لا كان أسمر ولا كان نوبي… لكن الدنيا كانت كاتباله إنه يمشي في طريق محدش تاني كان هيعرف يمشيه.
علي خليل سالم… اتولد في حارة بسيطة في السيدة زينب سنة 1887، وطلع للدنيا زي أي طفل مصري عادي…
ولما كبر شوية اشتغل في مهنة أبوه السروجي، وبعدين اشتغل في قهوة…
وهناك، وسط الزباين، كان في نوبيين بيشتغلوا جنبه… فاتعلّق بيهم واتعلم لغتهم… وحفظ نطقهم…
ومن هنا اتولدت “الحدوتة”.
كان بيقف قدام المراية كل يوم، يدهن وشه بصبغة غامقة، ويلبس الجلابية، ويحط الطربوش المايل شوية… علشان يدخل في الشخصية اللي غيرت حياته وسابت بصمة في الجمهور المصري كله: عثمان عبد الباسط.
الشخصية دي خلت مصر كلها تحفظ صوته وضحكته وطريقته… وتقلده كمان!
علي الكسار كان يدخل المسرح… فيسكت الجمهور ثواني… وبعدين يتملي المسرح كله ضحك من القلب.
تخيلوا إنه نافس الريحاني، وملأ المسارح، وقدم أكتر من 160 عرض!
ودخل السينما، وغنى، ومثّل، وبقى واحد من روّاد الضحك في مصر.
لكن الزمن ساعات بيكون قاسي…
كبر علي الكسار… والسنين أخدت منه صحته… وبعد عن المسرح والسينما.
وابتدت الأضواء تطفي واحدة واحدة…
مخرجين نسيّوه… ومنتجين مبقوش يسألوا عليه…
وجمهور اتعود يشوف وشوش جديدة… ونسى أول حد علّمه يعني إيه كوميديا على المسرح.
وفي أيامه الأخيرة، كان راقد على سرير في القصر العيني… مريض، وتعبان، ومكسور شوية.
ولما سألوه عن حاله… قال الكلمة اللي وجعت قلوب الجمهور كله:
“أنا الآن في السادسة والستين… وقد نسيني المخرجون… والحمد لله.”
كلمة قالها بابتسامة طيبة… زي ابتسامة عثمان عبد الباسط اللي عمرها ما ضايقت حد، ولا كسرت قلب حد.
ومات علي الكسار سنة 1957… بهدوء جدًا… من غير وداع كبير، ولا ضجة، ولا كاميرات.
لكن فضلت ضحكته عايشة… وشخصيته محفورة… وتاريخه شاهد إنه كان واحد من أجمل الوجوه اللي مرت على الفن المصري.


