دمشق تودع الكاتب والسينارست احمد حامد.

أحمد حامد.. ذاكرة الشام وصانع أيقوناتها الدراميةكاتبٌ يسكنُ في تفاصيل أعماله الخالدةدمشق – نعت نقابة الفنانين في سوريا الكاتب والسيناريست الكبير أحمد حامد، الذي غيبه الموت إثر معاناة مع المرض عن عمر ناهز الخامسة والسبعين عاماً، مخلفاً وراءه إرثاً درامياً طبع الذاكرة العربية المعاصرة.الراحل، الذي ولد في قرية “بيت سحم” بريف دمشق عام 1950، لم يكن طارئاً على الفن؛ بل صقل أدواته على خشبة المسرح هاوياً، قبل أن يشارك في عروض مفصلية للمسرح القومي، أبرزها “رحلة حنظلة” و”الملك هو الملك”، وهي التجربة التي منحت نصوصه اللاحقة عمقاً وبناءً درامياً متيناً.بدأت رحلته مع التأليف الدرامي حينما تبنى المخرج الراحل حاتم علي نصّه الأول “سفر” عام 1998، ليقدما معاً ملحمة عن واقع دمشق في القرن الثامن عشر. وتوالت النجاحات حتى بلغ ذروتها في مسلسل “الخوالي” (2000)، الذي كرّسه كأحد أهم أعمدة دراما البيئة الشامية، ليتبعه بروائع مثل “ليالي الصالحية”، و”أهل الراية”، و”طوق البنات”. ولم يكتفِ حامد في كتاباته بالرصد الفلكلوري العابر، بل غاص في منظومة القيم السورية، مبرزاً مفاهيم النخوة والمروءة والترابط الأسري.حامد اعتمد في معالجة البيئة الشامية على “البطل الكلاسيكي”؛ الشخصية التي تفيض بالقيم وتنتصر للخير في ذروة الصراعاتسم أسلوبه بمعالجة البيئة الشامية من خلال “البطل الأيقونة”، حيث يمثل بطل حكاياته تطلعات الناس نحو العدل والخير، ورغم الصعوبات التي يواجهها بسبب نقائه، فإنه ينتصر في النهاية ضمن إطار الصراع التقليدي بين الحق والباطل. هذا النفس الكلاسيكي أكسب أعماله جمايرية كاسحة، وتحولت شخصياته إلى نماذج يُحتذى بها في الشارع العربي.ولم ينحصر حضور حامد في زقاق الحارة الشامية فحسب، بل امتد ليشمل أنواعاً درامية أخرى مثل “سكان الأرض زوار” و”رجاها”، محققاً تقديراً نقدياً وجماهيرياً تُوّج بـ “جائزة الإبداع الذهبية” في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل “الخوالي”، بالإضافة إلى نيل نص “ليالي الصالحية” لقب أفضل نص درامي في العديد من الاستفتاءات.ارتبط اسم الراحل بكبار المخرجين الذين حولوا كلماته إلى ملاحم بصرية، وفي مقدمتهم بسام الملا؛ حيث شكلا “ثنائياً ذهبياً” أنتج روائع لا تزال الشاشات تحتفي بها. كما تعاون مع علاء الدين كوكش، وأحمد إبراهيم أحمد، وناجي طعمي، في شراكات تجاوزت البعد المهني لتصبح مختبراً فنياً طوّر من خلاله حامد أدوات “الحكواتي” لتناسب لغة السينما والتلفزيون.ورغم أن المرض أثر على نشاطه في سنواته الأخيرة، إلا أنه ظل وفياً لقلمه حتى عمله الأخير “ماما عناية” (2022). وبرحيله، تفتقد الساحة الفنية حكواتياً معاصراً استطاع تحويل عبق الياسمين وحجارة الحارات القديمة إلى وثيقة إنسانية تجمع بين بساطة الحكاية وعمق الهوية.صحيفة العرب مجلة ايليت فوتو ارت


أحمد حامد.. ذاكرة الشام وصانع أيقوناتها الدرامية

كاتبٌ يسكنُ في تفاصيل أعماله الخالدة
دمشق – نعت نقابة الفنانين في سوريا الكاتب والسيناريست الكبير أحمد حامد، الذي غيبه الموت إثر معاناة مع المرض عن عمر ناهز الخامسة والسبعين عاماً، مخلفاً وراءه إرثاً درامياً طبع الذاكرة العربية المعاصرة.
الراحل، الذي ولد في قرية “بيت سحم” بريف دمشق عام 1950، لم يكن طارئاً على الفن؛ بل صقل أدواته على خشبة المسرح هاوياً، قبل أن يشارك في عروض مفصلية للمسرح القومي، أبرزها “رحلة حنظلة” و”الملك هو الملك”، وهي التجربة التي منحت نصوصه اللاحقة عمقاً وبناءً درامياً متيناً.
بدأت رحلته مع التأليف الدرامي حينما تبنى المخرج الراحل حاتم علي نصّه الأول “سفر” عام 1998، ليقدما معاً ملحمة عن واقع دمشق في القرن الثامن عشر. وتوالت النجاحات حتى بلغ ذروتها في مسلسل “الخوالي” (2000)، الذي كرّسه كأحد أهم أعمدة دراما البيئة الشامية، ليتبعه بروائع مثل “ليالي الصالحية”، و”أهل الراية”، و”طوق البنات”. ولم يكتفِ حامد في كتاباته بالرصد الفلكلوري العابر، بل غاص في منظومة القيم السورية، مبرزاً مفاهيم النخوة والمروءة والترابط الأسري.
حامد اعتمد في معالجة البيئة الشامية على “البطل الكلاسيكي”؛ الشخصية التي تفيض بالقيم وتنتصر للخير في ذروة الصراع
اتسم أسلوبه بمعالجة البيئة الشامية من خلال “البطل الأيقونة”، حيث يمثل بطل حكاياته تطلعات الناس نحو العدل والخير، ورغم الصعوبات التي يواجهها بسبب نقائه، فإنه ينتصر في النهاية ضمن إطار الصراع التقليدي بين الحق والباطل. هذا النفس الكلاسيكي أكسب أعماله جمايرية كاسحة، وتحولت شخصياته إلى نماذج يُحتذى بها في الشارع العربي.
ولم ينحصر حضور حامد في زقاق الحارة الشامية فحسب، بل امتد ليشمل أنواعاً درامية أخرى مثل “سكان الأرض زوار” و”رجاها”، محققاً تقديراً نقدياً وجماهيرياً تُوّج بـ “جائزة الإبداع الذهبية” في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل “الخوالي”، بالإضافة إلى نيل نص “ليالي الصالحية” لقب أفضل نص درامي في العديد من الاستفتاءات.
ارتبط اسم الراحل بكبار المخرجين الذين حولوا كلماته إلى ملاحم بصرية، وفي مقدمتهم بسام الملا؛ حيث شكلا “ثنائياً ذهبياً” أنتج روائع لا تزال الشاشات تحتفي بها. كما تعاون مع علاء الدين كوكش، وأحمد إبراهيم أحمد، وناجي طعمي، في شراكات تجاوزت البعد المهني لتصبح مختبراً فنياً طوّر من خلاله حامد أدوات “الحكواتي” لتناسب لغة السينما والتلفزيون.
ورغم أن المرض أثر على نشاطه في سنواته الأخيرة، إلا أنه ظل وفياً لقلمه حتى عمله الأخير “ماما عناية” (2022). وبرحيله، تفتقد الساحة الفنية حكواتياً معاصراً استطاع تحويل عبق الياسمين وحجارة الحارات القديمة إلى وثيقة إنسانية تجمع بين بساطة الحكاية وعمق الهوية.
صحيفة العرب
مجلة ايليت فوتو ارت

أخر المقالات

منكم وإليكم