عمر ياغي الحاصل على نوبل الكيمياء للجزيرة نت: هذا ما سينجزه العلم في 2026
*العالم الأردني البروفيسور عمر ياغي أستاذ الكيمياء بجامعة بيركلي (جامعة كاليفورنيا بيركلي)
أحمد كامل
يعد البروفيسور عمر ياغي، أستاذ الكيمياء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، أبرز العلماء الذين أسهموا في تطوير فئة جديدة من المواد، تُعرف بالأطر الفلزية العضوية.
تقوم فكرة هذه المواد على بناء هياكل دقيقة مثل غرف صغيرة الحجم، مكونة من ذرات فلزية، مثل النحاس والزنك، تعمل بوصفها نقاط التقاء أو مفاصل على غرار الأعمدة في المباني، في حين ترتبط بها جزيئات عضوية تقوم بدور الجسور بين تلك النقاط.
ومن خلال تكرار هذا النمط في اتجاهات متعددة، تتشكل شبكة ثلاثية الأبعاد تحتوي على عدد كبير من الفراغات المجهرية.
وقد جاء فوز ياغي بالجائزة تقديرا لدوره في الانتقال بهذه الهياكل من مجرد فكرة نظرية إلى مجال علمي متكامل، أرسى قواعده تحت اسم “الكيمياء الشبكية”.
ويقوم هذا المنهج على ترتيب الذرات داخل شبكات مترابطة بدقة تسمح بالتحكم في شكل المسام وحجمها ووظيفتها، وهو ما يمنح الأطر الفلزية العضوية خصائص لا تمتلكها المواد التقليدية.
ومن بين هذه الخصائص قدرتها على التقاط الغازات، وتنقية الهواء، وامتصاص الرطوبة القليلة من الجو، مما جعلها أساسا لتطوير تقنيات حديثة تستخدم اليوم في مجالات الطاقة والمياه والبيئة.
ماء من الصحراء
الجزيرة نت أجرت حديثا خاصا مع الدكتور ياغي، لسؤاله عما يتوقعه من تطورات علمية قد يشهدها عام 2026، ضمن مجال تخصصه. وأشار ياغي إلى أن العام المقبل قد يمثل لحظة فارقة لإحدى التقنيات المرتبطة بأبحاثه بشكل مباشرة، وهي تقنية حصاد المياه من الهواء.
ويوضح ياغي أن الحاجة العالمية لمثل هذه الحلول تتزايد سريعا، إذ يقدر أنه بحلول عام 2050، سيعيش ما يقرب من نصف سكان العالم في مناطق تعاني من ضغوط مائية حادة، سواء بسبب الجفاف أو محدودية الوصول إلى مياه نظيفة
في ضوء ذلك، يتوقع ياغي أن يشهد العام المقبل طرح أجهزة قادرة على استخراج الماء من هواء الصحراء أمام الجمهور لأول مرة، مستفيدة من قدرة الأطر الفلزية العضوية على التقاط كميات ضئيلة جدا من بخار الماء في الجو، ثم إطلاقها على هيئة ماء سائل باستخدام قدر محدود من الحرارة أو ضوء الشمس.
ويرى ياغي أن تحقق هذه الخطوة سيشكّل تقدما مهما في مواجهة أزمة المياه، لا سيما في المناطق الجافة والمتأثرة بتغير المناخ.
وتعمل هذه الأطر الفلزية العضوية، كما يشرح الدكتور ياغي، كمواد قادرة على جذب بخار الماء من الهواء بفضل بنيتها شديدة الدقة، التي تشكل شبكة مجهرية تشبه الإسفنج مليئة بالمسامات الدقيقة.
وتمتاز هذه الهياكل بوجود مساحة داخلية كبيرة للغاية، قد تصل إلى آلاف الأمتار المربعة في كل غرام واحد من المادة.
هياكل عجيبة
ويشبه العلماء هذا الأمر بورقة كبيرة جدا يتم طيها آلاف المرات حتى تصبح صغيرة الحجم، بينما تبقى مساحتها الأصلية محفوظة لو فردت بالكامل. هذه المساحة الداخلية الضخمة هي ما تمنح الأطر الفلزية العضوية قدرة استثنائية على التقاط كميات كبيرة من جزيئات الماء أو الغازات مقارنة بأي مادة تقليدية.
وبسؤال الدكتور ياغي عن القدرة التوليدية المتوقعة لهذه الأجهزة، أوضح أنها ستكون قادرة على إنتاج ما لا يقل عن ألفي لتر من المياه يوميا، وأن هذه الكمية يمكن الحفاظ عليها لمدة تتراوح بين 6 إلى 7 سنوات قبل الحاجة إلى استبدال المادة أو إعادة تشغيل المنظومة.
ويضيف أن هذه المواد تعمل دون الحاجة إلى أنظمة معقدة، حيث تلتقط بخار الماء خلال الليل أو في الساعات الباردة، ثم تطلقه على هيئة ماء سائل عندما تتعرض لحرارة الشمس أو مصدر بسيط للطاقة.
هذه الخاصية تسمح بتشغيل الجهاز دون الحاجة إلى كهرباء أو ضواغط أو درجات تبريد منخفضة، وهو ما يجعل التقنية مختلفة جذريا عن تقنيات تحلية المياه أو تكثيف الهواء التقليدية التي تحتاج إلى طاقة كبيرة.
كما أن قدرتها على العمل في ظروف صحراوية (حيث الرطوبة أقل من 20%) تجعلها خيارا واعدا لمواجهة تحديات المياه في المناطق الجافة حول العالم.
ثورة علمية
جدير بالذكر أن ظهور الفكرة الأساسية للأطر الفلزية العضوية كان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، غير أن الهشاشة البنيوية لهذه المواد كانت أكبر عائق أمام استخدامها. فقد كانت الهياكل الأولى التي طرحت على الورق عبارة عن شبكات مسامية ضعيفة الارتباط، تنهار بسهولة عند تعرضها للرطوبة أو الحرارة أو حتى عند محاولة تنقيتها في المختبر، مما جعلها أشبه بنماذج نظرية يصعب تصنيعها أو تشغيلها في الواقع. وكانت الروابط التي تربط المكونات الفلزية بالروابط العضوية غير مستقرة، مما يؤدي إلى تفكك البنية بسرعة عند أي إجهاد كيميائي أو حراري.
وفي عام 1995، حقق ياغي اختراقا علميا حاسما عبر تطوير روابط كيميائية مشحونة وأكثر صلابة بين المكونات الفلزية والعضوية، الأمر الذي منح هذه الهياكل قوة واستقرارا غير مسبوقين، وجعل تكوينها والمحافظة عليها عمليا ممكنا. وبفضل هذا التطور، أصبح بالإمكان إنتاج آلاف التركيبات المختلفة من الأطر الفلزية العضوية، لكل منها خصائص محددة وقابلة للتصميم وفق الحاجة.
وتجدر الإشارة إلى أن قدرة الأطر الفلزية العضوية على الامتصاص لا تقتصر على بخار الماء فقط، بل تمتد أيضا إلى مجموعة واسعة من الغازات، مثل ثاني أكسيد الكربون، الناتج عن العمليات الصناعية، وهو ما قد يسهم في خفض كميته التي تصل إلى الغلاف الجوي، وبالتالي يساعد في الحد من الانبعاثات المسببة للاحترار العالمي.
كما تستطيع هذه المواد امتصاص غاز الميثان، وهو المكوّن الأساسي للغاز الطبيعي المضغوط المستخدم في تشغيل بعض السيارات. وفي هذا السياق، تعاونت شركة الكيماويات الألمانية العملاقة “بي إيه إس إف” مع الدكتور ياغي لتطوير خزانات وقود للسيارات تعتمد على الأطر الفلزية العضوية لتخزين الغاز بكفاءة أكبر، في خطوة كانت تستهدف الاستفادة من الطلب المتزايد على الوقود منخفض الانبعاثات.
غير أن هذه الخطط توقفت عام 2015 مع الانخفاض الحاد في أسعار البنزين، إذ لم يعد الاستثمار في هذه التكنولوجيا مجديا اقتصاديا في ذلك الوقت، رغم إمكاناتها العلمية والتطبيقية الواعدة.
المصدر: الجزيرة
******************
المصادر :
– موقع الجزيرة .نت
– موقع النهار العربي
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)
– موقع «الشرق الأوسط»
– موقع القدس العربي
– موقع الشرق الاوسط
– مجلة الحرف والكلمة
– الإتحاد العربي للثقافة
– موقع سبق
– موقع صحيفة عكاظ
– دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN
.bbc /arabic
– موقع (اليوم السابع)
– موقع موزاييك
– جريدة الدستور
– موقع العربي الجديد
– موقع : – الجزيرة .نت
– سكاي نيوز عربية – أبوظبي
– موقع سبق- اليوم السابع
– الإمارات اليوم
– العربية .نت – الرياض
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
************


