أبرز الأخطاء في كتابة الشعر العربي وكيفية تجنبها

لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن مستوى اللغة العربية بين الشباب أصبح أقل مما كان عليه سابقًا، لدرجة أن كثيرين يكتبون كما ينطقون، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل: (نحنو بدلاً من نحن)، (حُبكي بدلاً من حُبكِ)، (واللاهي بدلاً من والله – وهي كلمة تعني الفاعل للهو أو الغافل)، وغيرها من الأخطاء التي تثير الدهشة (أحيانًا عند قراءة كتابات وتعليقات شعراء ومثقفين ومتعلمين). صحيح أن المقالات والمنشورات اليومية (التي نكتبها جميعا) غالبًا تُكتب بلغة قريبة من لغة الصحافة، وليست فصحى بالمعنى الدقيق، لكن هناك حد أدنى من الدقة اللغوية التي لا ينبغي تجاوزها، للحفاظ على سلامة اللغة العربية ومتانتها.زد على ذلك، ظهور عدد من الشعراء الشباب الذين يكتبون بأسلوب ركيك من حيث النحو والبلاغة والعروض. ويرجع جزء كبير من هذا التّدهور إلى قلة القراءة والحفظ، والاكتفاء بالاستماع إلى مشاهير شعراء الحداثة، دون الاطلاع على أمهات الكتب أو حفظ الشعر الكلاسيكي، مما يؤثر على فهم القواعد والأسلوب.

وبالرغم من الحماس والموهبة، يقع الكثير منهم في فخاخ فنية متكررة. ولتوضيح هذه الأخطاء بشكل مبسّط، نعرضها فيما يلي:

1. الخلل في الوزن والقافية (الموسيقى الشعرية) •

كسور الوزن: عدم الإلمام ببحور الشعر يؤدي إلى زحافات أو علل غير جائزة، فتبدو بعض الأبيات “مكسورة الوزن” عند القراءة، وأحيانًا يختلف كل بيت عن الآخر في البحر في نفس القصيدة.

• القافية المتكلفة: اختيار كلمات صعبة أو غير موجودة في القاموس العربي لمجرد إنهاء البيت بنفس الحرف، مما يضعف المعنى.

• عيوب في القافية: مثل الإقواء والإبطاء والسناد والإكفاء وغيرها، والتي تؤثر على الانسياب الموسيقي للنص.

2. المبالغة في العاطفة (“الميلودراما”) • الإغراق في الحزن أو الوجد: يؤدي إلى تحويل القصيدة إلى نحيب عاطفي بدل أن تكون تجربة شعورية فنية.

• استخدام لغة مباشرة جدًا: مثل: “أنا حزين جدًا”، بدلاً من رسم صورة توحي بالحزن من خلال الرمزية أو الصور الشعرية، ما يجعل التعبير مسطحًا.

3. ضعف الصور الشعرية

• صور مستهلكة: مثل تشبيه الفتاة بالقمر، أو الرجل بالأسد، دون ابتكار أو لمسة شخصية.

• التقريرية: تحويل القصيدة إلى مقال مباشر أو درس وعظي يخلو من الخيال والإيحاء (مثل “حافظوا على الوطن، فالوطن غال” هذا أسلوب نثري أكثر منه شعر).

4. الأخطاء اللغوية والنحوية

• الوقوع في الأخطاء الأساسية: مثل رفع المنصوب أو استخدام الضرورات الشعرية بشكل خاطئ (راجع منشور الضرورات الشعرية).

• الركاكة اللغوية: استخدام مفردات عامية وسط قصيدة فصحى، أو العكس، دون غرض شعري، ما يؤدي إلى تذبذب مستوى النص.

5. وحدة البيت وغياب الوحدة العضوية

• كتابة أبيات جميلة لكنها متفرقة وغير مرتبطة موضوعيًا، فتبدو القصيدة كمجموعة شظايا منفصلة، بلا خيط موحّد يجمعها، سواء موضوعيًا أو نفسيًا.

6. التقليد الأعمى

• تقليد أسلوب شاعر معين (مثل المتنبي أو نزار قباني، أو حتى شاعر مغمور) لدرجة يختفي فيها صوت الشاعر الشاب نفسه، فتتحول القصيدة إلى نسخة باهتة من الأصل، دون ابتكار أو إبداع شخصي.

نصيحة ختامية لتجنب هذه الأخطاء، يُنصح دائمًا بـ:

• الإكثار من القراءة والحفظ لكبار الشعراء.

• دراسة أساسيات علم العروض والنحو وعلوم البلاغة الثلاثة: المعاني، البيان، البديع.

• عرض القصائد على نقاد أو شعراء متمرسين قبل نشرها.

• التحقق من المفردات والقوافي باستخدام معاجم مثل معجم المعاني أو أدوات مشابهة.

والنصيحة الذهبية (القراءة، القراءة، القراءة)

بقلم الشاعر عبد الواسع السقاف

أخر المقالات

منكم وإليكم