العظماء السبعة فيلم بالمكسيك 1960م وبتنافس ماكوين و برونسون
العظماء السبعة فيلم بالمكسيك
خلال تصوير فيلم “العظماء السبعة”
عام 1960 في المكسيك،
كانت التوترات الخفية تختمر بين ستيف ماكوين وتشارلز برونسون،
مغطاة بغبار المشاهد ورائحة البارود في ديكور الوسترن.
كان الممثلان قد رسّخا بالفعل سمعتهما في القدرة على أسر الشاشة، وكانت مشاركة هذه الكوكبة من النجوم بمثابة تحدٍّ ضمني:
من سيتمكّن من السيطرة على الصورة من دون أن ينطق بكلمة؟
ماكوين، المعروف آنذاك بحضوره المغناطيسي على الشاشة،
كان كثيرًا ما يلجأ إلى حركات صغيرة محسوبة لسرقة الأضواء. كان يشرب الماء أثناء حوار ممثل آخر،
أو يعبث بقبعته، أو يشد حزامه بطريقة دقيقة تلفت نظر المشاهد، من دون أن يتجاوز حدود الاحترافية.
أما تشارلز برونسون، فنهج أسلوبًا مغايرًا. كان يؤمن بالسكون، بقوة الصمت،
وبهيبة اللحظة التي تفرض نفسها بالحضور وحده. أداؤه لم يكن مليئًا بالحركة،
لكنه لم يكن أقل كثافة. كانت تلك الكثافة بالذات سببًا في لحظة غير متوقعة على موقع التصوير، قلبت دينامية التنافس بين النجمين.
في أحد بعد الظهرات، وأثناء تصوير مشهد جماعي يظهر فيه المرتزقة السبعة في لقطة واسعة،
أعاد ماكوين عادته في لفت الانتباه. فكلما تحدث يول براينر، عبث ماكوين بحزامه أو قبعته،
محاولًا أن يحتفظ بعيون الجمهور. لكن هذه المرة، لم يكن يقصد براينر، بل كان يحاول أن يطغى على برونسون.
إلى جانبه، بقي برونسون صامتًا بلا حراك، لم يرمش حتى، بالكاد كان يتنفس.
ذراعاه متشابكتان، نظرته ثابتة، وصمته المشحون بالطاقة تجاوز كل محاولات ماكوين للفت الانتباه.
أحد مهندسي الصوت تذكر لاحقًا ذلك الصمت بين اللقطات واصفًا إياه بأنه «ثقيل على نحو غير عادي».
وأضاف: «شعرنا جميعًا أن ماكوين جرّب كل شيء. ثم فجأة استسلم.»
وقال مساعد إضاءة، كان يعمل قرب الكاميرات: «نظر ماكوين إلى شاشة المراقبة، ثم التفت وكأنه يخاطب نفسه وقال:
“ما أقدرش أتفوّق على تمثال”.» كانت تلك من المرات النادرة التي سُمع فيها ستيف ماكوين يعترف بأنه خسر المشهد.
كان المخرج جون ستيرجس يتابع الموقف بعناية.
كان يقدّر دهاء ماكوين، لكنه أحب أيضًا انضباط برونسون الصامت. وحين سُئل لاحقًا عن رأيه في ذلك اليوم قال:
«لم يعد الأمر منافسة في تلك اللحظة. انتهى كل شيء حين توقف برونسون عن الحركة.»
بمرور الأيام، خفّت حدة التنافس لدى ماكوين. صار أكثر حذرًا في محاولاته سرقة الكاميرا كلما شارك المشهد مع برونسون.
بعض أفراد الفريق لاحظوا التغيير مباشرة. أحد مساعدي الكاميرا علّق قائلًا: «ماكوين احترم ما يقدمه برونسون. عرف أنه لا يستطيع زعزعته.»
هذا التباين بين الرجلين تحول إلى أحد عوامل نجاح الفيلم غير المقصودة.
ضالكاريزما العصبية لماكوين والقوة stoïque لبرونسون أوجدا توترًا بصريًا أضفى توازنًا على المجموعة كلها.
لم يكن على ستيرجس أن يصطنع الكيمياء، فقد كانت متجسدة في كل تفاعل، سواء كان صداميًا أم تكامليًا.
يول براينر، نجم الفيلم الرئيسي، لعب غالبًا دور الحكم الصامت. ورغم أنه كان له أيضًا خلافاته مع ماكوين،
فقد بدا وكأنه يقف إلى جانب برونسون في هذا الموقف بالذات. وقد صرّح لاحقًا في مقابلة مع مجلة “لايف”:
«برونسون لم يكن يلعب اللعبة نفسها التي يلعبها ماكوين. لهذا السبب نجح الأمر.
لم يكن يسعى وراء الضوء، بل الضوء هو الذي كان يتبعه.»
بعد سنوات، عندما تحدث ماكوين عن فيلم “العظماء السبعة” في مؤتمر صحفي لفيلم “بابيلون” سنة 1973م
أشار إلى برونسون باحترام مكتوم، قائلاً:
«تشارلي كان يعرف متى يتحرك ومتى لا يتحرك. هذه أصعب دروس الشاشة.»
اللحظة التي تخلى فيها ماكوين عن محاولة التفوق على برونسون لم تُعلن أبدًا.
لم تكن هناك مواجهة صاخبة ولا مشاجرة خلف الكواليس، بل كان الأمر تبادلًا صامتًا للطاقة:
ممثل يدفع، وآخر يرفض أن يتزحزح.
في هذا الإطار المتجمد على الشريط السينمائي، كان ماكوين هو من رمش أولًا.
أما برونسون، فلم يكن بحاجة للحركة، فقد كان قد ربح بالفعل.
**********************
المراجع والمصادر:
مواقع إجتماعية- فيس بوك