📘 فيزياء الذرة الحديثة (مقاربة فلسفية تأويلية)— كلوديا ناصر الدينهذا الكتاب لا يدخل إلى فيزياء الذرّة من باب المعادلات، بل من باب المعنى. إنّه نصٌّ يقف على التخوم الدقيقة بين العلم والفلسفة، حيث تتوقّف الأدوات التجريبية عن الحسم، ويبدأ السؤال الفلسفي في استعادة حقّه التاريخي في التفكير.تنطلق كلوديا ناصر الدين من تشخيصٍ عميق لانقسامٍ قديم–حديث: منذ أن آثرت الفلسفةُ المسارَ التصوّري (le conceptuel)، وراحت الفيزياءُ تنغمس في المختبر والتجربة (l’expérimental)، نشأ وهمٌ خفيّ مفاده أن التقدّم العلمي قادر، بذاته، على الإجابة عن الأسئلة الكبرى. غير أنّ الفيزياء الحديثة، ولا سيما في نسختها الكوانتية، جاءت لتقوّض هذا الوهم من الداخل.في فيزياء الكوانتم، لا تعود النتائج يقينية بالمعنى الكلاسيكي، ولا يبقى الواقع قابلاً للوصف من دون افتراضات ميتافيزيقية كامنة: ما طبيعة الوجود حين لا يُدرَك إلا بالاحتمال؟ ما معنى الموضوعية حين يتدخّل الراصد في ما يرصده؟ هنا، تعود الأسئلة التي ظُنّ أنها نُفيت مع الميتافيزيقا، ولكنها تعود بصيغة جديدة، أقل ادّعاءً، وأكثر حذرًا.الكتاب يقترح مقاربة تأويلية (approche herméneutique) للفيزياء الذرّية، لا بوصفها علمًا للوقائع فحسب، بل كنصٍّ معرفيٍّ يحتاج إلى تفسير. فالمعادلة، مثل النص، لا تقول كلّ شيء دفعة واحدة، بل تفتح أفقًا للفهم، وتفترض قارئًا، وتأويلاً، وسياقًا فلسفيًا يُنقذها من الصمت.وتذهب الكاتبة أبعد من ذلك حين تربط بين التقدّم التقني وعودة القلق الوجودي. فكلّما ازداد رفاه الإنسان، ازداد وعيه بنقص الإجابة عمّا يتجاوز “الهناك” (l’au-delà de l’ici). إنّ العلم يوسّع قدرتنا على الفعل، لكنه لا يمنحنا بالضرورة معنى لهذا الفعل. من هنا تصبح الفلسفة، لا ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة تأويليّة.فيزياء الذرّة الحديثة كتاب يُذكّرنا بأن الفيزياء، حين تبلغ حدودها القصوى، تستدعي الفلسفة لا لتُكمِلها، بل لتُصغي إليها. نصٌّ يعلّمنا أن الأزمة ليست في عجز العلم، بل في الاعتقاد أنه مكتفٍ بذاته، وأن الميتافيزيقا لا تموت، بل تغيّر لغتها.
رابط تحميل الكتاب
https://book-shadow.com/files/fhrst15/2607.pdf
الفلسفة كنمط للعيش
#مجلة ايليت فوتو ارت