يقدم جان بول سارترلا في كتابه نظرية الانفعال دراسة نفسية تقليدية عن العواطف

📖 نظرية الانفعال – جان بول سارترلا يظهر هذا الكتاب بوصفه دراسة نفسية تقليدية عن العواطف، بل كمحاولة فلسفية دقيقة لإعادة إدراج الانفعال داخل بنية الوجود الإنساني ذاته. فـ جان بول سارتر لا يتعامل مع الانفعال باعتباره اضطرابًا عابرًا أو تشويشًا بلا قانون، بل يراه فعلًا واعيًا، مشحونًا بالدلالة، لا يمكن فهمه إلا داخل الكلّ الذي يسمّيه: الواقع الإنساني.ينطلق سارتر من أفق التحليل الظاهراتي (phénoménologique)، حيث الوعي ليس مرآة سلبية، بل حركة قصديّة تتجه دائمًا نحو العالم. والانفعال، ضمن هذا الأفق، ليس شيئًا يحدث للذات من الخارج، بل طريقة مخصوصة في الوجود-في-العالم (être-au-monde). فالذات لا “تملك” انفعالًا، بل تصير منفعلة، أي تعيد تشكيل علاقتها بالعالم عندما يعجز الفعل العقلاني أو العملي عن الاستمرار. هنا يظهر ما يسمّيه سارتر “قوانين السحر”، حيث يتحوّل العالم، لا عبر تغييره الواقعي، بل عبر تغيير معناه.في هذا السياق، يبرهن الكتاب على مبدأ أساسي: كل فعل واعٍ يدلّ على مجمل الواقع الإنساني الذي ينجزه. فالانفعال، من حيث هو فعل، يشير إلى دلالته، وهذه الدلالة ليست نفسية محضة، بل وجودية. إنّه تعديل شامل لطريقة الكائن الإنساني في التموقع داخل العالم، لا ردّة فعل معزولة، ولا حالة داخلية مغلقة. ولهذا لا يمكن فهم الانفعال بذاته، بل باعتباره تعبيرًا عن توتّر الوجود، وعن لحظة انسداد في أفق الفعل، تُحلّ عبر “سحر” المعنى لا عبر نجاعة الواقع.غير أنّ سارتر لا يكتفي بوصف الانفعال، بل يضع حدود هذا الوصف موضع مساءلة. فهو ينتقد النزعات النفسية التي تفترض مسبقًا فهمًا للجانب العاطفي، ثم تنطلق لتحليل مظاهره، وكأنّ الواقع الإنساني قد أُنجز سلفًا. في مقابل ذلك، يميّز بين اتجاهين: اتجاه تقهقري في علم النفس يعود من الظواهر إلى شروطها، واتجاه اطرادي في الفينومينولوجيا ينطلق من الوعي كما يُعاش. غير أنّ كلا الاتجاهين، في نظره، يبلغان حدودهما عندما يتعلق الأمر بتبرير ضرورة الانفعال، لا مجرد وصفه.فالفينومينولوجيا، وإن استطاعت أن تُظهر الانفعال بوصفه تحقيقًا جوهريًا للواقع الإنساني من حيث هو عاطفة (Affection)، فإنها تعجز عن إثبات أنّ هذا الواقع لا بدّ أن يتمثل في انفعالات بعينها. وهنا يبرز ما يسمّيه سارتر “الاصطناع” (artifice): أي أنّ الانفعالات، حين تُعزل عن سياقها الكلّي، تكشف عن طابع غير طبيعي، مصطنع، يستدعي اللجوء إلى التجربة المنظمة، دون السقوط في اختزال سيكولوجي.هكذا تقف نظرية الانفعال في منطقة توتّر خلاقة بين علم النفس والفلسفة، بين الوصف والتحليل، وبين الفينومينولوجيا والتجربة. إنّه كتاب لا يفسّر الانفعال ليهدّئه، بل يعيده إلى مكانه الحقيقي: بوصفه علامة على هشاشة العلاقة بين الإنسان والعالم، وعلى تلك اللحظة التي ينهار فيها العقل العملي، فيتدخّل المعنى، لا لينقذ الواقع، بل ليعيد ترتيبه سحريًا.🔗 رابط التحميل:تجدونه في أوّل تعليق#جان_بول_سارتر#نظرية_الانفعال#الفلسفة_الوجودية#التحليل_الظاهراتي#الفينومينولوجيا#الوعي#الانفعال#علم_النفس_الفلسفي#الوجود_والعاطفة#كتب_فكرية #مجلة ايليت فوتو ارت.

أخر المقالات

منكم وإليكم