صناع السينما في الجزائر يؤكدون على دورها الاقتصادي والثقافي.

الجزائر توجه أنظارها نحو النهوض بصناعة السينماماذا لديكم من مفاجآتالجزائر – بدأت الجزائر تعيد النظر في موقع السينما ضمن منظومتها التنموية، باعتبارها أكثر من مجرد تعبير فني، بل صناعة متكاملة قادرة على توليد الثروة وبناء الصورة وتعزيز الحضور الثقافي في الداخل والخارج.ومع تزايد الحديث عن إصلاحات تشريعية، ودعم الإنتاج، واستقطاب الشراكات، توجه الحكومة أنظارها نحو النهوض بهذا القطاع، ساعية إلى تحويل رصيدها التاريخي ومواقعها الطبيعية وتنوعها الثقافي إلى محرك حقيقي لاقتصاد الصورة وقوة ناعمة فاعلة على الساحة الدولية.ويراهن البلد العربي الوحيد الذي فاز بجائزة أوسكار على فيلم ملحمي يتناول قصة بطل مناهض للاستعمار وعلى افتتاح أستوديوهات إنتاج جديدة، لاستعادة مكانته على خارطة السينما العالمية.فيصل مطاوي: إحدى الخطط تشجيع الإنتاج الأجنبي على التصوير في البلادوكشف فيصل مطاوي مستشار الرئيس عبدالمجيد تبون للشؤون الثقافية أن بلاده التي حصدت جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1970 عن فيلم الإثارة السياسي بعنوان “زد” تخطط لـ”إعادة تنظيم تاريخية” للصناعة المحلية.وسيُترجم ذلك إلى المزيد من القصص التي تدور أحداثها في هذه الدولة المعروفة بتمسكها القوي باستقلالها، بما في ذلك فيلم سيرة ذاتية مدعوم من الدولة عن قائد المقاومة في القرن التاسع عشر الأمير عبدالقادر، وفق ما أوردته وكالة بلومبيرغ.وإضافة إلى ذلك، تشجيع الإنتاج الأجنبي على التصوير في البلاد، وفق ما ذكره مطاوي، وهو إعلامي وصحافي بارز على الساحة المحلية، وقد حضر في وقت سابق من ديسمبر الجاري اجتماعاً مع تبون.ولا توجد إحصاءات رسمية واضحة أو أرقام دقيقة منشورة حول حجم سوق صناعة السينما في الجزائر من حيث الإيرادات السنوية أو القيمة الكلية، مثل ما يُنشر للدول المتقدمة أو الدول التي لديها صناعة سينمائية كبيرة.لكن يمكن القول إن السوق صغيرة نسبيًا وناشئة مقارنةً بالأسواق العالمية، فعدد الشركات الإنتاجية يبلغ حوالي 79 شركة، ما يعطي فكرة عن نشاط السوق ولكنه ليس مقياسًا لقيمته المالية.وتبدو هذه الخطوة جريئة من الدولة العضو في أوبك التي يبلغ عدد سكانها 47 مليون نسمة، وتسيطر بإحكام على اقتصادها المعتمد على الطاقة، حيث السياحة الأجنبية محدودة رغم كل المحاولات في السنوات الأخيرة لتنشيطها.وعلى الرغم من ذلك فإن الإنفاق الحكومي في ارتفاع بينما الإيرادات في تراجع، ما يدفع البلاد للبحث عن مصادر دخل جديدة.ويسعى تبون (80 عاماً)، الذي وصل إلى السلطة عام 2019، لتعزيز صورة الجزائر دوليا، بما في ذلك عبر صفقات محتملة للغاز الطبيعي مع شركات الطاقة الأميركية الكبرى. ولكن هناك حالياً خلافات مع المغرب المجاور ومع فرنسا المستعمر السابق.ومن المقرر أن يناقش البرلمان هذا الشهر مشروع قانون يطالب باريس باعتذار رسمي وتعويض عن الحقبة الاستعمارية.وقد ألهم الاحتلال الفرنسي الذي دام أكثر من قرن معظم النجاحات السينمائية الكبرى في الجزائر، بما في ذلك الإنتاج الإيطالي – الجزائري “معركة الجزائر” الذي أُنتج عام 1966، بعد أربع سنوات من الاستقلال.لا توجد إحصاءات رسمية واضحة منشورة حول حجم سوق القطاع في الجزائر من حيث الإيرادات السنوية أو القيمة الكليةوحصد فيلم “وقائع سنين الجمر” الجائزة الكبرى في مهرجان كان عام 1975، لكن مضت عقود منذ أن شهد أكبر بلد أفريقي من حيث المساحة مثل هذا الاعتراف. أما الإنتاج السنوي الحالي من الأفلام، بما في ذلك القصيرة والطويلة والوثائقية، فلا يكاد يتجاوز العشرات.في المقابل كانت مصر مركز صناعة السينما في العالم العربي لما يقرب من قرن، ولا تزال تنتج عشرات الأفلام والمسلسلات سنوياً.أما تونس التي احتضنت تصوير أجزاء من سلسلة “حرب النجوم”، فقد حصلت على ترشيحين للأوسكار منذ عام 2020، وهي تنافس هذا العام بفيلم “صوت هند رجب”، وهو دراما وثائقية مستوحاة من أحداث غزة، وقد أُدرج الثلاثاء في القائمة القصيرة لفئة الفيلم الدولي.وتوقع مطاوي أن يزيل تأسيس المركز الوطني للسينما العام الماضي، وهو منصة موحدة لتصاريح التصوير والتراخيص والتأشيرات وغيرها، البيروقراطية المرهقة التي أعاقت الأعمال.وتتضمن الخطط الطموحة إنشاء مدينة سينما جديدة في العاصمة الجزائرية، تضم أستوديوهات تصوير وخدمات أخرى، مع مشاريع لإنشاء مرافق للمونتاج والمؤثرات الخاصة في تينركوك بالصحراء الجنوبية الغربية.ولم يكشف مطاوي عن تكلفة إعادة هيكلة الصناعة أو مصدر التمويل، لكنه قال إن “الهدف هو إنتاج ما يصل إلى 30 فيلما سنويا في الجزائر”، وهو هدف معقول بالنظر إلى أن 170 مشروعاً حالياً تسعى للحصول على تمويل من وزارة الثقافة.وينظر إلى فيلم الأمير عبدالقادر، الذي قاد آلاف المقاومين في ثورات مسلحة ضد الفرنسيين في ثلاثينات وأربعينات القرن التاسع عشر، كمفتاح لنهضة السينما الجزائرية. وقال مطاوي إنه “مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، ويشكل رمزاً ضخماً”.وأضاف أن فيلم الأمير عبدالقادر “إنتاج كبير، والحكومة الجزائرية مستعدة لتوفير الموارد اللازمة لأننا بحاجة إلى سرد قصص أبطالنا. لن نحسب التكلفة”.وتتطلع السلطات إلى جذب إنتاجات سينمائية دولية. وقد لفت مطاوي إلى اتفاقيات إنتاج مشترك مع دول منها جنوب أفريقيا وكندا وإيطاليا وتركيا، من دون تفاصيل إضافية.وتوجد إمكانات كبيرة، إذ أصبح المغرب المجاور موقعاً مفضلاً لهوليوود لتجسيد دول عربية أخرى، وكذلك أماكن متنوعة مثل فيتنام في فيلم “سباي غيم” والصومال في “بلاك هوك داون” وكينيا في “إنسبشن”.في هذه الأثناء قد يأتي أبرز فيلم جزائري مرتبط بالخارج من المخرج الفرنسي – الجزائري رشيد بوشارب، الذي ترشح فيلماه السابقان “أيام المجد” و”خارج عن القانون” للأوسكار عن فئة الفيلم الدولي.ويعكف بوشارب على إعداد فيلم “رقان”، الذي يتناول موضوعاً مثيراً للجدل حول التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر خلال فترة ستينات القرن الماضي.ومن المقرر أن يبدأ التصوير في سبتمبر 2026 بجنوب البلاد، حسب قول مجلة “فاراييتي” هذا الشهر. وأضاف بوشارب أن “المشروع يحظى بدعم جزائري كامل”.صحيفة العرب

مجلة ايليت فزتو ارت

أخر المقالات

منكم وإليكم