التشكيلي المصري: حامد ندا..الخط عنده جرح قديم والألوان مداواة للروح – بقلم الناقدة: شيرى شريف.

فى فضاء حامد ندا التشكيلي يبدو الخط كأنة اثر لجرح قديم والالوان كأنها محاولة لمداواة الروح 🌺

قراءة فى تجربة الفنان التشكيلي الراحل حامد ندا🌹

حامد محمد حامد ندا ولد في القاهرة عام 1924 ونشأ في بيئة غنية بالمشاهد الشعبية التي شكلت ملامح تجربته الفنية تلقى دراسته الأولى في الكلية الملكية للفنون الجميلة وتخرج عام 1951 حاملا دبلوم التصوير ثم سافر إلى إسبانيا عام 1961 ليدرس الجداريات والتصميمات في أكاديمية سان فرناندو للفنون.


انضم منذ شبابه إلى جماعة الفن المعاصر عام 1946 وشارك في أنشطتها وكان عضوا في نقابة الفنانين التشكيليين وجمعية خريجي الفنون الجميلة وجمعية فناني الغوري وأتيلييه القاهرة كما شارك في مراسم الأقصر في منتصف الخمسينيات بدأ مسيرته المهنية مدرسا للرسم في التعليم العام حتى عام 1955 ثم انتقل ليصبح مدرسا بقسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عند تأسيسها.

وبعد ذلك تدرج في مناصب هيئة التدريس بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة حتى تولى رئاسة قسم التصوير من عام 1977 حتى تقاعده عام 1984 عاش الفنان في القاهرة والإسكندرية كما أقام فترات في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا مما أتاح له الاحتكاك بالمدارس الفنية العالمية قدم عدة معارض خاصة منذ خمسينيات القرن العشرين منها معارض بالقاهرة وبرلين ومدريد ثم عاد ليعرض في قاعات مصرية راسخة مثل إخناتون وسفر خان واستمر نشاطه حتى العقود الأخيرة حيث نظمت له قاعات عديدة معارض تبرز مراحله المتنوعة شارك في عدد كبير من المعارض الجماعية المحلية مثل صالون الربيع ومعارض جماعة الفن المعاصر ومعرض الفن في المعركة ومعرض الفن والفلاح والمعارض العامة لفناني مصر كما شارك في فعاليات ثقافية مرتبطة بمرحلة الستينيات والسبعينيات إضافة إلى مشاركات لاحقة بعد رحيله عبر معارض تستعيد أعماله امتدت مشاركاته الدولية إلى البيناليات الكبرى مثل فينيسيا وساوباولو وبينالى الإسكندرية كما شارك في معارض بباريس وبروكسيل والمجر وبراغ وشيكاغو والسنغال وإسبانيا والكويت وغيرها من المدن التي احتفت بتجربته نال عدة بعثات فنية منها منحة مراسم الأقصر ثم بعثته إلى إسبانيا كما كلف بمهام رسمية مثل عضويته في لجنة تحكيم جوائز الدولة وعضوية لجان المجلس الأعلى للثقافة وكان من المؤسسين لشعبة الجداريات بقسم التصوير أدرج اسمه في عدد من الموسوعات العالمية مثل الموسوعات الفرنسية والألمانية كما تناولت أعماله كتب نقدية متعددة حصل على جوائز عديدة داخل مصر وخارجها منها جائزة الدولة التقديرية وجوائز بينالى الإسكندرية وجوائز دولية في فرنسا والكويت كما منح الرئيس وسام العلوم والفنون لزوجته بعد وفاته تقديرا لعطائه اقتنيت أعماله لدى أفراد في باريس وألمانيا ودمشق والكويت وإسبانيا وإسطنبول كما توجد أعماله في متحف الفن المصري الحديث وفي مجموعات وزارة الخارجية وفي متحفي كلية الفنون الجميلة في القاهرة والإسكندرية رحل الفنان عام 1990 بعد مسيرة طويلة ترك خلالها أثرا واضحا في تاريخ التصوير المصري المعاصر إذ جمع بين الحس الشعبي والرؤية السريالية فصار اسما مركزيا في مسار الفن الحديث في مصر هذه السيرة تشهد على فنان عاش التجربة كاملة بين الدراسة والتجريب والمشاركة والتأثير وكانت محطاته الفنية دليلا على مسار ممتد من البحث والإصرار والإنجاز وظلت أعماله شاهدا بصريا على مرحلة مهمة من تاريخ الفن المصري تشكلت فيها الهوية التشكيلية الحديثة وبرز فيها اسم حامد ندا كأحد الأصوات المميزة في هذا الحراك وظلت المعارض التي تعرض أعماله حتى بعد رحيله تؤكد قيمة التجربة واستمراريتها وعمق حضورها في الذاكرة التشكيلية المصرية وكانت مشاركاته الواسعة داخل مصر وخارجها دليلا على قدرة تجربته على العبور والتواصل مع المتلقي في سياقات ثقافية متنوعة كما أن كتابات النقاد المحليين والدوليين حوله تسجل اهتماما كبيرا بأعماله وبطابعه الخاص الذي ميزه عن أبناء جيله ومثلت رحلته العلمية والفنية نقطة التقاء بين التراث الشعبي والرؤية الحداثية في إطار تجريبي متفرد وتبقى سيرته نموذجا لفنان حمل مسؤولية التعبير عن المجتمع بروح صادقة ووعي فني متطور دون أن ينفصل عن جذوره الأولى وتمنحنا أعماله اليوم وثيقة فنية تجمع الذاكرة الشعبية مع الخيال الحر وتضع المشاهد أمام عالم بصري يجمع الدهشة والواقع في آن واحد وتظل محطاته المهنية شاهدة على تدرجه الطبيعي من المعلم إلى الأستاذ ثم إلى أحد الرموز المؤثرة في مسيرة التعليم الفني في مصر وتكشف مشاركاته المتعددة عن طاقته الإنتاجية العالية وقدرته على التواصل مع اتجاهات الفن الحديثة وتوضح دراسته للجداريات عمقا في التعامل مع المساحات الواسعة واللغة البصرية المركبة ويبرز في مسيرته دور السفر والاحتكاك العالمي في تشكيل وعيه الفني ورؤيته الخاصة ويعكس تنوع معارضه مدى انتشار تجربته بين العواصم العربية والأوروبية وتؤكد الجوائز التي حصل عليها تقدير المؤسسات الفنية لقيمته الإبداعية ويكشف وجود أعماله في المتاحف عن مكانته في الذاكرة الفنية الرسمية وتدل الكتب المؤلفة عنه على اهتمام نقدي مستمر بتجربته وتقدم سيرته شاهدا على فنان جمع بين التعليم والإبداع ويمثل عطاؤه رصيدا باقيا في تاريخ الفن المصري وترسخ أعماله حضورا فنيا يصعب تجاوزه وتبقى تجربته علامة مميزة في التصوير المعاصرحين نقترب من عالم حامد ندا التشكيلى ندرك أننا ندخل ذاكرة لا ترى الأشياء بل تعيشها، فكل خط يرسمه الفنان هو استدعاء لشظايا خبرات تراكمت فى أزقة القاهرة القديمة حيث تنفلت الأرواح من ضيق الواقع إلى رحابة الأسطورة. لم يكن ندا يرسم ما يراه بعينه فقط بل ما يترسّب فى أعماقه من مشاهد البشر فى طقوس الزار ومن تلك الكائنات التى كانت تلوذ بالأضرحة بحثاً عن عزاء أو خلاص أو لحظة نسيان، وكأن رسومه الأولى كانت مرآة مأساوية لجسد منهك وروح تتأرجح بين الذكر والغياب. ومع امتداد تجربته بعد تخرجه ظهرت أهمية تلك الرسوم الخطية كجذور لتكوينه الفنى فقد بنى من خلالها إحساسه بالكتلة والمبالغة واستقلاله عن أسر الظل والضوء.

بقلم شيرى شريف💗

أخر المقالات

منكم وإليكم