشتريت كاميرا 8 ملم، نظراً لعشقي التصوير بجانب اهتمامي بالفنون الجميلة، فدمجتهما سوياً، وهو ما جعل أفكار أعمالي تميل إلى السريالية،
وبالفعل، واجهت تحديات كبيرة، وجاء العائق الأول رفض عائلتي، لكنني امتلكت الإصرار والعزيمة على خوض هذه التجربة، وبدأوا في الاقتناع عقب مشاهدتهم أول فيلمين قمت بإخراجهما، إذ وجدوها أفلاما جيدة اجتماعية أو رعب بعيدا عن الرومانسية. ورغم كوني امرأة، فقد اقتحمت السينما بشراسة وليس بنعومة نظرًاً لعدم وجود بنية تحتية للسينما في الإمارات من الأساس، فكان ينبغي أن أفرض نفسي، وأبذل جهداً مضنياً وأفعل المستحيل من أجل صناعة أفلامي، فلم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق.
*ما الصعوبات التي تواجهك في صناعة أفلامك؟
– كل شيء، سواء الحصول على تمويل للأفلام، أو توفير طواقم التصوير والتمثيل، كلها أمور صعب الوصول إليها بسهولة.
* “باب” هو فيلمك الروائي الطويل الثاني، واخترت قصة ثقيلة تتناول دراما الرعب النفسي، يخالطها أجواء من الرعب رغم أن هذه النوعية جمهورها محدود في الوطن العربي، لماذا؟ وما الذي يجذبك إلى هذه النوعية من الدراما؟
– وددت خوض تجربة جديدة، فالأفلام العربية تفيض بأعمال الدراما والأكشن والموضوعات المختلفة، بينما يظل الفن السريالي ونوعية الأعمال التي تتناول ما أسميه الرعب الهادئ ليست منتشرة، ولا يوجد أشخاص متخصصين بها، لذا شدني التعمق في هذا المسار. وأدرك تماماً أن الفيلم ليس تجارياً بالمعنى التقليدي، لكن سنترك الحكم للجمهور. كان فيلمي الأول “ثلاثة” تجارياً، وحقق نجاحاً لافتاً، ودخل قائمة الأفلام العشرة الأولى في “البوكس أوفيس” في الإمارات، لكن فضلت في “باب” الاتجاه إلى هذا اللون من الدراما المكثفة.
ومع ذلك، يحظى فيلم “باب” باهتمام ملحوظ، إذ أبدت دول مثل الهند والصين وروسيا رغبتها في توزيعه، والهند على وجه الخصوص تعد سوقا ضخمة؛ لذا لا أركز على عرض الفيلم في الوطن العربي فقط، إذ أسعى لتوزيعه في أسواق سينمائية خارجية، لأن الجمهور الأجنبي يفضل هذه النوعية من الأفلام، كما أن وجود الموسيقار العالمي “إيه آر رحمان”، وهو صاحب شعبية واسعة، يمثل عامل جذب ودعاية قوية للفيلم في الخارج، ويعزز فرص انتشاره دوليا.
كما أود التعبير عن اعتزازي وفخري بعرض فيلمي في مصر ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واعتبره إنجازاً كبيراً للسينما الإماراتية.
* جاءت الموسيقى أحد العناصر المبهرة في الفيلم، دعمت أجواء الرعب النفسي، وصنعها الموسيقار إيه آر رحمان، في أول تجربة له عبر فيلم عربي.. حدثينا عن تجربتك في التعاون معه وكيف كانت؟
– تلك هي المرة الأولى التي يصيغ فيها الموسيقى لفيلم قاتم بهذا الشكل، لا سيما أنه صوفي النزعة، وهو على المستوى الشخصي إنسان لطيف ومهذب وهادئ الطباع للغاية، فضلا عن تمتعه بالنبوغ الفني، وجاء العمل معه ممتعاً للغاية، نظراً لموهبته وإبداعه المتقد، ووجوده ضمن صناع الفيلم يمثل إضافة كبيرة، ومنح الفيلم لمسة “عالمية” تضافرت مع عبقرية موسيقاه، كما أن إحدى أغنيات الفيلم هو من غناها بصوته وشاركته بصوتي، وخرجت بلغة بها لمسة صوفية دعمت الأجواء الغريبة في الفيلم، كما خرجت أغنية العرس في الفيلم راقية بعيدا عن الإيقاعات الصاخبة النمطية.
أثناء العمل، كان يزعجه بعض المشاهد أحيانًا ويضطر للخروج من الغرفة، وذلك بسبب طبيعته الصوفية، وقضينا شهراً كاملاً في تجربة غريبة جداً في مزرعة في الهند حيث عكف على تأليف الموسيقى لاسيما باستخدام “الطبل”، وكان يخلق أصواتاً لم نفهمها وقتذاك، لكن بعد تركيبها أدركنا أنها كانت مستوحاة من إحساس الشخصيات. كنت أرى أحيانا أن الموسيقى مبالغ فيها، وحذفت 10 مقاطع من أصل 17 مقطعاً، وهو ما أزعجه لكنه تقبل الأمر لاحقاً.
* ما الذي ألهمك لكتابة قصة “باب”؟ وهل هناك تجارب شخصية مرتبطة بالفقد أو الحزن لعبت دوراً في النص؟
– هذا سؤال ممتاز للغاية، نعم ثمة تجربة تتعلق بالفقد والحزن، إذ توفي صديق عمري وطفولتي منذ نحو 25 عامًاً أمامي، وكان بمثابة شقيقي، ومررت بفترة عصيبة، وعانيت الاكتئاب بسببها نحو عام ونصف العام، إذ تلازمنا منذ كنا صغارًا، فشعرت بحالة من الفقد عايشتها في أجواء وقصة هذا الفيلم.
أنا شغوفة بالرسم، وتتأثر مخيلتي بلوحات فرانسيس بيكون وغويا، وهذا ما يجعلني أميل دائماً إلى اللغة البصرية. في الحقيقة، أحلم يومًاً ما بصناعة فيلم كامل بلا كلمات، يعتمد فقط على الصورة. فكلما تقدّمت في تجربتي الفنية، وجدت نفسي أنجذب أكثر نحو البعد الجمالي والسريالي.
حتى بعض الشخصيات مستوحاة من الموروث الإماراتي. أما الألوان فلها دلالات دقيقة: الكركمي يرمز إلى المرض، والأخضر يعكس الحب. وحتى الأسماء في الفيلم ليست عشوائية؛ فاسم “نسمة” يوحي بنسيم الريح، بينما يشير اسم “وحيدة” إلى العزلة. كما حاولت أن أُدخل العناصر التراثية في قالب غريب وسريالي.
* كيف تجمعين بين تجربة المخرجة والمنتجة في آن؟
– أمتلك القدرة على الفصل بين المهمتين، فدوري كمنتجة يتركز على كيفية توفير والحصول على التمويل لصناعة أعمالي، وبمجرد القيام بهذه المهمة أستعين بمنتج آخر لتولي زمام الأمور اللوجستية والتنظيمية، كي أتفرغ للإخراج، وبعدما أنجز مهمتي كمخرجة أعود للإنتاج؛ لأقوم بتوزيع الفيلم.
* كيف ترين مستقبل السينما الإماراتية في ظل العقبات أو الفجوات الموجودة حالًياً؟
– يحدوني الكثير من الأمل تجاه السينما الإماراتية خلال الفترة المقبلة، وأتوقع الكثير من العمل والإنجازات، خصوصاً مع إعلان تشكيل لجنة سينمائية جديدة، وأطمح أن يساهم ذلك ويصب في صالح تطوير البنية التحتية السينمائية الإماراتية ودعم المواهب والطاقات السينمائية. وأتمنى أن تساهم اللجنة في تغيير الوضع الحالي.
*ما خططك السينمائية المقبلة؟
– سأتجه لصناعة عمل كوميدي من باب التغيير والتجديد بعيداً عن الأعمال النفسية الثقيلة.
*****
المصادر:
_ صحيفة سبق الإلكترونية
– النهار – الجريدة – «عكاظ»
الرياض – العربية نت – بي بي سي .كوم BBC.com
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مواقع إلكترونية: المجلة- القدس العبي
الجزيرة+ العربية نيوز – فرانس24/ أ ف ب
– اخبار فن التصوير- rafik kehali
– الوسط – الألمانية -اليوم السابع
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)
– جائزة هيبا – الإمارات اليوم – القدس العربي
– موقع المستقبل – موقع سينماتوغراف – البيان
– موقع المصرى اليوم – موقع عكاظ
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
***&&&***


