جورج إليوت .. حكاية امرأة كتبت باسم رجل
كتب محمد فؤاد
تمر اليوم، 22 نوفمبر، ذكرى ميلاد الكاتبة والروائية الإنجليزية مارى آن إيفانس (1819–1880)، التى عرفها العالم باسمها الأدبى الذكورى “جورج إليوت”، إحدى أبرز روائيات العصر الفيكتورى وأعمقهن تناولًا للتحليل النفسى والاجتماعى فى الرواية الحديثة، تدور معظم أحداث أعمالها فى بيئات إنجليزية واقعية، وتمتاز برصد دقيق للتحولات الداخلية للشخصيات وصراعاتها الأخلاقية والفكرية.
لماذا اختارت اسمًا ذكوريًا مستعارًا؟
لم تنشر مارى آن إيفانس رواياتها الأولى باسمها الحقيقي، وإنما لجأت إلى اسم ذكورى هو “جورج إليوت”، رغبةً فى أن تُقرأ أعمالها بوصفها أدبًا جادًا، لا “روايات عاطفية خفيفة” كما كان شائعًا فى النظرة المتحيزة إلى كتابة النساء آنذاك، رغم وجود كاتبات بريطانيات حققن شهرة واسعة فى تلك الفترة. هذا الاختيار كان موقفًا واعيًا ضد الأحكام المسبقة، ومحاولة لضمان أن يُقيَّم النص قبل أن تُدان صاحبه اجتماعيًا.
حكاية الاسم… والحب والفضيحة الاجتماعية
تعرفت مارى آن إيفانس عام 1851 على الفيلسوف والناقد جورج هنرى لويس، الذى كان متزوجًا فى ذلك الوقت، لكن علاقتهما تطورت سريعًا، وفى 1854 قررا أن يعيشان معًا، وسافرا إلى ألمانيا، ثم استقرا فى لندن لاحقًا. هذا القرار وضعهما فى قلب فضيحة اجتماعية فى المجتمع الفيكتورى المحافظ، فكان اختيارها لاسم “جورج إليوت” أيضًا ستارًا يحمى حياتها الخاصة من ضغوط الرأى العام، ويُبعد ترحالات سيرتها الشخصية عن واجهة تلقى أعمالها.
فى عام 1859 نشرت أولى رواياتها الكاملة باسم “جورج إليوت”، وهى “آدم بيد”، التى حققت نجاحًا فوريًا وواسعًا، وأثارت موجة من التكهنات حول هوية “الكاتب” الجديد. ومع توالى الأعمال وتزايد الاهتمام، اضطرت إيفانس بعد فترة إلى الاعتراف بأنها هى نفسها جورج إليوت، وهو الإعلان الذى شكّل صدمة لكثير من القراء، ليس فقط لأن “الكاتب” امرأة، بل أيضًا بسبب تفاصيل حياتها الشخصية غير المألوفة بمعايير زمنها.
أهم الأعمال وإرثها الأدبي
قدمت جورج إليوت عددًا من أهم الروايات فى تاريخ الأدب الإنجليزي، من بينها:
“آدم بيد” Adam Bede
“سايلاس مارنر” Silas Marner
“مدل مارش” Middlemarch
“الطاحونة على نهر فلوس” The Mill on the Floss
“رومولا” Romola
“دانيال ديروندا” Daniel Deronda
كما ترجمت إلى الإنجليزية أعمالًا فلسفية ولاهوتية مهمة، من أبرزها: “حياة السيد المسيح” و**”جوهر المسيحية”**، وقد أسهمت هذه الترجمات فى تعميق خلفيتها الفكرية، وانعكس أثرها على رؤيتها المعقدة للدين والأخلاق فى رواياتها.
رحلت مارى آن إيفانس فى 22 ديسمبر 1880، عن عمر ناهز 61 عامًا، لكنها تركت إرثًا روائيًا يعتبره النقاد حتى اليوم من أكثر ما كُتب نضجًا فى الأدب الإنجليزي، وواحدًا من أبلغ الشواهد على معركة المرأة من أجل أن تُقرأ باعتبارها كاتبة كاملة الأهلية، لا مجرد “استثناء” فى عالم يكتبه الرجال.
******
المصادر ..
موقع اليوم السابع
إيليت فوتو آرت


