المصور الشاب سجاد البيضاني.
عدسة ترصد نبض الأزقة وعبق المحال القديمة …
يعد المصور الفوتوغرافي سجاد البيضاني راويا بصريا لروح المدينة القديمة . حيث تتجلى اهتماماته الأساسية في توثيق المحال العتيقة وحركة الناس اليومية في الأزقة الشعبية المتهالكة .
لا يكتفي البيضاني بالتقاط الصور . بل يعمد إلى معالجات لونية تخدم هذا الهدف . مانحا المشاهد عمقا وواقعية تليق بذاكرة المكان .
تعد المحال القديمة في صور البيضاني بمثابة ركائز مشهدية اساسية في الازقة القديمة .
وتشكل المحال العتيقة قلب اهتمام البيضاني . فبالنسبة له . هي ليست مجرد أماكن للعمل . بل هي مراحل زمنية تحتفظ بتاريخ طويل متجزر في ذاكرة المكان .
يركز البيضاني ايضا على التفاصيل فيسعى إلى تصوير هذه المحال وهي في أقصى حالات اكتظاظها وفوضاها ( كما يظهر في صور ورشة الميكانيكي أو محل صانع النحاس ) . حيث تتراكم الأدوات والقطع القديمة على الجدران والأرضيات . فتتحول الخلفية إلى لوحة فنية مركبة تحكي قصة المهنة ذاتها .
يلتقط المصور سجاد صورا للحرفيين وهم منغمسون في عملهم ( كصورة صانع النحاس الجالس أو الحداد المدخن )، محاطين بآثار مهنتهم . هذا التركيز يعكس الواقعية المفرطة لظروف العمل .
تتسع عدسته لتشمل محلات الباعة المتجولين في الأسواق القديمة ( كصورة بائع السلع المتنوعة عند المدخل ) أو المحلات ذات الطابع الثقافي ( كمعرض الكتب ) مؤكدا على أن هذه الأماكن هي نقاط التقاء وتبادل إنساني لا يمكن إغفالها .
ان الأزقة القديمة في اعمال البيضاني اقرب الى ان تكون مسرحا حيويا نابضا بالحياة . حيث يوثق الحركة اليومية للناس من قلب البيئة التي تعشقها كامرته ويستخدم الأبنية القديمة والطرق المبلطة ( كما في صور الأزقة الطينية أو الجدران الآجرية ) كخلفية قوية ومحايدة . تبرز الشخصيات في المقدمة وتعلي من قيمتها الإنسانية .
يظهر صورا تعكس صراع الإنسان اليومي مع بيئته . كصورة الرجل وابنه يحتميان بمظلة من المطر أثناء قيادة الدراجة . أو المشاة الذين يحملون أمتعتهم في الأزقة الموحلة . هذه اللقطات توثق الصمود اليومي في وجه الظروف .
تتناوب صوره بين لقطات حركة المشي ( كالمرأة التي تسير في الزقاق بجلبابها الأسود ) وبين لقطات السكينة والانتظار ( كالرجل الجالس على كرسيه في السوق ) هذا التناوب يخلق إيقاعا بصريا يجسد نبض الحياة البطيء والسريع في آن واحد .
بهذا الاهتمام العميق . يتحول سجاد البيضاني إلى مؤرخ بصري للمدينة . حيث تُقدم كل صورة لقطة بانورامية للحياة المنسية في ثنايا أزقتها ومحالها القديمة .
اتمنى لهذه الموهبة الشابة الاستمرار والتقدم مع الاحتفاظ بالخصوصية التي تجسدت في نتاجه الفنية …


