صمويل ريشفسكي معجزة شطرنج بولندية ابهر اوروبا. بقاعة في باريس عام 1920م.
صمويل ريشفسكي معجزة شطرنج
تخيّل أن تدخل قاعة فسيحة
في باريس عام 1920،
تملؤها طاولات الشطرنج،
وعلى كل طاولة يجلس رجل ناضج، خبير،
قضى سنوات من عمره يدرس الخطط ويضع الاستراتيجيات.
وبينهم يتحرك بهدوء طفل صغير لا يتجاوز الثامنة من عمره،
ملامحه البريئة تخفي وراءها عقلاً حادًّا كالنصل،
وعينين تقرآن اللوحة كما يقرأ أحدهم كتابًا مفتوحًا.
ذلك
الطفل هو صمويل ريشفسكي، المعجزة البولندية في عالم الشطرنج،
الذي أبهر أوروبا قبل أن يبلغ العاشرة. لم يكن الأمر مجرّد مباراة عادية،
بل عرض شطرنج متزامن ضد عدة خصوم في وقت واحد،
بينهم أساتذة مخضرمون مثل :
مارسيل دوتشامب،
ويوجين روسيه،
وألكسندر أليخين
الذي سيصبح لاحقًا بطل العالم.
يتحرك صمويل من طاولة إلى أخرى بخطوات واثقة، يضع قطعة هنا، ويحاصر ملكًا هناك، ويفكك الخطط التي أعدها خصومه بعناية وكأنه يرى نهايتها قبل أن تبدأ.
وفي ذلك اليوم الباريسي الأسطوري، هزم الصغير جميع منافسيه الواحد تلو الآخر،
وكأنه يكتب فصلًا جديدًا في كتاب المعجزات البشرية. صحيفة نيويورك تايمز وثّقت الحدث،
مؤكدة أن هذا الطفل قد رسّخ مكانته كأحد أعظم المواهب الفذة في تاريخ اللعبة.
لكن قصة ريشفسكي لم تتوقف عند تلك اللحظة المهيبة؛ فقد واصل مسيرته ليصبح لاحقًا من أبرز لاعبي القرن العشرين،
يتحدى أبطال العالم،
ويثبت أن العبقرية لا تعرف عمرًا.
كانت بدايته تلك في باريس بمثابة إعلان للعالم أن على الرقعة وُلد ملك جديد، حتى وإن كان حينها لا يكاد يصل طوله إلى حافة الطاولة.
وختمت حياته كما بدأها عام 1992 عن عمر يناهز 80 عاماً،
محاطًا بالاحترام والإعجاب، بعد أن حفر اسمه في ذاكرة التاريخ كأحد عمالقة الشطرنج الذين علّموا العالم أن العظمة ليست حكرًا على الكبار،
بل هي هبة تولد مع أصحابها وتكبر معهم حتى تخلّدهم للأبد.
**********************
المراجع والمصادر:
مواقع إجتماعية- فيس بوك