قوى وآفاق (تأملات في الطبيعة الإنسانية والنظام الاجتماعي) – نعوم تشومسكيفي هذا الكتاب تتقاطع مسارات نعوم تشومسكي على نحوٍ كاشف: العالِم الذي أعاد رسم خريطة اللسانيات الحديثة، والمفكّر الذي لم يتردّد يومًا في خوض معركة النقد السياسي والأخلاقي ضد منظومات القوة والهيمنة. قوى وآفاق ليس مجرد تجميع مقالات، بل لوحة فكرية متماسكة تكشف أن ما يبدو انفصالًا بين اللغة والسياسة، بين العلم والنضال، ليس سوى وهمٍ منهجي.ينطلق تشومسكي من موقعه المعروف ناقدًا شرسًا للسياسات الأميركية، الداخلية والخارجية، ومن موقفه الواضح في نقد السياسات الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية. في الفصل الأول، يحتلّ هذا الملف مركز الصدارة، حيث لا يكتفي بالتشخيص، بل يذهب إلى اقتراح حلّ سياسي جذري يقوم على دولة ديمقراطية ذات قوميتين، في تحدٍّ مباشر للسرديات السائدة وللغة القوة التي تحكم النقاش العالمي حول فلسطين.وحين ينتقل الكتاب إلى قضايا أخرى—تيمور الشرقية، هايتي، إندونيسيا، فيتنام، البرازيل—لا تتغيّر زاوية النظر، بل تتعمّق. فالموضوع الحقيقي، كما يكشف تشومسكي، ليس تعدّد الأمثلة بل وحدة البنية: سياسات الأقوياء، تحالف رأس المال مع السلطة، دور وسائل الإعلام في صناعة القبول، وتواطؤ فئات من المثقفين في تبرير العنف وانتهاك حقوق الإنسان، خصوصًا حين تصدر هذه الانتهاكات عن الولايات المتحدة أو حلفائها.غير أن ما يمنح الكتاب ثقله الفلسفي الخاص هو عودته، في فصوله الأخيرة، إلى سؤال الإنسان ذاته. هنا يستعيد تشومسكي مشروعه اللساني من زاوية أنثروبولوجية وفلسفية أوسع، فيطرح فكرتين مركزيتين: الأولى أن اللغات الإنسانية، رغم تنوّعها الظاهري، تشترك في بنية دلالية عميقة، وربما صرفية أيضًا، ما يحيل إلى وحدة الإنسان بوصفه كائنًا بيولوجيًا ذا عقل واحد. والثانية أن الظواهر العقلية—اللغة، الفكر، الوعي—ينبغي أن تُدرَس بالمناهج نفسها التي ندرس بها الطبيعة، لا بوصفها معجزات غامضة، بل بوصفها محكومة بفطرة إنسانية لها أساسها في التكوين الوراثي.بهذا المعنى، يرفض تشومسكي الثنائية التقليدية التي تفصل بين العلوم الطبيعية وعلوم العقل، ويقترح رؤية توحيدية تجعل من اللغة جسرًا بين البيولوجيا والفلسفة، وبين العلم والسياسة. فاللساني هنا ليس محايدًا، كما أن المناضل السياسي ليس منفصلًا عن تصوّرٍ عميق للطبيعة الإنسانية.قوى وآفاق هو كتاب عن الترابط الخفي بين المعرفة والمسؤولية، عن كيف يمكن لفهم الإنسان أن يتحوّل إلى موقف أخلاقي، وكيف يصبح النقد السياسي امتدادًا طبيعيًا لنظرية في اللغة والعقل. إنه نصّ يدعو القارئ إلى التفكير في العالم لا كما يُقدَّم له، بل كما يُصنَع: بالقوة، بالكلمة، وبما نقرّر أن نقوله أو نصمت عنه.🔗 رابط تحميل الكتاب تجدونه في أول تعليق.#نعوم_تشومسكي #قوى_وآفاق #الفكر_السياسي #اللسانيات #نقد_الهيمنة #الطبيعة_الإنسانية #اللغة_والعقل #صفحة_الفلسفة_كنمط_للعيش
مجلة ايليت فوتو ارت

