إليكم نقدم حكاية: بيوت الطين القديمة في حلب،منذ مئات السنين.

Fareed Zaffour

حكاية بيوت الطين القديمة بحلب :
⊙ حكايات من فصط حلب ☆ مرايا حلبية 58
🎑 حكاية بيوت الطين القديمة 🎑
🔮 منذ مئات السنين كانت مدينة حلب عبارة عن بضعة أحياء تحيط بقلعة حلب داخل الأسوار، ثم بدأت تتوسع وتتمدد..
● تميزت بعض الأحياء بحلب أنها ضمت قصور وبيوت عربية فخمة تعود ملكيتها لأثرياء حلب، وكانت تبنى بالحجارة والأخشاب مثل الفرافرة والجلوم، وأحياء سكن فيها عامة الناس تميزت بالبساطة والجمال مثل قلعة الشريف والبياضة وباب الفرج..
● ولما ضاقت الأحياء داخل الأسوار، بدأت الأحياء الحديثة الفخمة بالظهور، وسكنها أثرياء حلب مثل الجديدة والعزيزية والنيال وجبل النهر وبانقوسا، وبنوا فيها القصور الفخمة والدور العظيمة
● ولجأ فقراء الحلبيين إلى خارج الأسوار فبنوا بيوتاً بسيطة من الطين والأخشاب مثل بانقوسا وقارلق وأقيول والمعادي والفردوس وباب النيرب..
● وبالتدريج راح الناس يشترون البيوت والدور في الأحياء الفقيرة، وهدموها وأعادوا بناءها بالحجارة والقصر والكلس وفق معايير البناء الحلبية..
● وشيئاً فشيئاً بدأت الدور والبيوت الطينية تختفي ويبنى مكانها بيوتاً قوية بالحجارة الحلبية..
🔍🔮🔎
● على أطراف مدينة حلب، ظهرت قرى عديدة جميع بيوتها مبنية من الطين.. هذه البيوت، التي شُيّدت بأيادي الأجداد من الطين والقش والماء، كانت وما تزال نموذجا حياً عن علاقة الإنسان بالأرض، قبل أن تغزو مواد البناء الحديثة القرية وتُحدث قطيعة مع نمط عمراني امتد لقرون..
● حكاية بيوت الطين القديمة هي قصة عن البساطة والأصالة والاندماج مع الطبيعة، حيث تحكي هذه البيوت عن حياة الأجداد المبنية من مواد محلية مثل الطين والخشب والتبن، وتتسم بخصائصها العازلة للحرارة، مما يوفر الدفء شتاءً والبرودة صيفاً. كما أنها ترمز إلى العلاقات الإنسانية القوية وقيم التكافل والتعاون التي كانت سائدة في الماضي، وتظل شاهدة على براعة الأجداد ومهارتهم الحرفية..
● البيوت المبنية من الطين، تلك المادة التي تجمع بين القوة والمرونة، وتعكس في نفس الوقت بساطة وتواضع البناة، لم تكن هذه البيوت مجرد هياكل مادية، بل كانت الجدران الطينية تحتضن أفراد الأسرة بروح من الألفة والمحبة، حيث كانت العلاقات الإنسانية تتميز بالشفافية والصدق..
كانت الأسر تتجمع حول موائد الطعام لتبادل الحديث وقضاء الوقت معاً، كانت هذه التجمعات تعزز من الروابط الأسرية وتساهم في تقوية العلاقات بين الأفراد، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك طقوس يومية مثل شرب الشاي أو القهوة التي كانت تجمع الأفراد في لحظات من الراحة والسكينة..
● تعتبر بيوت الطين القديمة واحدة من أقدم أشكال البناء التي استخدمها الإنسان في العديد من الثقافات حول العالم، حيث تتميز هذه المنازل بخصائص فريدة من نوعها، و تعتمد بشكلٍ أساسي على الطين كمادة أساسية في بنائها.. وأبرز أبرز ميّزات بيوت الطين أنها:
1- الحد من هدر الطاقة: تستطيع بيوت الطين أن توفّر عزل جيّد للحرارة خلال فصل الشتاء وفصل الصيف، مما أسهم في الحد من هدر الطاقة وساعد في المُحافظة عليها..
2- عدم ارتفاع اسعار البيوت: من خلال بيوت الطين تمَّ توفير المساكن المُناسبة للأفراد بأسعارٍ مُنخفضة ويشمل ذلك بدوره المساكن الفخمة دون الإقتصار على المساكن التقليديّة..
3- العزل الجيّد للصوت: الطين هو من المواد التي تعمل على عزل الصوت جيدًا مما يوفّر ميزة إضافيّة لبيوت الطين القديمة، ولكن هذا العزل يعتمد على المواد التي دخلت في إنتاج الطين إلى جانب بعض العوامل الأخرى..
4- توفير مساكن صديقة للبيئة: الطين يُعد من المواد الصديقة للبيئة، وهذا يعني أن بيوت الطين القديمة كانت صديقة للبيئة، ولم تتسبب بأي من الأضرار البيئيّة كما في بعض المواد المُستخدمة في البناء اليوم..
🔍🔮🔎
🔮 بيوت الطين ” نبيل عماري – بتصرف “
● كم تبدو جميلة بيوت الطين والإزقة الترابية كأنها من زمن سحيق من الذاكرة يغمر الطفولة..
تدخل إلى تلك البيوت فينتشر الماضي ويعلق بقاياه بذاكرة جميلة، هنا حوش وجرة ماء مغلفة بالخيش، وكيلة إما بلاستيك أو المنيوم مربوطة بالجرة لغايات الشرب، بحدها المطبخ وجرزات الثوم المعلق، وعناقيد البامية الناشفة.. هنا نملية مغلقة بداخلها صحنان للزيت والزعتر، وصحون وكاسات شاي مضلعة صغيرة وكبيرة وغيرها من لوازم المطبخ.. هنا مجلى وحنفية نحاسية، وغاز صغير 3 عيون، وبابور كاز الأخرس، ولقن غسيل وملقط خشبي، وبرميل لغايات الغلي ولافكس ونيلة ولوح صابون..
● تلتفت يميناً فترى رفوف المونة عليها قطرميزات صغيرة فيها جبنة بيضاء ولبنة مدحبرة وباذنجان مقدوس ومخلل لفت كأنها لوحة ربيعية صيغت في ذالك المطبخ الضيق..
● بيوت الطين غالباً تتكون من غرفتين غرفة للنوم بتخت حديدي، وخرانة كبيرة، وماكنة سنجر صغيرة، ومطوى للفراش من فرشات ولحف ومخدات محشوة بالصوف، وشباك عالي لا يمكن أن تصله سوى بالصعود لكرسي مصنوع من الزان.. وجودلة مفرو شة قد يكون عددها أثنتان أو ثلاث، ومعلق على ظهر الخزانة لوكس يعبىء بالكاز في حالة أنقطاع الكهرباء..
وهنا نأتي إلى غرفة القعدة أو الضيوف، كنبايات عدد ستة بألوان متعددة، وبأرجل حديدة، وكذلك السكملات بخشب زان وفورمايكا، ويتم تخصيص مزهرية بها بعض الوردات البلاستيكة أو طلقة مدفعية فارغة تعتبر كمزهرية..
أما من رزقه الله براديو فيضعة على رف ويخصص له شرشف مرموق..
● وصفات بيوت الطين أنها تعطي برودة في الصيف ودفء في الشتاء، وذلك لوجود مواد طبيعية من البيئة في بناء تلك البيوت والتي تشمل على القصيب والطين والتبن وأخشاب أشجار الكينا في عملية البناء.. أما الأرضيات فكانت تصب بالخرسانة، وبعدها يتم تنعيمها بماء الإسمنت الناعم لتصبح ملساء..
● أما فيما يختص بحشرات الصيف فيتم أستعمال مادة الفلت بواسطة مضخة تعبى من الأمام ويتم تعبئتها بالهواء ليتم الرش, وهنالك مادة الشبر اللاصق والذي يعلق بجانب لمبة الأوضة ليتم اصطياد البعوض والحشرات..
● وأجمل ما بتلك البيوت أنها على قلة تكلفتها وبساطتها؛ كانت بمثابة قصر وبيت عز بها معرشات دالية لعنب اسود أو أبيض، وتوتة تظلل على حوش تلك الدار..
● بيوت الطين كانت بمثابة فصول جميلة، حين يأتي الخريف يتم تطيين سقوف البيوت بجبلات طينية مضاف لها التبن حتى تتماسك، وعند الجبلة تخرج رائحة جميلة عبقة من تمازج الماء والتراب والتبن تعلن قدوم الشتاء الرائع ورائحة التراب من أول شتوة..
أما عند قدوم الربيع تخرج الزهور من سباتها الشتوي، وتنظر إلى سطوح بيوت الطين فتراها قد تعوشبت تلك السطوح باللون الأخضر، وكذلك أطراف تلك الزواريب تتعوشب كذلك وتغزر الأعشاب عند مصبات المزاريب لتعلن نهوض الحياة..
أما مع قدوم فصل الصيف اللاهب تتحول الأعشاب إلى اللون الأصفر، لتحلو السهرات والمواسم عند عتبات بيوت الطين حين تشطف مداخل البيوت تنادي القمر والجيران للسهر ..
● أما صباحات بيوت الطين فلها رونق خاص مع صياح الديكة، وزقزقة العصافير، ورائحة القهوة الصباحية، وصوت الراديو مع فيروز والأغاني القديمة مثل بقى عايز تنساني، وهان الود، اول همسة، كل دقة بقلبي، فين طريقك فين، وغيرها من الأغاني..
🔍🔮🔎
🔮 بيوت من طين قلوب من ذهب – كتب علي سليمان Ali Suliman Ali Sultan
● في فصل الصيف من كل سنة يتم ترميم البيوت الطينية والتي كانت تشكل 99% إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي من الخارج و الداخل وذلك بسبب تأثر مادة الطين بالأمطار والعوامل الجوية وانحلالها، لأنها كانت مصنوعة من مواد بسيطة وسهلة، وقليلة التكلفة، و موجودة في الطبيعة بشكل طبيعي مثل التراب الأحمر والماء، وكذلك السفير أو قش القمح، التبن..
● أنا أتكلم عن الطين غير المشوي، وهو المادة الأساسية في بناء البيوت الطينية في الأرياف السورية، حيث كان يجتمع كل أفراد القرية برجالها ونسائها وأطفالها في طقس رائع وصاخب، تسوده روح العمل الجماعي مع أغاني وأهازيج وطعام من الفلكلور الشعبي، حيث كانوا يرممون بيوت القرية كاملة؛ الواحد تلو الآخر، وبمشاركة كل الأسر..
هذا الطقس كان يسمى الجبلة، وهي جبل الطين وتخميره قبل عدة أيام ليصبح جاهزاً للسياع أو الترميم، حيث كان الفلاحون ينقلون التراب الأحمر من الأراضي الزراعية المجاورة بالتركتورات والتريلات ويصار إلى وضعه بكميات متفرقة في الأحواش أو حوش كل بيت..
وهكذا عندما تنتهي الجبلة في بيت يذهبون إلى البيت الآخر، وعندما يتم توزيع التراب على كافة البيوت تبدأ عملية الجبل، حيث نقوم بنخل التراب بالمنخال الناعم بشكل جيد، وإبقاء الجزء الناعم منه ليشكل كوماً من التراب، ثم يفتح في قلب كوم التراب هذا حفرة على شكل بركان ويصب الماء في قلب الفوهة، ويسكب عليه الكثير من التبن؛ اي قش القمح المطحون، ويقلب شيئاً فشيئاً وعلى مهل حتى تتشكل العجينة، ثم تفرش العجينة بشكل مسطح على نفس الأرض حيث يقوم الأشخاص بدعسها بالأقدام..
كانت رائحة الطين في كل مكان وأتذكر كم كان عملاً شاقاً مصحوباً بالغناء والتدخين وشرب الشاي والسوالف، حيث يتناوب الأشخاص على الجبل، وبعد يوم كامل تترك الجبلة أو عجينة الطين كل فترة المساء لترتاح، وفي اليوم الثاني يعاد جبلها بالأقدام مره ثانية، وهكذا تتكرر العملية لثلاثة أو أربعة أيام متتالية حتى يختمر الطين بشكل جيد ويكون جاهز للسياع أو الترميم..
● المرحلة الثانية هي مرحلة الترميم أو السياع
عندما تكون عجينة الطين جاهزة تغطى جيداً بأكياس الخيش أو اللينو، وتبلل بالماء لكي يبقى الطين رطبا.. بعد ذالك يستيقظ أهالي القرية في الساعات الأولى من الصباح قبل شروق الشمس، وبعد أن تركوا طعام الإفطار وقبل طلوع الشمس الصيفية الحارقة والتي تصل إلى درجات حرارة مرتفعة جداً؛ حيث يكون العمل تحتها أشبه بالمستحيل، ليستغلوا الساعات الباردة أو الأقل حرارة في الصباح، حيث ينقسم الأهالي إلى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى التي تشرف على جبلة الطين، وما يحتاجها من تحريك ورطوبة وتقطيع ونقلها إلى كافة أنحاء البيت..
أما المجموعة الثانية فهي مجموعة لتحديد الأماكن التي يجب ترميمها و إزالة الشوائب، وكذلك الطين القديم المتآكل وتنظيفه وتهيئته بحيث يكون جاهزاً للترميم..
أما المجموعة الثالثة فهي مجموعة المرممين أو السياع، وغالباً تكون من النساء الخبيرات، ربما لأنهن أكثر خبرة وحنية على الطين من الرجل، حيث يتوزعن على كافة اتجاهات البيت وسطحه، كما يجري كل ما سبق مصحوبا بروح العمل الجماعي التي تكللها الاغاني الشعبية وشرب الشاي والمزاح..
🔍🔮🔎
♻ ‏قصة طريفة
كانت البيوت من طين ومتشابهة ومتقاربة.. وفي يوم قلت لزوجتي دعوت ضيوفاً للعشاء،
والعشاء كان موعده المعتاد بعد المغرب مباشرة، وطلبت منها أن تجهز كل شيئ قبل موعده..
ذهبت للمزرعة كي أجلب بعض الأشياء ورجعت على آذان المغرب، وعندما دخلت البيت وجدت زوجتي نائمة، فأخذت العصا وضربتها بكل قوتي من شدة القهر..
وبعدها حدقت في البيت إذ به بيت جاري؛ وأنا دخلته بالخطأ، والمرأة التي ضربتها هي زوجة جاري، فلطمت وجهي وخرجت مسرعاً.. وعندما دخلت بيتي وجدت زوجتي قد جهزت كل شيئ وهي تنتظرني..
قدم الضيوف وضيفتهم وأنا منزعج، ووجهي مقلوب وحزين من الخطأ الذي قمت به..
وبعد مغادرة الضيوف لم اخرج من بيتي أسبوعاً وصدري مطبق انتظر جاري كي يشتكيني، لكن ما شكاني..
بعدها ذهبت لسوق الذهب واشتريت طقم ذهب، وطرقت باب جاري وقلت له القصة، وقلت هذا الذهب راضي به زوجتك بالنيابة عني عن الضرب الذي تعرضت له من قبلي..
قال الجار والله لم أعلم بالحكاية إلا منك الآن.. أسبوع مضى وأنا مستغرب لرؤيتب زوجتي متغيرة و أصبحت تهتم بشغل البيت.. ليتك كل أسبوع تدخل وتجلدها.. خذ ذهبك ولا تفسد ما قمت به ..
والزوجة ظنت أن من ضربها هو زوجها 😅😄
🔍🔮🔎
⭐ ملاحظة:
⊙ قد تكون بعض الصور غير حلبية، وأنا استخدمها إذا كانت الصور الحلبية غير متوفرة..
⊙ تم جمع المعلومات من مصادر عديدة..
⊙ ما رأيك بالمنشور ؟.. علق وشارك 😊
●○●○●
۞۞۞۞۞۞
✿✦✦●○●○●○●☆●○●○●○●✦✦✿
💟 أعد هذا المنشور وكتبه لكم: أحمد فؤاد المصري 💟

أخر المقالات

منكم وإليكم