الجميل الغامض البزق.الآلة الموسيقية الشرقية بألوان صوتية وتقاليد تراثية

الجميل الغامض البزق

البزق : آلة الموسيقى

التي تعانق ألحان الشرق وتروي قصة الروح الحرة

بقلم : سعيد الدريوش ✍

في عالم الموسيقى الشرقية، تبرز آلة البزق كواحدة من أكثر الآلات غموضًا وجمالًا في آنٍ واحد،

تتخذ لنفسها موقعًا فريدًا بين أوتار العود والساز،

لتكون جسراً بين ثقافات متعددة وأزمنة متداخلة. هذه الآلة الوترية الخشبية ذات العنق الطويل وجسم أصغر من العود تُقدم صوتًا مميزًا،

محترفًا بين ألحان الموسيقى الشعبية والغجرية في لبنان وسوريا وتركيا وغيرها،

حيث تروي بأوتارها تاريخًا يمتد إلى ما قبل الإسلام.

يَشِع البزق برقته رغم هيئته الصغيرة،

فهو يحمل بين دفتيه عبق الكوبوز والطنبور، وهو من نسل آلات اشتهرت عبر الهجرات الإنسانية من الهند

مرورًا بالأناضول حتى بلدان البحر الأبيض المتوسط. تتسم هذه الآلة بصندوق صوت بيضاوي يشبه المندولين،

وعنق مزود بأوتار (عادة ثلاث أزواج) مصنوعة من المعدن،

ما يمنحها تميزًا صوتيًا ورنينًا أكثر حدة مقارنة بالعود.

ولعل هذا ما يجعل لعزفها طابعًا خاصًا يفضله مبدعو الغجر، الذين يصنعون من البزق لحنًا ينبض بالحياة الحرة وروح التقاليد.

و على الرغم من ارتباطها الشعبي بالغيجر اللبناني المعروفين بـ”النور”، واحتفاء مشاهير الموسيقى الشرقية بها كالرحابنة،

تبقى آلة البزق قليلة الانتشار وغير معروفة في مدارس الموسيقى الرسمية،

كما أن طريقة صناعتها تُحفظ شفهيًا بين الحرفيين. في لبنان،

يكافح صانعو البزق مثل جورج الشيخ للحفاظ على هذه الصناعة رغم الحروب والأزمات الاقتصادية،

فقد فتح ورشته في 2021، معتبرًا أن آلة البزق ليست مجرد أداة بل حامل لتراث حي لا ينبغي أن يندثر.

كما تمثل آلة البزق في الموسيقى العربية الانصهار بين القديم والحديث،

فهي تضمّن صوتها رموز الثقافات الشرقية العميقة،

وفي يدي العازف تتحول الأوتار إلى أغانٍ تحكي حالة الإنسان، ألمه، أمله، وكل لحظة حياته.

وتجسدها بشكل خاص نجوم مثل محمد عبد الكريم “أمير البزق” الذي جعل منها منصة للتعبير الموسيقي الراقي.

حيث لا تعد البزق آلة تقليدية بالمعنى الكلاسيكي، بل هي قطة موسيقية تتجدد مع كل عازف،

وتتمتع بتعدد استخداماتها في الموسيقى السورية، اللبنانية، التركية، اليونانية، والإيرانية،

ما يجعلها جسراً بين حضارات تعددت لغاتها وألحانها،

لكنها اتفقت على لغة الروح التي تعزف عليها هذه الآلة.

فباختصار، البزق ليست مجرد آلة، بل قصة متواصلة من الألوان الصوتية والتقاليد التي تتحدى الزمن،

وتعيش في أوتارها حكاية الإنسان الباحث عن الحرية في حضن تراثٍ موسيقي يعانق كل قلب ينبض بالإبداع .

*********************

المراجع والمصادر:

مجلة الحرف والكلمة

مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

اترك تعليقاً