الضوء والظل يتكلم بالموسيقى.تأملات تصويرية بالشارع والحياة اليومية- بقلم: محمد الكاشف
الضوء والظل يتكلم بالموسيقى
موسيقى الظل والضوء:
حين تكلم الضوء
محمد الكاشف
موسيقى الظل والضوء:
حين ألتقط الصورة، لا أبحث عن ضوءٍ مثالي أو زاويةٍ محسوبة، بقدر ما أبحث عن تلك اللحظة التي تفتح لي نافذة على الروح،
فأرى ما وراء الإطار وما تخبئه من مشاعر مختلطة.
فأنا أحتفي بالجمال حين يتجلى، وبالشاعرية وهي تختبئ في التفاصيل، وأخلد اللحظة كما لو كانت آخر ما يمكن أن يُقال عن هذا العالم.
فالتقنية بالنسبة لي مجرد مفتاح صغير، أما الباب فهو الرؤية، والعبور منه يحتاج قلبًا يعرف كيف يلمس الأشياء دون أن يجرحها.
لذلك لا أبحث عن الكمال البصري، بل عن العيب الجميل، عن الظل الذي يمنح الضوء معناه،
وعن الارتباك الذي يجعل الجمال أكثر صدقًا.
فأترك قطعة من روحي في كل لقطة، كما يترك المسافر جزءًا من قلبه في كل مدينة يمر بها، علها تبقى حين يمضي كل شيء.
هذه الصور المنتقاه من بعض جلسات التصوير التي نفذتها بمحبة، ليست مجرد لقطات،
بل محاولات متواضعة لصياغة قصائد بصرية تمجد اللحظة وتحتفي بالإنسان.
For reservations and more details, contact us now. What’s app/mob: +201007566127
BUSINESS LINKS:
Facebook:
https://www.facebook.com/mohamedelkashef85
Behance:
https://www.behance.net/mhmmdelkashef
Instagram:
https://www.instagram.com/mhmmdelkashef
LinkedIn:
https://www.linkedin.com/in/mohamed-el-kashef-25736814b/
Threads:
https://www.threads.net/@mhmmdelkashef
All rights reseved to Mohamed El Kashef ©
*********
حين يتكلم الضوء – تأملات سريعة في تصوير الشارع وتصوير الحياة اليومية
الصورة الفوتوغرافية ليست مجرد ظل للواقع، بل ومضةٌ تُنقذ الزمن من انكساره،
وتمنحه جسدًا آخر يقاوم الفناء. إنها مرآةٌ حادة لا تعكس فحسب، بل تُفسر وتُعلق وتُضيف،
كأنها شاهدٌ يقف بين الحضور والغياب.
كل صورة هي وعدٌ بالخلاص من محو اللحظة،
واعترافٌ صامت بأن ما نراه لم يعد قائمًا إلا في هيئة أثر يتردد صداه بين يد المُصوِر وعين المُتفرِج،
كجسرٍ هش يربط بين ما كان وما يظل حيًا فينا.
ومن هذا الأفق يولد التمييز بين
تصوير الشارع Street photography
وتصوير الحياة اليومية daily life photography؛
فهما فرعان من شجرة واحدة:
شجرة الرغبة في التوثيق
وعيوننا المتعبة التي تبحث عن معنى في التفاصيل الصغيرة. يتقاطعان في كثير من المحاور،
لكن كلًا منهما يقاوم الآخر أيضًا.
اختلافهما ليس شكليًا فقط بل فلسفيًا: في علاقة المُصوِر بالمشهد، في زمن الصورة، وفي أخلاقيات الإلتقاط.
كلاهما ينهلان من بئر الواقع العادي
ويعلن عن نفسه بالصراع الأزلي الضارب في القدم بين الضوء والظل، حيث تتشابك الجذور وتختلف الثمار، وفي هذا الاشتراك ثمة حقيقة أساسية:
كثير من أنواع تصوير الشارع تولد من نفس مادة الحياة اليومية،
لأن الشارع نفسه هو امتداد يصر على العلن، وعلى أن يكون الحدث لحظةً حرةً من الزمن؛
بينما تصويرُ الحياة اليومية يطلب البقاء والاستمرار في اللحظة، والتعمق في نسقها.
لكن الفرق يكمن في زاوية النظر:
تصوير الشارع،
كما عرفته التقاليد النقدية والتاريخية،
هو ابن المفاجأة،
يعلمنا كيف نقتنص اللحظة التي تتجمع فيها عناصر التكوين والحدث فجأةً واصطيادها قبل أن تتلاشى.
وهو ما يسميه رائد فن تصوير الشارع:
هنري كارتييه بريسون “اللحظة الحاسمة”.
هذا الفن يعتمد كثيرًا على المكان العام، على أن لا يكون المُصوِر طرفًا في المشهد بقدر ما هو شاهدٌ مُلح،
راغبٌ في حمل المشهدية وما ينتج عنها من جمال في صورة واحدة.
أما تصويرُ الحياة اليومية،
فهو جنسٌ أقربُ إلى السرد الطويل،
يميل إلى التراكم والتأمل، يلتقطُ روتينًا، ينسج سياقًا من الاعتياد.
هنا لا يكفي التوقيت وحده؛ بل مطلوبُ من المُصوِر الاستعداد،
بالأدوات والترتيب بوضع خطة مُسبقة، والتحاور مع الموضوع، ودراسة الأبعاد النفسية والمكانية،
وتكرارُ الالتقاط ثم الفرز، لتصير فيما بعد ذاكرةً بصرية قابلة للاستدعاء.
بعض التقسيمات العملية تفرق بين:
مصور الشارع street photographer
الذي يلتقط لحظةً عابرةً،
والمصور الموثق:
Documentary photographer
أو Life style photographer
الذي يسرد حكايته عبر زمن ممتد أو عبر علاقة سعيدة أو متوترة مع الموضوع المُصوَر.
لنقف لحظة بحدةٍ ومحبةٍ الوقوف أمام المرآة مع
سوزان سونتاچ
التي تُذكرنا بأن الصورة ليست بريئة؛
إنها تملكنا بقدر ما نملكها، تُحول الأشخاص إلى معروضات وتُخفف وطأة الحدث عبر تكراره.
كذلك رولان بارت
الناقد والفيلسوف الفرنسي، من جانبه يميز بين
ما يُدركه العقل “studium” وما يطعن القلب فجأة “punctum”،
مبرزًا أن كل صورة تحمل في جوفها اعترافًا صامتًا بالموت:
“هذا كان”؛ إشارةٌ إلى حقيقة الموت والوجود،
إلى قدرة الصورة على تثبيت لحظةٍ أبديةٍ من الزمن الماضي.
هذه القراءة مهمة؛ لأنها توضح لماذا قد تدهشنا صورة شارعٍ أو لقطة حياةٍ يوميةٍ بقدر ما تُشعل فينا صورٌ أخرى شرارة شخصية عميقة.
من هنا تولدُ التوترات النقدية:
– تصوير الشارع يحب المفاجأة والبراءة العاكسة للحظة الملتقطة، وقد يمنحنا
“سينوغرافيا المفاجأة”؛
فالصورةُ فيه قد تكون منزوعةً عن المسئولية ورهينة للدهشة الخاطفة،
جمالها في الفرار لا في البقاء.
– تصوير الحياة اليومية:
يطمح إلى التفهم والعهود، يُنشئ علاقة طويلة النفس مع الزمن والموضوع،
أقرب إلى عقد مؤقت بين المُصوِر والمُصوَر، يتخلل بنوده:
الإذن، الوقت، الثقة، السماح؛
الصورة فيه هي شهادةٌ تُعطى لمن تقرأ حياته.
هكذا، الاختلاف بينهما يؤثر على أدوات المُصوِر:
(العدسات/ القرب/ الحوار/ مدة التصوير/ وحتى الأغراض الأخلاقية التي يحملها في جيبه).
وهو ليس اختلافًا تقنيًا فحسب، بل أخلاقي أيضًا:
تصوير الشارع قد ينزلق إلى انتزاعٍ بلا إذن، وإضاءة الحدث بومضات سريعة،
وتصوير الحياة اليومية :
يفترض حوارًا وثقة تزرع لحظات فتُثمر ذاكرة وتؤسس لعلاقة.
والنتيجة:
كلاهما يعلمنا اليقظة، لكن بصورة مختلفة في عالم رقمي تتقاطع السرعة فيه مع الحاجة إلى التأمل.
وعلى المُصوِر أن يختار:
هل يريد أن يكتفي بإلتقاط ومضة صغيرة من الحياة،
أم أن يزرع لقطات ويغرسها في الذاكرة الجمعية لتصير ظلًا يقي من عطش الزمن؟
**********************
المراجع والمصادر:
مواقع إجتماعية- فيس بوك