يوم ُقدِّم معرض”تصوير فوتوغرافي تجريبي”إبداعات ستة فنانين أمريكيين معاصرين.


تصوير فوتوغرافي تجريبي

يوم ُقدِّم معرض “تصوير فوتوغرافي تجريبي” إبداعات ستة فنانين أمريكيين معاصرين يُعيدون بلورة تاريخ يمتدّ لمئتي عام من التجريب في عالَم التصوير الفوتوغرافي، وذلك عبر طرح أفكار ومقاربات جديدة. تنطوي أساليبهم على الدمج بين الأنظمة الإلكترونية التناظرية القديمة والبرمجيات الرقمية الحديثة والتكنولوجيات الجديدة في مجال الطباعة وعرض الصور. ففي السياق الإبداعي المعاصِر، استحالت الكينونة المادية للصور الفوتوغرافية إلى تجربة متغيّرة على الدوام، بحيث تجاوز نطاقها الأبعاد المحدودة للممارسة الفنية بحد ذاتها، وأصبحت تُبحِر في عوالِم الإنترنت و’سحابة‘ الصور الشبكية. يمنح المعرض منبراً لطيفٍ منوّع من الأصوات الفاعلة والمتمايزة لفنانين يسعون لتحويل وترجمة الصور إلى أعمال ملموسة مُستغلِّين الإمكانيات التجريبية الكامنة في البيئة المحيطة بها.
ففي هذه الحقبة التي تنطوي على مستوى غير مسبوق من الشفافية والتعايش بين المشاهدين والفنانين، يضطلع المصوِّرون المشاركون في هذا المعرض بدور رائد في مقاربة حيوية لفن التصوير الفوتوغرافي تتبنى المفهوم العالمي لالتقاط ونشرالصورة الرقمية الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. كما نتعرّف من خلال أعمالهم على التبعات الفعلية للانخراط في هذه البيئة الإعلامية الجديدة، حيث خضع أصل ونهج وقراءة الصور الفوتوغرافية لتغييرات ثقافية يُمثِّل هذا المعرض دعوة لاستكشاف عوالمها التجريبية.
أشا شِختر
التجربة الفنية التي تنتهجها أشا شِختر متجذرة في ثقافة شبكية متمحورة حول المجتمع المحلي حيث تُعيد الصور تقديم وإنتاج الأنظمة المسيرة التي تحكم العالَم. يتكوّن عملها التجهيزي “الذين بيوتهم من زجاج ♥” من مجموعة أعمال مصنوعة من فينيل مثبَّتة على الجدران وتُجسِّد مقتنيات تبدو مألوفة بشكل غريب وكأنها مأخوذة من الحياة المنزلية وتطفو في فضاء صالة العرض. كلّف الفنان خبراء رقميين بإعداد نماذج لهذه الأشكال التصويرية للحاجيات اليومية بناءً على توجيهاته ودون استخدام كاميرا. ومواطن الخلل الكامنة في هذه النسخ المفترضة من الأشياء الأصلية والتي نتجت بسبب التواصل عبر الإنترنت بين الفنان والخبراء الرقميين، كانت ثمرتها الأخيرة مُنتَجاً يُحاكي الصور الفوتوغرافية في تأرجحها بين الحقيقي والخيالي.
فاليري غرين
تسبر سلسلة “شاشة التوقّف” أغوار ذلك التفاعل القائم بين الافتراضي والملموس. تقوم الفنانة فاليري غرين بالتقاط صور مباشرة لشاشة الحاسوب أو الجهاز اللوحي أو الهاتف الذكي، ومن ثم تُعيد تصوير الصور المطبوعة التي يتم عرضها لاحقاً على طبقات عبر شاشات رقمية. وخلال مراحل مختلفة من معالجتها للصور، تقوم برشّ منظِّف على شاشات هذه الأجهزة. والقطرات التي تتراءى وكأنها بحر من العدسات تؤدي إلى تضخيم وتشويه تفاصيل الصور بحيث تخلق عناصر تجريدية ملوَّنة ونابضة بالحياة معلَّقة في ذلك الفضاء الكامن بين الحقيقي والافتراضي وتتلاقى فيه الصور والنهج والخامات وعلم البصريات.
كيت ستيتشو
تُقدِّم كيت ستيتشو أعمالاً تجهيزية تكسر الأشكال التقليدية للتصوير الفوتوغرافي وتسلّط الضوء على الكيفية التي يمكن من خلالها للحلول الرقمية أن تخلق وسائط ولغة جديدة لالتقاط الصور. تتلاعب الفنانة بالصور مستخدِمة برنامج فوتوشوب لتخلق أشكالاً تجريدية من صور التقطتها بنفسها أو بعدسة آخرين. تَصِفُ الفنانة الصورة بنمط JPEG على أنها “ليست أداة دقيقة، بل تمثِّل سرداً ذاتياً”، وتُسخِّر هذه الإمكانيات والقدرة على التعطيل في إنتاجها الفني. كل الأعمال المعروضة هنا هي جزء من سلسلة “تركيب” التي تستحضر عمليتي تركيب وعرض أعمال فنية من صور رقمية غير ملموسة. والعمل المُعلَّق مكوّن من قصاصات لعدة صور سالبة وموجبة مثل يدين وقُبعات وخطوط متمايلة. وبالنسبة لعملها التجهيزي المنسوج والموجود على الأرض، فيأخذ شكله من الصور الظاهرة على سطحه الخارجي. أما الأعمال الجدارية الخمسة فتُشكّل إيماءات رقمية للفنانة، وهي غنية على مستوى الشكل والمحتوى، وتشمل قصاصات وكولاج متكرر ويتجلى فيها التقلُّب وعدم الترابط في العصر الرقمي بين “الصورة” و”الشيء”.
براندون لاتو
أعمال براندون لاتو الأحدث تقوم على توسيع وإعادة النظر بمفهوم الرؤية الفوتوغرافية. تبنّى الفنان التقنيات الرقمية والتصوير ثلاثي الأبعاد في مرحلة مبكرة ووظّفها كأدوات إبداعية. ويقوم عمله على طمس الحدود الفاصلة بين النظرة البشرية والرؤية الخوارزمية، وكيفية قراءة الصور. ومن خلال عدساته التكنولوجية، تأتي مجسّماته وأعماله الفوتوغرافية لتُعيد صياغة مبادئ الفن الحديث والمعاصر المتعلقة بالشكل. يُقدِّم الفنان في أعماله الثلاثة هنا عرضاً شفافاً متعدد الاتجاهات لأغلفة منتجات جاهزة بألوانها الشبيهة بالفن الشعبي ومقاربتها المباشَرة التي تُشكِّل في الوقت نفسه تضخيماً وانتقاداً للثقافة الاستهلاكية. ويتجلى ذلك بشكل صارخ في عمله “فوتوشوب وفوتوشوب” الذي يُركّز على اثنتين من النسخ الأولى لتغليف برنامج فوتوشوب، والخلل الثقافي والمادي الكامن في تغليف يحمل هوية العلامة التجارية لنظام برمجي أصبح الآن غير موجود على الإطلاق كمنتَج ملموس، بينما تحوّل إلى الأداة القياسية لتحرير الصور الرقمية.
فيكتوريا فو
يوظّف فيديو فيكتوريا فو “تيليفوا” مصدرين للصور والمؤثرات – تناظري ورقمي – بحيث يُقرّب الهوة الفاصلة بين أساليب تظهير الصور القديمة والمعاصِرة. تتضاعف الصور وتستحيل إلى طبقات متعددة لتشوّش فهمنا للمكان ومنظورنا للرؤية، ونتنقّل بين عوالم الحقيقة والتمثيل. تُظهِر الفنانة من خلال عملها الإمكانيات التجريبية الكامنة في تبنّي حال مهجَّنة تجمع بين السرديات التاريخية والمقاربات الحديثة والرقمية للتصوير الفوتوغرافي والسينمائي، فتخلق فضاءً إبداعياً متوسِّع الآفاق. وفي الوقت نفسه، يُعتَبر عمل “تيليفوا” ذو طابع شخصي ومألوف على نحو غريب، وكأننا غارقون في ألوان ومواد وتقطيع الضوء لطبقات منفصلة بينما نتنقّل مع الملفات الحاسوبية ونتشارك الرحلة التجريبية للعمل على امتداد فصول الفيديو.
لوكاس بلالوك
يتبنى لوكاس بلالوك مقاربة فنية فريدة في عالَم التجريب الفوتوغرافي في هذا العصر الرقمي. يتكوّن عمله التجهيزي “صناعة الذكريات” من ستة صور فوتوغرافية طبعها على قماش باستخدام أسلوبه الفريد في إعداد الصور، حيث يتعمّد أن تظهر بوضوح آثار جهوده في الاستوديو وما استخدمه من معدات وتجهيزات وأدوات رقمية. يتم إحياء كل صورة فوتوغرافية من خلال تطبيق رقمي قابِل للتحميل على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية. وتأتي تقنيات الواقع المعزز لتوسِّع نطاق التفاعل مع كل صورة عبر استخدام الصوت والرسوم الحاسوبية ثلاثية الأبعاد وتحريك الصور. ونتيجة المسح الضوئي لسطح كل صورة وحركة المُشاهِد وتغيُّر زاوية الرؤية تتبدَّل تجربتنا مع كل صورة، ويتوسَّع نطاق تفاعلنا ويتعمَّق. يُعتبَر هذا العمل بمثابة تجربة تفاعلية في عالَم الروابط البصرية والخيال والفهم، ويُمثِّل دعوة لنا للتشكيك بما هو حقيقي وخيالي في العالَم من حولنا

أخر المقالات

منكم وإليكم