فن الفوتوغراف
من النمطية والتقليد إلى فضاء الوعي والتجديد
ان الفن الفوتوغرافي في جوهره ليس مجرد اقتناص للحظة عبر ضغطة زر . بل هو المحصلة النهائية لتراكم ثقافي . وبصري . ووعي إنساني عميق . ومن هذا المنطلق . يأتي انحيازي احيانا للكتابة عن تجارب فوتوغرافية من خارج الحدود الجغرافية للموصل وللعراق احيانا .
هذا الاختيار ليس ابتعادا عن المنجز المحلي أو تقليلا من شأنه . بل هو محاولة جادة لفتح نوافذ ضوء يطل من خلالها المصور الموصلي والمحلي على فضاءات ابعد . فيدرك أين يقف فن الفوتوغراف اليوم . وكيف يمكنه أن يحجز لنفسه مكانا في تلك الساحة .
إن العائق الأكبر الذي قد يغتال موهبة الفنان هو الركون إلى دائرة التقليد. فالاستسلام لأنماط بصرية مكررة يجعل المصور يدور في حلقة مفرغة . ينتج أعمالا تخلو من الابتكار وتفتقر للخصوصية .
هنا تبرز الثقافة البصرية كضرورة . فهي الغذاء الذي ينمي الخيال ويشحذ البصيرة . إن لم يطلع المصور على طرائق التفكير المغايرة . وكيفية توظيف الضوء وهندسة الزوايا في بيئات ثقافية مختلفة . فإنه سيظل حبيس الصورة النمطية فالتجديد يبدا من حيث ينتهي الآخرون . والاطلاع على التجارب العالمية هو الخطوة الأولى نحو الخروج من القوقعة المحلية إلى رحاب الإبداع الإنساني .
حين نكتب عن مصور في بداية مشواره الفني . فنحن نمارس دورا حرجا يشبه دور النحات الذي يشكل ملامح الجمال من الصخر الأصم . إن الكلمة في هذه المرحلة مسؤولية جسيمة . فالاطراء الفضفاض والمديح المبالغ فيه قبل نضوج التجربة ليس إلا فخا يوقع الموهبة في الغرور والوهم . ويمنحها شعورا زائفا بالوصول إلى القمة وهي ما تزال تتحسس خطواتها الأولى عند سفح الجبل .
واجبنا ك كتاب . هو تسليط الضوء على مكامن القوة لتعزيز الثقة .
وتشخيص مواطن الخلل بوضوح لضمان التقويم .
التوجيه ووضع الموهبة على السكة الصحيحة التي تضمن استمرارية التطور لا التوقف عند محطة الرضا الذاتي المؤقت .
ان الكتابة عن الفوتوغراف هي مسؤولية أخلاقية . نسعى من خلالها لبناء وعي بصري قادر على المنافسة والابتكار . وإن استحضار النماذج الناجحة من العالم هو دعوة صريحة للتعلم والاستلهام . وتحفيز للمصور المحلي لكي يحلق بعيدا في مجال الفنون البصرية والشغف الدائم بالاكتشاف . وان مدينة الموصل العريقة برصيدها التاريخي والجمالي وهندسة بيوتاتها التراثية التي تزاوج بين الاصالة والحداثة تستحق فعلا مصورين فوتوغرافيين يحملون فكرا متجددا يوازي ثقلها الحضاري …
@متابعين


