مارتن هايدغر و أصل العمل الفني.كتاب ليس بحثاً تقنياً في الفنون، بل تأمل أنطولوجي فلسفسي.

مارتن هايدغر و أصل العمل الفني

أصل العمله الفني

– المؤلف: مارتن هايدغر

– المترجم: أبو العيد دودو

يرتكز كتاب أصل العمل الفني على محاولة هايدغر للإجابة عن سؤال فلسفي عميق: ما هو جوهر الفن؟

هذا السؤال لا يُطرح من زاوية تقنية أو جمالية فقط، بل من زاوية الأنطولوجيا؛

أي علاقة الفن بالوجود نفسه. فـ”الأصل” هنا لا يعني مجرد البداية التاريخية للفن، بل معناه المصدر الجوهري الذي يجعل الفن فنّاً.

الفن عند هايدغر هو انكشاف للحقيقة، وحضور للوجود في شكل عمل فني.

المحاور الرئيسية:

1. سؤال الكينونة وعلاقته بالفن:

هايدغر يرى أن كل بحث عن الفن ينطلق من سؤال الوجود: ما معنى “أن يكون”؟

يقول: عندما نقول “البحر أزرق” أو “الإنسان فرح”، فإن كلمة “يكون” هي المفتاح لفهم علاقة الكائن بوجوده.

الفن ليس نشاطاً سطحياً، بل مجال يكشف من خلاله الإنسان معنى الكينونة.

العمل الفني إذن ليس مجرد شيء جميل، بل “مكان” يظهر فيه الوجود ويتجلى.

2. العمل الفني والشيء:

يميّز هايدغر بين:

الشيء المادي العادي (كحجر أو أداة).

العمل الفني، الذي يظل شيئاً مادياً (لوحة، تمثال، قصيدة)، لكنه يتجاوز الشيئية ليكشف حقيقةً ما.

مثال: لوحة فان غوخ عن حذاء الفلاحة.
ليست مجرد تصوير لحذاء.

بل تكشف حياة الفلاحة، تعبها، علاقتها بالأرض، قسوة العمل اليومي.

إذن، العمل الفني هو “فتح” لعالمٍ مخفي في ظاهر الشيء.

3. الحقيقة كـ “انكشاف” (aletheia):

جوهر الفن عند هايدغر: أنه يضع الحقيقة في العمل.
الحقيقة ليست تطابق الحكم مع الواقع كما في المنطق الكلاسيكي، بل هي انكشاف (aletheia) لما كان محتجباً.
العمل الفني يجعل الخفي مرئياً، والمستتر ظاهراً.
الفن إذن حدث للوجود، وليس مجرد تمثيل للعالم.

4. صراع “العالم” و”الأرض”:

يطرح هايدغر ثنائية أساسية:

العالم: المجال الذي ينفتح فيه الإنسان، شبكة المعاني والعلاقات التي يسكنها.

الأرض: ما يبقى صامتاً وغامضاً، المادة والعمق الذي يقاوم الانكشاف.

العمل الفني هو ساحة صراع بين “العالم” و”الأرض”:

فهو يكشف (يبني عالماً)، وفي الوقت نفسه يحافظ على الغموض (الأرض).

هذا التوتر هو ما يمنح العمل الفني قوته.

5. الفنان والعمل الفني:

من أين ينشأ الفن؟ من الفنان أم من العمل؟

هايدغر يقلب السؤال: الفنان يوجد من خلال العمل الفني، والعمل يوجد من خلال الفنان.

الأصل ليس أحدهما منفرداً، بل الفن ذاته باعتباره حدثاً للوجود.

هذا يعني أن الفن سابق على كل من الفنان والعمل: هو “الأصل” الذي يؤسس الاثنين.

الخلاصة:

كتاب أصل العمل الفني ليس بحثاً تقنياً في الفنون، بل تأمل أنطولوجي يضع الفن في قلب السؤال الفلسفي عن الوجود.

الفن ليس زينة أو متعة جمالية، بل حدث يجعل الحقيقة تنكشف.

العمل الفني يتجاوز الشيء المادي ليكشف عن عالم، ويضعنا في مواجهة الأرض التي تقاوم الانكشاف.

بهذا يصبح الفن أصلاً للوجود الإنساني، ومجالاً لفهم ذواتنا والعالم.

 

***********************

المراجع والمصادر:

مواقع إجتماعية- فيس بوك

fotoartbook

elitephotoart

أخر المقالات

منكم وإليكم