نقاط التواصل بين الثقافة والإعلام.هي واحدةٌ من أكثر العلاقات تأثيرًا في تشكيل الوعي الإنساني..- مشاركة: د.آمنة الموشكي.

العلاقة بين الاعلام والثقافة.

د.آمنة الموشكي

هي واحدةٌ من أكثر العلاقات تأثيرًا في تشكيل الوعي الإنساني، 

إنها العلاقة التي لا يمكن النظر إليها بوصفها ترفًا فكريًا، بل باعتبارها ركيزةً أساسية من ركائز البناء الحضاري للأمم.

فالثقافة هي الإطار الذي تتشكل فيه هوية المجتمع، وهي الحاضنة للقيم والمعارف والرموز، أما الإعلام فهو الوعاء الذي تُقدَّم من خلاله هذه الثقافة إلى الجمهور، وهو الوسيط القادر على توسيع أثرها أو تضييقه، تعميقها أو تسطيحها. ومن هنا، فإن الإعلام لا يقف عند حدود نقل المعلومة، بل يضطلع بدورٍ محوري في إعادة إنتاج المعنى وصياغة الوعي الجمعي.

وعندما يكون الإعلام منفتحًا على الثقافة، متكئًا على المعرفة، ملتزمًا بالمسؤولية الأخلاقية، يتحول إلى قوةٍ تنويرية فاعلة، تُسهم في نشر الفكر النقدي، وتعزيز الحوار، وحماية التنوع الثقافي، وترسيخ قيم الانتماء والوعي بالذات. إعلامٌ كهذا لا يكتفي بمواكبة الحدث، بل يسعى إلى تفسيره، وربطه بسياقه التاريخي والإنساني، بما يخدم مصلحة المجتمع ومستقبله.

في المقابل، فإن انفصال الإعلام عن الثقافة يُفضي إلى خطابٍ سريع الاستهلاك، فقير المحتوى، يهيمن عليه منطق الإثارة والسبق، على حساب العمق والمعنى. وهو ما يشكّل تحديًا حقيقيًا في عصر الفضاء الرقمي، حيث تتكاثر المنصات، وتتسارع الرسائل، ويصبح المتلقي عرضةً للتشويش وفقدان البوصلة المعرفية.

وتتجلى خطورة هذه العلاقة على نحوٍ أشدّ في المجتمعات المتصارعة، حيث يغدو الإعلام والثقافة سلاحين متقابلين، قادرين على مداواة الجراح أو تعميقها. ففي سياقات الصراع، يمكن للإعلام المنفصل عن القيم الثقافية والإنسانية أن يتحول إلى أداة تأجيج، تُغذّي خطاب الكراهية، وتُعيد إنتاج الصور النمطية، وتُشرعن العنف، فتضاعف من معاناة المجتمعات، وتُسهم في تفكيك نسيجها الاجتماعي، وتشويه ذاكرتها الجماعية.

في المقابل، وحين يتكئ الإعلام على الثقافة الواعية، ويتبنى خطابًا إنسانيًا مسؤولًا، يصبح قادرًا على أداء دورٍ إيجابي بالغ الأثر؛ إذ يُسهم في كشف جذور الصراع، وإعلاء صوت العقل، وحماية الهوية من التشظي، وصون الذاكرة الثقافية من التزييف. إعلامٌ ثقافيٌّ كهذا يمكنه أن يفتح مساحاتٍ للتلاقي بدل الاصطفاف، وللحوار بدل الإقصاء، وأن يكون جسرًا نحو السلام لا وقودًا للحرب.

كما أن الثقافة، حين تجد منبرًا إعلاميًا نزيهًا، تستطيع أن تُعيد للإنسان في زمن الصراع صوته وكرامته، وأن تُحوِّل الألم إلى وعي، والمعاناة إلى فعلٍ معرفيٍّ مقاوم، يُحصّن المجتمع من الانزلاق نحو العنف الأعمى، ويمنحه القدرة على الصمود وإعادة البناء.

إن هذا الواقع يفرض علينا ضرورة إعادة الاعتبار للشراكة بين الإعلام والمثقفين، وبناء خطابٍ إعلامي يستند إلى المعرفة، ويستثمر أدوات العصر دون التفريط بالقيم الثقافية. فالمثقف مطالبٌ اليوم بأن يكون حاضرًا في المشهد الإعلامي، قادرًا على تبسيط أفكاره دون تفريغها من مضمونها، كما أن الإعلامي مطالبٌ بأن يمتلك حدًا أدنى من الوعي الثقافي الذي يُحصّن رسالته من السطحية والتضليل.

ختامًا، إن العلاقة بين الإعلام والثقافة ليست علاقة تبعية، بل علاقة تكاملٍ ومسؤوليةٍ مشتركة. فإذا ما التقت الرسالة الإعلامية مع العمق الثقافي، أمكننا بناء وعيٍ مجتمعيٍّ أكثر نضجًا، وقدرةً على مواجهة التحديات، وصناعة مستقبلٍ يليق بتاريخنا وقيمنا.

 ***********
المصادر :
– موقع (اليوم السابع)
موقع: الرياض
https://www.saudigamer.com
– موقع البناء
– موقع: alyaoum24
– موقع: عالم التقنية
هيبا: www.hipa.ae
https://www.alraimedia.com
– الجزيرة.نت
– موقع سكاي نيوز
– موقع : اليوم السابع
– موقع عكاظ
– موقع جريدة الزمان
– موقع العربية.نت
– موقع: الشرق الاوسط
– موقع العين
https://www.mojeh.com
– موقع (CNN)– العربية
– موقع: الاهرام
– موقع: صحيفة – الرياض
-صحيفة الثورة السورية
– موقع المصرى اليوم
– مواقع تواصل إجتماعي – فيس بوك – ويكبيديا
– مجلة فن التصوير
– إيليت فوتو آرت: https://elitephotoart.net
***********

أخر المقالات

منكم وإليكم