فيلم كلُّ شيءٍ على ما يُرام All Things Fair الكاتب رحيم الحليالفيلم السويدي Lust och fägring stor وترجمته الحرفية الرغبة والجمال العظيم ، المعروف عالمياً بعنوان All Things Fair، هو آخر أعمال المخرج الكبير بو ڤيدر بيرغ (Bo Widerberg). عُرض الفيلم لأول مرة في السينمات السويدية في 3 نوفمبر 1995، بعد إنتاجه وتصويره بالكامل في مدينة مالمو جنوب البلاد، وهي ذات المدينة التي تدور فيها أحداث القصة. ورغم أن المصادر لا تذكر تاريخ بدء التصوير بدقة، إلا أن العمل أُنجز وصُوّر خلال عام 1995 قبل طرحه في الخريف من العام نفسه، بينما تبلغ مدته على الشاشة 130 دقيقة. وقد حظي الفيلم بشعبية لافتة في السويد، إذ تجاوزت إيراداته المحلية حاجز مليوني دولار ، كما لقي تقديراً نقدياً واسعاً ، ففي مهرجان Guldbagge في نفس العام ، تُوّج بجائزة أفضل فيلم سويدي وحصل على جائزة الخنفساء الذهبية ، إضافة إلى ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1996، مما جعله واحداً من أبرز الأعمال السينمائية السويدية في عقد التسعينيات.عندما قدّم المخرج السويدي بو ڤيدر بيرغ ، آخر أفلامه عام 1995، كان يدرك ربما أنه أمام فرصة أخيرة لكتابة رسالة سينمائية عن الإنسان، عن الرغبة والخطيئة، وعن ضعف الروح حين تتأرجح بين ما يجب وما يُشتهى. فيلم All Things Fair ، يتناول حكاية عن علاقة ممنوعة، جعلها المخرج مرآة لمرحلة تاريخية وثقافية حساسة في السويد، ونافذة على مجتمع يتغيّر بسرعة أكبر مما يستطيع أفراده استيعابه.يحمل الفيلم اسمه من ترنيمة كان أطفال المدارس السويدية ينشدونها قبل بدء العطلة الصيفية، كأن العنوان يلمّح منذ البداية إلى براءة تُفتح على أبواب عالم أعقد وأعمق. تجري أحداث الفيلم في مدينة مالمو عام 1943، بينما كان العالم يحترق في ذروة الحرب العالمية الثانية. لكن السويد، بحيادها الشهير، ظلّت بمنأى عن جحيم الحرب، لتعيش حياتها اليومية بهدوء متناقض مع ما يحدث خارج حدودها. هذا التناقض بين عالمين،عالم يحترق وعالم يكتشف جسده ورغباته، هو أحد أسرار قوة الفيلم.يفتتح Widerberg فيلمه بإشارة علمية مقتبسة من عالم النباتات والتصنيف الشهير كارل لينيوس (Carl Linnaeus) حول علامات البلوغ وتحوّلات الجسد. لكن ما يبدأ كدرس بيولوجي سرعان ما يتحول إلى درس في النفس والرغبة والحدود الأخلاقية. ففي المدرسة، يراقب الصبية بعضهم بعضاً، ويتجادلون حول الجسد، وينزلقون تلقائياً نحو منطقة الفضول الجنسي، حيث يقف أمامهم حضور المعلمة ڤيولا (Viola)، امرأة يتغير عالمها بدخول شاب واحد إلى حياتها.تجسد الممثلة ماريكا لاگركرانتز (Marika Lagercrantz) شخصية ڤيولا بعمق استثنائي، معلمة ذكية وواعية، لكنها مهملة عاطفياً، تعيش مع زوج غارق في الكحول والموسيقى الكلاسيكية، يؤدي دوره توماس ڤون برومسن (Tomas von Brömssen). هذا الانشغال المستمر يترك فراغاً كبيراً في قلب ڤيولا، فراغاً سيتسلل إليه الطالب ستيگ سانتيسون (Stig Santesson)، الذي يقدمه يوهان ڤيدر بيرغ (Johan Widerberg) ، ابن المخرج ، بأداء يوازن بين المراهقة والتمرد والدهشة.لا يصوّر الفيلم العلاقة بين ڤيولا وستيگ بوصفها فضيحة، بل كمساحة متشابكة بين الرغبة والاحتياج، بين الأنثى المهملة والفتى الذي يشعر بأنه يُرى للمرة الأولى. وما يفعله Widerberg ببراعة هو تجنب المبالغة أو الابتذال الذي تسقط فيه أحياناً السينما الأميركية عند تناول مواضيع كهذه، فهو يمنح العلاقة سياقاً إنسانياً، يكشف ضعفها ويترك الحكم للمشاهد دون توجيه.ويضع الفيلم أيضاً لمسة نفسية بارعة حين يظهر الزوج فرانك مدركاً لما يحدث، لكنه يختار الصمت، كأنه يخشى مواجهة انهيار حياته أكثر من خشيته من الخيانة نفسها. هذا الصمت هو واحد من أعمدة القوة الدرامية في الفيلم.وليس غريباً أن تُعتبر السويد رائدة في الثورة الجنسية الحديثة، وأن تكون من أوائل الدول التي أدخلت دروس الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية منذ عام 1955. هذه الخلفية الثقافية تمنح الفيلم إطاراً واقعياً لفهمه دون أحكام مسبقة، وتجعل العلاقة التي يُقدمها جزءاً من نقاش اجتماعي لا يمكن عزله عن تاريخه.على المستوى الفني، يقدم فيلم All Things Fair عملاً ناضجاً، مصنوعاً بيد مخرج يعرف كيف يُمسك بالعواطف دون ابتذال، وكيف يحوّل قصة حساسة إلى لوحة إنسانية مفتوحة على التأويل. وليس عبثاً أنه ترشّح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 1996، إذ كان بمثابة وداع سينمائي رفيع لمخرج ترك أثراً واضحاً في تاريخ السينما السويدية.إنه فيلم عن الخطأ، نعم، لكنه أيضاً عن الحاجة. عن الوحدة. عن اللحظات التي يتشابك فيها الإنسان مع قدره، فيجد نفسه فجأة أمام علاقة لا يعرف هل هي خلاص أم سقوط.ويبقى السؤال الأخير معلّقاً :هل كان كل شيء على ما يُرام فعلًا؟ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاضغط على الرابط التالي لمشاهدة الفيلمhttps://ok.ru/video/3799677798937سينما العالم
مجلة ايليت فوتو ارت


